وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لم يفاجئوننا كثيرا في انتخابات الكنيست لكننا سوف نفاجئهم في انتخاباتنا

نشر بتاريخ: 29/11/2022 ( آخر تحديث: 29/11/2022 الساعة: 11:53 )
لم يفاجئوننا كثيرا في انتخابات الكنيست لكننا سوف نفاجئهم في انتخاباتنا

الانتقام المباشر والسريع رد فعل سطحي وبسيط يخلو من العمق وينقصه التخطيط الاستراتيجي. ولكن الرد على الاتجاه باتجاه مغاير ومختلف، يدل على عمق التغير وصعوبة العودة الى ما قبل.

في 2008 زرع اليمين الصهيوني بقيادة نتانياهو فكرة (لا ضرورة للبحث عن حل سياسي للقضية الفلسطينية). وكانت نتائج الانتخابات الأخيرة للكنيست اهم ثمرة من ثماره الشيطانية.

في العام 2008 كان من الصعب العثور على مواطن فلسطيني لا يقبل بحل الصراع سياسيا. ولكن اليوم وبعد هذه السنوات صار من شبه المستحيل العثور على فلسطيني يصدّق انه بالإمكان التوصل لحل سياسي مع اليمين الصهيوني العنصري الجديد. ولو وجدت هذا المواطن فانه سوف يخجل من البوح بهذه الفكرة ويخفيها حتى لا يتعرض للسخرية والاستهزاء .

ماكينة إعلامية عالمية أمريكية غربية عملت على زرع فكرة الإحباط السياسي في قلب الفلسطينيين. شارك فيها وزراء أمريكيون وسفراء وحكومات، وصولا للرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الأمريكي بايدين .

وقد يكون هذا هو الوقت المناسب للاعتراف بان المخطط الأمريكي – الصهيوني قد نجح فعلا. وتم القضاء على فكرة الحل السلمي السياسي بشكل كامل . ولا بد من الاعتراف بان القيادة السياسية الفلسطينية التي تنادي بحل سياسي سلمي مع الاحتلال لم تعد تمثّل الا نفسها وان الجماهير الفلسطينية في الداخل وفي الخارج سوف تستبدل هذه القيادات في اول فرصة انتخابية، لندخل الى المرحلة الجديدة التي خطط لها وتمناها نتانياهو وكوشنير والسفير الأمريكي فريدمان وقادة البيت الأبيض .

وبما ان الشعب الفلسطيني لم يكن مخيّرا بكل حال. يمكننا ان نكفّ عن لوم أنفسنا، أو جلد ذاتنا. وندخل الى المرحلة الجديدة بنفوس راضية وقبول تام.

خسائر الفلسطينيين مما حدث كبيرة وهي خسائر في الأرواح والممتلكات والأراضي وسنوات العمر التي تضيع تحت حكم احتلال عسكري دموي سافل .

اما خسارة إسرائيل فسوف تكون استراتيجية كاملة. خسارة أجيال قادمة لا تؤمن الا بزوال إسرائيل عن الوجود وسحب الاعتراف بها، والدعوة الى مطاردتها في جميع المحافل الدولية .

خسارة إسرائيل انها سوف تبحث بعد سنوات عن مفاوض فلسطيني لتتنازل له فلا تجده. وكما بحث رابين في الانتفاضة الأولى عن مفاوضين في الأرض المحتلة ولم يجد، وقال له الجميع اذهب وفاوض عرفات سيأتي ذلك اليوم الذي تقول فيه جماهير الأرض المحتلة للجنرال التالي (اذهب وابحث عن مفاوض باسمنا في شوارع الباكستان وفي صعيد مصر وفي ارياف دمشق وعند حزب الله وفي جبال طورا بورا وفي صحراء سيناء) وربما تعثر عليه .

سوف تبحث إسرائيل عن المفاوض القادم في الفنادق الفخمة، وفي الخنادق الرطبة من كثرة الدماء. ولن تجده. سوف تبحث عنه في زنازين نفحة وباقي السجون دون جدوى .

سنوات حكم نتانياهو وعصابات الفصل العنصري سوف تمر مهما كانت ثقيلة. سوف تمر بكل همومها وقسوتها .

وبعد سنوات .. سوف يبحث السحرة والمنجمون في محافل الصهيونية عن قائد فلسطيني يوافق على مفاوضتهم ضمن الشروط السابقة. وان نعود الى العام 2008 ونتحدث عن افاق السلام والانسحاب من باحات المسجد الأقصى ومن مخيمات جنين وبلاطة والامعري وطولكرم والعروب والفوار وعايدة وبيت جبرين والدهيشة .

لكنهم لن يجدوا سوى فلسطينيين ولدوا بعد العام 2008 يفاوضونهم للخروج من يافا وعكا وحيفا وعسقلان .

في كثير من الأحيان يصاب السياسيون بحالة (الانكار)، وقد تجد سياسيين فلسطينيين أكثر من الإسرائيليين لا يزالون يعتبرون مرحلة المفاوضات السابقة هي مرحلة ذهبية. وبالفعل هي كانت ذهبية بالنسبة لهم شخصيا. ولا يعني انها لم تنته، ولم تنقض .