وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الصراع الاسرائيلي الفلسطيني صراع غير تقليدي وهو بحاجة الى حل غير تقليدي

نشر بتاريخ: 29/05/2023 ( آخر تحديث: 29/05/2023 الساعة: 13:53 )
الصراع الاسرائيلي الفلسطيني صراع غير تقليدي وهو بحاجة الى حل غير تقليدي

ما يجري في فلسطين تحت الاحتلال الصهيوني العنصري في هذه الايام والذي هو تراكم لنكبات لم تتوقف منذ النكبة الاولى سنة 1948, هو شيء غير مسبوق في مفهوم الصراع بشكل عام وغير معقول وغير مقبول من قبل كل من لديه حس انساني وكاننا نعيش في العصر الحجري وفوق كل ذلك لا يلوح في الافق اي امكانية تبشر بحل لانهاء هذا الاحتلال ووضع حد لما يرتكبه هذا الاحتلال الصهيوني وادواته من جرائم بحق الفلسطينيين والتي ترقى لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية والمستمرة الى يومنا هذا وبعد ان تم استنفاذ كل الوسائل التقليدية الممكنة من اجل انهاء هذا الاحتلال .

المفاوضات فشلت والمقاومة الشعبية السلمية فشلت حتى ما يسمى بالصواريخ هي ايضا فشلت وعلى ما يبدو فان الاحتلال أدمن على هذه الوسائل التقليدية كمشاريع حلول واصبح يجيرها لصالح استمراره بزعم انه في حالة دائمة من الدفاع عن النفس خصوصا وان المفعول التدميري للصواريخ كما ظهر في الحرب الاخيرة هو قتل صهيوني واحد مقابل اكثر من الف صاروخ اضافة الى ان الخسائر المادية لهذه الصواريخ مضمونة التعويض من قبل امريكا .

اسرائيل في كل المجازر التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين بعد اتفاق اوسلو سواء السبعة ضد غزة او اجتياحها للضفة ابان الانتفاضة الثانية كلها بالاصل حروب بدأها الاحتلال لاستفزاز الفلسطينيين من اجل ان يستغلها في فحص اسلحته الجديدة كما وانه استغلها لقتل واعاقة الالاف من الفلسطينيين وتدمير بنيتهم التحتية بحجة الدفاع عن النفس والمصيبة انه دفاع ضد من هم تحت احتلاله .

في احد مجازرها السبعة قصفت قوات الاحتلال غزة من البر والبحر والجو والقت ما يعادل 2 مليون كيلوغرام من المواد المتفجرة فوق غزة المعروفة بانها الاكثر كثافة سكانية في العالم ناهيك عن استخدام الاسلحة المحرمة دوليا في مجازرها الاخرى ضد غزة مثل الفسفور الابيض ومادة ال DIME .

ليس ذلك فحسب وانما تمكنت اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ايضا من قلب كل المعايير البشرية والقيم الانسانية المتعارف عليها بان سلمت زمام امور الحكم فيها وبوسائل ديمقراطية لاشخاص مدانين بكل انواع الجرائم بما في ذلك الارهاب واصبحوا يمارسون ارهابهم ضد الفلسطينيين في العلن.

رئيس حكومة الاحتلال الحالية , النتن ياهو مدان باربع جرائم وذراعيه في قيادة دفة الحكم بن غفير وسموتريتش فاشيون ومدانون سابقين بالارهاب وذلك بحسب القانون الاسرائيلي وبسبب طبيعتهم الارهابية هذه استعانوا بالمستوطنين لمساندة اجهزتهم الامنية الرسمية من اجل ارتكاب جرائمهم بحق الفلسطينيين من اجل ردعهم واذلالهم بهدف استعبادهم.

في السابع من ابريل الماضي اصدر قائد شرطة الاحتلال دعوته للمستوطنين الى حمل السلاح من اجل مساندة الجيش والشرطة وقوى الامن وهو ما يعني ترخيص رسمي لهؤلاء المستوطنين لقتل الفلسطينيين علما بان هؤلاء المستوطنين لا يفرقون عن الكلاب الضالة في ممارساتهم فهم يقتلون ويحرقون ويسرقون ويرهبون الفلسطينيين تحت الاحتلال وبدون الحاجة لاي تصريح او رخصة لفعل ذلك فما بالنا بعد ان تم منحهم هذا الترخيص بالقتل باسم القانون وهو يعني بان

دعوة قائد شرطة الاحتلال بحد ذاتها تعتبر جريمة حرب تتم في العلن كونها ترخيص رسمي من قبل سلطة الاحتلال لقتل الناس (الفلسطينيون) تحت هذا الاحتلال بدلا من حمايتهم كما نصت عليه كل الشرائع والقوانين الدولية وتحديدا اتفاقية جنيف الرابعة.

الى ذك نضيف تحدي الحكومة الفاشية في اسرائيل لكل الشرائع والقوانين الدولية بعقد اجتماعها في نفق تحت الاقصى في القدس الشرقية التي تعتبر وبحسب كل هذه القوانين والشرائع في انها ارض محتلة.

هذا التحدي الصهيوني يعيدني بالذاكرة الى سنة 1996 حيث ان حفر هذا النفق كان قد اشعل الحرب بين قوات السلطة الفلسطينية والاحتلال استمرت ثلاثة ايام و انتهت بخسائر مادية قليلة الا انها في اعتقادي كانت الحرب الحاسمة التي قتل فيها اتفاق اوسلو بان كشفت عن حقيقة نوايا الحركة الصهيونية المغلفة بالكذب والخداع اللذان يشكلان اساس الفكر الصهيوني في اي اتفاق مع الفلسطينيين في كل ما يتعلق بحق الفلسطينيين التاريخي والاخلاقي في ارضهم .

في نفس السياق يحضرني سؤال كان قد وجهه لي طالب اسرائيلي موجود ضمن وفد طلابي اسرائيلي فلسطيني مشترك استدعتهم مدرسة امريكية في لندن واستدعاني مدير المدرسة لاكون احد المحاضرين للتحدث معهم حول امكانية التعايش بين الاسرائيليين والفلسطينيين وكان ذلك مباشرة بعد اللقاء الفلسطيني الاسرائيلي الشهير في البيت الابيض سنة 1993 وكان سؤال الطالب هو ان كيف لهم كاسرائيليين ان يثقوا بالفلسطينيين بينما الطرفين على يقين بان دولتهم (اسرائيل) قامت على ارض فلسطينية مسروقة. ومع ان هذا الطالب على ما اذكر كان من حزب ميرتس (الان خارج الكنيست) الا ان سؤاله في اعتقادي كان وما زال يشكل الهاجس الذي يسيطر على كل ساسة اسرائيل الذين لا يؤمنون بوجود الله ولكنهم يؤمنون بان الله وهبهم الارض الفلسطينية المقدسة.

ما يؤكد على صحة ما ازعمه هو ما رواه لي احد المفاوضين الاسرائيليين من ان ايهود باراك ابان رئاسته للحكومة وعلى الرغم من انه كان رئيس حزب العمل , كان يطلب من فريقه المفاوض بأن لا يكتبوا حتى بخربشاتهم على الورق مصطلح دولة فلسطين حتى لا يغلطوا بالتفوه بهذا المصطلح امام نظرائهم من المفاوضين الفلسطينيين.

ما سبق يؤكد وبدون لبس بان دولة فلسطين لن تقوم طالما بقي الوضع القائم على ما هو عليه وهو ببساطة حركة صهيونية محصنة ولا يمكن المساس بها دوليا وسلطة من غير سلطة وانقسام خياني وفصائل عاجزة حتى عن انهاء الانقسام فكيف لنا ان نتوقع منها انهاء الاحتلال.

خطاب الرئيس الفلسطيني ابومازن, الاخير في ذكرى النكبة الذي لم يلق استحسان الكثير من الفلسطينيين مع انه انعكاس للوضع القائم الذي ذكرناه الا انني اعتقد بان الخطاب يعبر عن نفاذ اخر جرعة من الصبر الذي استمده الرئيس طوال سنوات حكمه بسبب قناعاته بالحل غير العنفي للصراع خصوصا وان الحل غير العنفي نجح وبامتياز في مواقع اخرى مكنت الهند على سبيل المثال من الاستقلال عن بريطانيا العظمى التي لم تكن تغيب عنها الشمس وستبقى الحالة الهندية الغاندية وما حققته بعد الاستقلال من انجازات لشعبها والعالم شاهد على انسنة الصراع التقليدي ولكن وهذه لكن كبيرة جدا وبعد مرور 75 سنة على قيام المشروع الصهيوني العنصري على الارض الفلسطينية والدروس المستقاة من هذه التجربة الدموية غير الاخلاقية وغير الانسانية اثبتت على ان هذا المشروع الصهيوني هو حالة مختلفة بل وشاذة عن مفهوم الصراع التقليدي ووسائل حله المعروفة حتى لو كان الطرف المتضرر من هذا المشروع الصهيوني هم ملائكة الرحمن وليس الشعب الفلسطيني والسبب ان اسرائيل, دولة الفصل العنصري ليست شبيهة باي كيان سياسي طبيعي آخر وهو ما يفسر ما بدأت فيه وهو ان صراعنا مع الحركة الصهيونية صراع غير تقليدي وبالتالي فهو بحاجة الى حل غير تقليدي.