وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نابلس وشقيقاتها: من يتحمل المسؤولية؟

نشر بتاريخ: 04/03/2023 ( آخر تحديث: 04/03/2023 الساعة: 20:17 )
نابلس وشقيقاتها: من يتحمل المسؤولية؟



فشل إسرائيلي أمني وعسكري.
وفشل سياسي إسرائيلي أكثر منه.
ونجاح واحد فقط: ارتكاب مجزرة.
باختصار، فإن تسلل القوات الخاصة أصلا لاعتقال (مطلوبين) كان تخطيطا فاشلا، فالمعروف أن الشباب عادة لا يستسلمون، كما أن فترة الاقتحام مهما كانت سريعة، فإنها لا تضمن وقوع مواجهات، وفي ظل وجود المدنيين في المحيط، فإنه ليس هناك ضمان بعدم وقوع حالات قتل وإصابات خطيرة، خاصة في ظل اعتياد استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الاحتلال، إذن من يتحمل فعلا مسؤولية الفشل؟ ومن يتحمل مسؤولية ارتكاب أفعال القتل وإطلاق النار على المدنيين؟
لن يتحمل الساسة في إسرائيل المسؤولية، ولن يفعلوا ذلك، فمن المفروض أن يتحمل المسؤولية في ظل وقوع جرائم منظمة رسمية، في ظل حرص المشرع الدولي على حماية المدنيين؟ وإلام الصمت الدولي المشين؟
أما من يخالط السياسيين في إسرائيل، أليس لديهم ما يقولونه؟ اليس في فعل القتل مجالا للنقد والتوبيخ بل والسخرية من جيش مدجج يسطو على أمن مدينة ويقتل بدم بارد، تاركها تغرق في الدم والدموع والسواد؟
يبدو أنه للأسف، ليس هناك من يرغب بفعل ما يخفف من فتيل الاشتعال، في سياق فعل سياسي، في ظل حكومة إسرائيلية إشكالية، بعيدة عن حكمة الفعل السياسي، وقريبة من جريمة الدولة المنظمة، فليس هذا الاستشراس الا تأكيدا على الغرور. وهكذا فقد استفردت سلطات الاحتلال المدججة بالسلاح بالشعب الفلسطيني، حيث أن حصيلة عمليات القتل والإصابات، تدل على أن الفعل الاحتلالي لا يقف عند رد فعل تجاه مسلحين، بقدر ما هو حرب على شعبنا.
تتضمن مسؤولية الاحتلال البحث الجاد عن حل سياسي، فليست مجموعات الشباب المسلحين ذات بعد أحادي، لا تراه إسرائيل الا منه، بل تمثل ظاهرة الشباب أثر الاحتلال عليهم، ولا حل حقيقي الا الحل السياسي، لأن القمع مهما كان قاسيا، فلن يحل المشكلة؛ لأن معظم عمليات جيش الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني، كانت تجلب تحديات جديدة، بل وزيادة إقبال الشباب على مجموعات الشباب.
في خطوة خطيرة، استعراضية وترهيبية، تلت خطوات قبلها، تؤكد سلطات الاحتلال على العقاب، طالبة بشكل صريح ليس استسلام المجموعة النابلسية، بل استسلام شعبنا.
وفي ظل ذلك، يبرز دور العالم: الدول الكبرى والمؤسسات الدولية والإقليمية في المبادرة بالتوسط السياسي، وربط أية تهدئة بالفعل السياسي.
هنا تصبح الدبلوماسية الظاهرة، ودبلوماسية وراء الكواليس، أمرا ضروريا، فليس الفعل المادي حلا، بل يدخل فقط في تتابع ردود الفعل.
كان من المهم منح الأمل حظا بدل القضاء على الأمل؛ فلون الدم الأحمر القاني، هو إشارة حقيقية لا بالاستمرار بها، بل لتحويلها من اللون الأخضر الى اللون الأحمر.
تزهد الدول الكبرى بحل قضية فلسطين، وكل ما تود بذله، هو التهدئة غير ذات معنى، بما ينسجم مع ما تفعله إسرائيل من إدارة النزاع.
النتيجة هي الفعل الشبابي، محاولة للتأكيد على رفض الاستسلام، والتأكيد على الحقوق السياسية والطبيعية.
ليست الحالة اليوم، حالة عسكرية أو أمنية أبدا، لأن هذه مجرد توصيفات الطرف المحتل، الذي بلغ من الغرور أن يتوقع قبول الشعب الفلسطيني بما تعرضه دولة الاحتلال على شعبنا. أي أن يصبح الشعب داعما للمستعمر في استعماره.
مرّت شهور والحال هو الحال، ولا يبدو أن دولة الاحتلال، وليس فقط حكومة نتنياهو فقط، عازمة على فعل سياسي، بمعنى ان إسرائيل تمارس القمع الاحتلالي، معتمدة على سياسة الترهيب.
فهل حقا تمضي إسرائيل في هذا الطريق، بمبرر الدفاع!؟
لقد تناست إسرائيل أمر احتلالها، ليكون الرد من القدس المحتلة، بشكل خاص، بتنظيم إضراب شمل البلدة القديمة داخل السور، والأحياء خارج السور، لعل دولة الاحتلال، تعرف انها لم ولن تكون مرجعية، ولا سيدة، بل في كل يوم يتعمق لدى الجميع أمر واحد: إسرائيل دولة محتلة.
كيف تسول إسرائيل لنفسها، كدولة احتلال، أن تواصل ارتكاب عمليات قتل، لا لقتل الجسد والروح، بل لقتل أي أمل بالسلام والتسامح؟
بل كيف يتقبل المجتمع الدولي ما يحدث هنا من تغول واستقواء جيش قوي على تجمعات مدنية فلسطينية، فيها بعض البنادق؟
عبث ما تفعله دولة الاحتلال، لأن الشعب تحت الاحتلال لن يقبله، ولن يصادق يوما على أمن المستعمر، ما دام الشعب لم يقرر مصيره.
إنهاء الاحتلال، هو الحل، وإنهاؤه يعني البدء الفعلي بإجراءات تؤدي الى ذلك، ولن يكون مقبولا أبدا استمرار الاحتلال، في ظل عدم وجود أفق سياسي؛ فدولة الاحتلال الرافضة لدولة فلسطينية مستقلة، والمؤكدة على الاستيطان، والرافضة بالطبع أية تسويات تتعلق بدولة تجمع القوميتين، هي دولة تريد كل شيء لها.
يبدو أن إسرائيل هو التي تستدعي اللون الأحمر هنا، واللون الأسود؛ وليس هذا خلاصا لها أبدا، لذلك فإن الفرصة اليوم هي من أهم الفرص، للتوسط السياسي، وليس التوسط الأمني من قبل مخابرات هنا وهناك، لسبب بسيط، أن سلطة الاحتلال القامعة للآخرين، تصبح قامعة لشعبها؛ وليس الفشل السياسي الإسرائيلي اليوم فيما يتعلق بإدارة القضاء، إلا قادما من وجود هواة سياسيين يقودون المجتمع الإسرائيلي نحو الفوضى، وهم من صوروا أنفسهم للشعب الإسرائيلي كمخلصين له، فيما هم فقط مخلصون لذوات مأزومة.
إذن فإن الفعل وردود الفعل مستمرة، وليس هناك حلول عسكرية ولا أمنية، في حين أن التوجه لمجلس الأمن، لا يعني شيئا، في وقت أصلا صرنا نفشل فيه حتى في صدور رد فعل تقليدي لا يسمن ولا يغني من جوع.
أما وضع جهاز الأمن نفسه في حالة انتباه، لن يمنع فعلا رد فعل لإنسان يريد تحقيق رد فعله، فإذا كان كل ذلك واضحا ومعلوما، إذن كيف يستمر هذا؟ والى متى؟
الرأي الموضوعي لا يجد أن هناك مبررات كافية لاقتحام نابلس، ولا جنين، ولا غيرهما، فهناك دوما فرصة لجهاز المخابرات باعتقال من تراه مطلوبا.
من المفروض أن دولة تعدّ نفسها لقصف مواقع نووية في إيران، تنأى بنفسها عن مشاكل مع شعب تحت الاحتلال، ألا يعني ذلك، أن هم إسرائيل هو طرد الشعب الفلسطيني؟
لا الرثاء بكاف فلسطينيا وعربيا ودوليا، ولا الانفعال، بل التخطيط الرسمي والشعبي في اختيار طرق مقاومة ذكية. إن تجريب المجرب خطأ، كذلك إن تكرار فعل يعطي النتائج نفسها هو تضييع أنفس ووقت وجهد ومال.
الظن أن الفلسطينيين، نحن، الشعب والقيادة، قادرون على حماية أنفسنا هنا، بالوحدة أولا، والتخطيط لمخرجات جديدة.
وعليه، نحتاج فعلا سياسيا فلسطينيا يجمعنا عليه، خصوصا فئة الشباب. وهذا بيدنا، قيادة وشعبا، لنقول فعلا للعالم: إنهاء الاحتلال هو الحل، وليس أي أمر آخر ننشغل في الجدل حوله. أليس هناك من يتحمل مسؤولية البدء الفعلي بإنهاء الاحتلال؟ أم أنه لا يفكر أحد بذلك فعلا تاركا شعبنا وشبابه لنقاسي جميعا هذا الوضع الغريب المريب الملتبس؟
[email protected]