وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

من تحت العلم الأزرق بالمخيم الى عاصمته

نشر بتاريخ: 13/11/2022 ( آخر تحديث: 13/11/2022 الساعة: 11:04 )
من تحت العلم الأزرق بالمخيم الى عاصمته



كتب: محمد اللحام
منذ تبلور الوعي لدي حول الألوان كان العلم الازرق هو الوحيد الذي اراه من حولي وخاصة على مقرات تابعة للامم المتحدة داخل المخيم.
لقد عرفته قبل ان اعرف علم فلسطين دون ادراك حقيقي لما يحمل ذاك العلم من ظلم اكثر من كونه عدالة او مساعدة او إغاثة.
لم اتخيل يوما ان اجلس في المقر الرئيس للعلم الأزرق وامثل قضيتي في مواجهة مفتوحة مع عالم تحكمه انظمة ظالمة وقوانين بعين واحدة .
بالرغم من هذه السوداوية اتجاه هذه المنظمة الا انني وجدت نفسي جالسا هناك.
عملنا لسنوات في سبيل إيصال قضية جرائم الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين الى المحافل الدولية ووصل الامر ذروته بأثمان كبيرة مع عشرات الشهداء الصحفيين كان آخرهم شيرين وغفران ومرتجى وابو حسين وسبقهم العشرات امثال دروزة وعاهد ودعنا والقائمة تطول.
وصلنا وزميلي نقيب الصحفيين ناصر ابو بكر والزميل علي الصمودي ولينا ابنة شقيق المرحومة شيرين ابو عاقلة لمقر العلم الازرق في جنيف ومخصص لنا حوالي الساعتين حديثا ونقاشا.
تقريبا 20 دقيقة مطلوب منك كرئيس لجنة الحريات بالنقابة ان توصل الفكرة .
اذا فرصة ان تنتقل من العلم الازرق فوق مقراتها بالمخيم الى عاصمة العلم وتحاول ان تتعامل مع الامر انها منصة مهمة وخطيرة ودقيقة ومحورية.
20 دقيقة مطلوب فيها منهجية تقديم لا تعتمد على الانشاء اللغوي او العاطفي او الانساني بل على لغة البيانات والأدلة والقوانين والحقائق والصور والأرقام.
ولكن كيف تجعل تلك الارقام بحرارة واقع اثرها وما تجيش به من دماء ودموع واحلام واوجاع؟.
هذا السؤال الكبير احتاج حقيقة لجهد كبير واعصاب متوترة بفعل التعامل مع الامر كاختبار مصيري في حياة شخصية ومهنية ووطنية لما يحمل الملف من دلالات ولما لهذه الجلسة من ارتدادات.
عملنا بالنقابة بمنهجية الفريق ونحن على اعتاب اعلى مؤسسة كونية وفرصة امتطاء المنصة ولو لدقائق تحتم ان لا خيار سوى النجاح.
تم توزيع مسارات الخطة العملية بمنهجية تكامل الأدوار في دائرة الهدف الواحد حيث يقدم الزميل ابو بكر كافة البيانات الموثقة بمراجع ومستندات ذات علاقة بتفنيد رواية جيش الاحتلال حول اغتيال شيرين ابو عاقلة وتبيان كافة القوانين والقرارات الصادرة عن الهيئات الاممية والمراجع الدولية وصولا لادانات دامغة بجريمة الاحتلال بحق ابو عاقلة كنموذج لجرائم الاحتلال بحق الحالة الصحفية الفلسطينية والتي هي تعبير مكثف عن عموم جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
فيما ذهبت كمختص بملف الحريات الى سياق الارقام والاحصائيات ذات العلاقة بجرائم واعتداءات وانتهاكات منظومة الاحتلال بحق الصحفيين مع ضخ جملة من الصور ذات الدلالة ووقائع دامغة على تلك الافعال والآثار المترتبة عليها.
كنت استمع للزميل ابو بكر وعيوني تتفحص ليس لجنة التحقيق فحسب بل أحاول قراءة وجوه الحضور لترجمة تغذية راجعة للفعل الذي نقوم به .
حتى عند بداية طرح الأسئلة من اللجنة ازداد خفقان القلب حول اي اناس هؤلاء ومع من؟ الأسئلة ستكشف اكثر رغم انهم فقهاء وخبراء كبار في القانون والسياسة.
مرت الأسئلة ووفقنا باستحضار الإجابات مدعومة بالوثائق التي كنا قد جهزناها في محضر توقعاتنا لسير التحقيق وطبيعة الاسئلة وادعي ان التناغم كان مثاليا بيني والزميل ابو بكر ومتقاطعا بشكل كامل مع رواية لينا وعلي وشذى.
حوالي عشرة ساعات ما بين دخولنا وخروجنا من عاصمة العلم الأزرق احتاجت لحوالي عشرة أعوام من العمل وعشرات الشهداء والجرحى والاسرى من الصحفيين مما تطلب ان تزاوج ما بين كل خبراتك ومعارفك ومهاراتك اللغوية وابحاثك ومراجعك في سبيل تطويعها في مضمار رغم ضيقه وجب النفاذ منه حيث للصرخة ان تصل.
نعم تلك الصرخة مهمة ولها موجات لم تستكمل بعد وتبقى الارتدادات في حكم المجهول حتى اللحظة.
على امل ان لا يضيع هذا الجهد الجمعي لما لنا كشعب من تجارب مع ما في العلم الازرق من ظلم.

من تحت العلم الأزرق بالمخيم الى عاصمته
من تحت العلم الأزرق بالمخيم الى عاصمته