وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تسريبات حسين الشيخ .. من يأخذنا الى مربع ما بعد أبو مازن؟ ولماذا؟

نشر بتاريخ: 28/12/2022 ( آخر تحديث: 28/12/2022 الساعة: 11:24 )
تسريبات حسين الشيخ .. من يأخذنا الى مربع ما بعد أبو مازن؟ ولماذا؟



القيادة الوطنية هي رؤية واضحة للوصول الى غايات محددة بأدوات محددة وفي فترة زمنية محددة. يرافقها آليات لتنظيم العمل والنجاح فيه بشرط ان يكون هذا النجاح للمصلحة العامة ولمصلحة الوطن. ولم تكن القيادة، ولن تكون لمصلحة شخصية، او مهارات التخلص من المنافسين وهذه تحدث في جميع أحزاب وقيادات العالم أثناء العمل ولكنها لا تصبح غاية بحد ذاتها .


مؤخرا أرهق الجمهور الفلسطينيين بكثرة التسريبات التي تنشر. بعضها كان صادما وبعضها كان متوقعا. حتى يمكن القول ان تسريبات لجنة التحقيق بوفاة الزعيم عرفات صارت هي (ويكليكس فلسطين) لما حملته من إفادات وشهادات على لسان معظم القادة.

ولو استمرينا على هذا الحال يمكن ان نصل الى مرحلة التسريب المتعمد، ويمكن حينها لكل قائد يأن قوم بتسريبات عن نفسه لتحقيق غاية صغيرة هنا او احراج أصغر لمنافسيه هناك.
اولا: استمعت الى التسريب المنسوب لحسين الشيخ وحتى لو كان القص واللصق واضح وجلي في هذه التسريبات، فقد قررت ان اسلك الدرب الاسهل والاقصر، وان أعتبر ان جميع التسريبات حقيقية ولم تخضع للتلاعب ولا للفبركة. فماذا يعني؟
وهل تسقط السماء على الأرض اذا انتقد فلان الرئيس؟ او اذا انتقد القائد فلان منافسه فلان؟
في الظروف الاعتيادية وجب أن يكون هذا الكلام في كل برلمان وفي كل حكومة وداخل كل تنظيم وفي كل مرة، بلا غضاضة ولا تحامل. فهذا هو دور القيادات ان تنتقد وان تواصل الانتقاد.
ويفترض ان هذه امور عادية جدا وتحدث في جميع التنظيمات ونسمعها نحن معشر الصحفيين كل يوم من جميع القادة وفي جميع التنظيمات. ولا ينصدم منها سوى المبتدئين.
في الصحافة هناك وضع يسمى ( اوف ذا ريكورد) وفيه مكاشفات واسرار لا يريد صاحبها ان تنشر. فلا تنشر .
وحين يطلب منك المسؤول ان توقف التسجيل وتنتقل الى وضع ممنوع من النشر عليك ان تلتزم. وقد سمعنا ونسمع في هذه الجلسات العجب.
ثانيا: كل هذا عادي جدا ومتوقع. نحن شعب لا نخاف من الكلام المباح. وننتقد اي قائد واي تنظيم وأي مسؤول. وبالمناسبة سنواصل ذلك ولا نفكر ان نتوب عن هذا "الذنب". وعلى الزعماء والقادة ان يتوقعوا ذلك منا على الدوام. وان يتوبوا هم عن الاخطاء وليس ان نتوب نحن عن انتقادهم.

ثالثا: أما حين ينتقد القادة بعضهم، ويشتمون افعالهم. فهذا يبدو ممتعا ومسليا للمواطن، ويحفّز النقد ويجعل الامور اكثر " أكشن". لانهم أقدر وأكثر معرفة بخبايا واسرار العمل .
رابعا: في عصر الهواتف الذكية وتطور تكنولوجيا النانو. لم يعد هناك اسرار يمكن ان نخفيها. حتى المخابرات الامريكية سي اي ايه انفضحت اسرارها حين قام اسيانج بنشرها عبر موقع ويكليكس.
خامسا: نحن شعب تحت الاحتلال. ولدينا سلطة ليست تسيطر على السيادة. ولدينا تنظيمات مستهدفة من أقوى أجهزة التجسس.
سادسا: ينشغل الاسرائيليون منذ سنوات في سيناريو (ما بعد ابو مازن). كما انشغلوا قبلها في سيناريو (بعد ياسر عرفات). وسوف ينشغلون دائما بمعرفة من يخلف الصف الاول من القادة وفي جميع التنظيمات. واذا كانت هذه مشكلة الامن الاسرائيلي فليس يفترض ان تكون مشكلتنا نحن.
سابعا وأخيرا: ليس الامر ان إسرائيل تخطط وتدرس مرحلة ما بعد أبو مازن. وانما السؤال الموجه لنا ذاتيا. هل قمنا بترتيب البيت الداخلي بحيث نضمن انتقالا سلسا للحكم وبشكل ديمقراطي وتنظيمي صحيح؟ وهل اسسنا لقانون لا يترك مجالا للفهلوة الاستعراضية ويضمن للمؤسسات مواصلة القيام بدورها ام اننا سوف نقع في مربع الإسرائيليين الذي يتحدثون عنه؟

الان وحين يقوم العالم كلّه باتهام حكومة الاحتلال انها عنصرية ومتطرفة تحاول إسرائيل الانتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم. وان يصبح كل قائد فلسطيني يبحث عن طريقة لنجاته من التسريبات او الاعتقالات او الاغتيالات.

نشرنا قبل أيام تقرير جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمّان" وكيف يخططون لنشر الفوضى في الضفة الغربية وهدم كل المشروع الوطني بحجة ان حماس تخطط للسيطرة على الضفة الغربية. على اعتبار ان إسرائيل تركت تجربة غزة تنجح، أو أنهم رفعوا الحصار عن القطاع أو كأنهم سمحوا لغزة ان تكون نموذج لسنغافورة!! وتناسوا أنهم جعلوا من غزة اكبر سجن في العالم .