وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المقاومة السلمية لم تفشل .. لكنها لم تجد من يقودها

نشر بتاريخ: 29/01/2023 ( آخر تحديث: 29/01/2023 الساعة: 11:51 )
المقاومة السلمية لم تفشل .. لكنها لم تجد من يقودها

امام الشعب الفلسطيني خيارات محدودة جدا . ولربما تتلخص في كلمة واحدة وهي ( المقاومة ) . وللمقاومة اشكال عديدة وكثيرة ، باعتبارها انضواء حرا. هناك مقاومة مسلحة وقد مارسها فدائيو الشعب الفلسطيني طوال مئة عام وأكثر ، وهناك المقاومة الشعبية التي يمكن تلخيصها بمصطلح " انتفاضة " وقد نفذها الشعب بكافة قطاعاته أكثر من مرة وبشكل أذهل العالم . وهناك المقاومة السلمية المنظمة التي دعمها الراحل فيصل الحسيني وبدأ بتنظيمها د مبارك عوض في القدس نهاية الثمانينيات ، ولكن الاحتلال قمعه وقام بنفيه الى الولايات المتحدة الامريكية ، فأدرك الجمهور حينها ان قمع الاحتلال للمقاومة السلمية ومسيرات الشموع والتظاهرات الصامتة من دون رشق حجارة ، لا يقل عن قمعه للتظاهرات الشديدة التي كانت تنتشر أكثر وأكثر .

وفي تاريخنا ان الحكم العسكري العنصري يعتقل ويطارد دعاة السلام وأساتذة الجامعات ورجال الدين والرهبان ، مثلما يعتقل ويطارد دعاة الكفاح المسلح ، وهو لا يستثنيهم من قائمة العقوبات العنصرية لديه .

ومن خلال تجارب الشعوب الأخرى وقادة النضال العالمي ، لا بد وأن نقف عند بعض مواصفات قادة المقاومة السلمية :

قادة المقاومة السلمية لا يفاوضون ولا يتنازلون ولا يبحثون عن حل وسط ولا يحملون بطاقات في أي بي " للشخصيات المهمة ورجال الاعمال . ومسيرة غاندي في الهند تدل على ان مفاوضاته مع الاحتلال الإنجليزي كانت درسا ملهما في التاريخ . وحتى حين تم استدعاءه الى لندن للتفاوض ، أخذ معه عنزة ليشرب من حليبها لان الشعب الهندي كان يقاطع منتجات الالبان الإنجليزية .
قادة المقاومة السلمية لا ينفصلون عن الجماهير ولا يعيشون في منازل جميلة وراقية ، ولا يسيرون بموكب مع حراسة مشددة . وانما يعيشون وسط الناس ومثل الناس ولا يتغيّر مستواهم المعيشي .ومثال على ذلك الراهب مارتن لوثر كنغ الذي غيّر وجه التاريخ في أمريكا دون ان يحمل بيده مسدسا او حتى عصاة .
قادة المقاومة السلمية لا ينكسرون مهما بلغت التضحيات لانهم وصلوا الى مرحلة الايمان المطلق بالفكرة . وحين كان نلسون مانديلا في زنزانة في جزيرة روبن ايلاند داخل جزيرة بالمحيط ، وحين كان رئيسا للدولة . ظلّ يحمل نفس الأفكار ونفس السلوكيات ونفس المواقف الداعمة للحرية .
قادة المقاومة السلمية مسالمين في الأدوات ، ولكنهم ثائرون بالأفكار والرؤية ، وعنيفون تجاه انفسهم اذا ما سوّلت لهم نفسهم ان تنحرف عن مسار النضال والتحرر .
قادة المقاومة السلمية رموز وطنية كبيرة ولهم تاريخ نضالي مشرّف ودفعوا أثمانا باهظة في النضال ، ووهبوا حياتهم للنصر . وليسوا من وكلاء السفارات الغربية ويحملون جوازات سفر اجنبية ويسافرون الى منتجعات الاستجمام ويتركون مخيمات اللاجئين تناضل نيابة عنهم .
صار لزاما ان نفكر أكثر في شكل حماية شبان فلسطين الذين يتم اعدامهم كل يوم في شوارع فلسطين . فقد سقطت الكثير من الشعارات وسقط الكثير من القادة في الامتحان الأخلاقي للثورة .
كم يحزنني الاستماع الى قيادات منفصلة عن الواقع لا تملك من صفقات القائد الوطني سوى المسمى الوظيفي . هم في المسمى الوظيفي قادة ولكنهم في الواقع مجرد محللين ومراقبين يظهرون لنا على جميع شاشات التلفزيون ليشرحوا لنا لماذا يجب ان يموتوا اولادنا !!!