وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هكذا نفَّذ "المُوساد" عملية "حط وغط وطار" بتصفية محمد سرور لإتهامه بنقل أموال من "الحرس الثوري" الإيراني إلى "حماس"!

نشر بتاريخ: 15/04/2024 ( آخر تحديث: 15/04/2024 الساعة: 10:03 )
هكذا نفَّذ "المُوساد" عملية "حط وغط وطار" بتصفية محمد سرور لإتهامه بنقل أموال من "الحرس الثوري" الإيراني إلى "حماس"!



نفذ جهاز «المُوساد» الإسرائيلي عملية أمنية محكمة له في لبنان، مُستخدماً أسلوب «حط وغط وطار»، باغتيال اللبناني محمد إبراهيم سرور (مواليد: اللبوة - قضاء بعلبك، 5 شباط/فبراير 1967) داخل فيلا في بيت مري - قضاء المتن في جبل لبنان، يوم الأربعاء في 3 نيسان/إبريل 2024، تاريخ فقدانه والعُثور عليه جثة هامدة، يوم الثلاثاء (9 منه).
دوافع الجريمة اتهام سرور بأنه يعمل على نقل الأموال من «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني إلى «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في قطاع غزة والضفة الغربية، عبر تركيا ولبنان.
يمتلك سرور «شركة ريدين للصرافة» ولها مقر في تركيا وآخر في لبنان، وقد وضعت الخزانة الأميركية اسمه على لائحة العقوبات، بتاريخ 11 أيلول/سبتمبر 2019، على أنه عميل مالي في لبنان، ضمن مجموعة أسماء لهيئات وشخصيات تتعامل مع «الحرس الثوري» الإيراني، حركة «حماس»، «حركة الجهاد الإسلامي» و»حزب الله».
وقعت الجريمة بعد أقل من 48 ساعة على استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي، القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية، دمشق، يوم الاثنين في 1 نيسان/إبريل 2024، ما أدى إلى استشهاد 7 من ضباط «الحرس الثوري» الإيراني، بينهم المسؤول في «فيلق القدس» في فلسطين، لبنان وسوريا العميد محمد رضا زاهدي «أبو مهدي»، الذي ذكر أن سرور كان على علاقة وطيدة معه!
تُعتبر العملية الأمنية مُحكمة بدقة للغاية، تُؤكد كل الدلائل بصمات «المُوساد» الإسرائيلي، الذي حاول مسح كل الأدلة من مسرح الجريمة، ما صعّب على الأجهزة الأمنية اللبنانية سرعة تحديد الجناة بين تنفيذها والعُثور على جثة سرور بعد 6 أيام من فقدانه، كانت كافية لفريق «الموت الإسرائيلي»، لتنفيذ المُهمة ومُغادرة الأراضي اللبنانية.
تحقيقٌ بتعذيب جسدي وإطلاق الرصاص!
لقد اعتمد الفريق المُكلف أُسلوبه بتنفيذ المُهمة بسُهولة ودقة وسُرعة، قبل إطلاق رصاصة الإعدام باتجاه سرور، بعد تعذيب جسدي، تعرض له، مُترافقاً مع إطلاق رصاص على رجليه وكتفيه، بلغ مجُموعها 7 رصاصات من نوع «غلوك 9 ملم»، ضمن مُحاولة انتزاع المعلومات منه لجهة:
- الجهات المُمولة له من «الحرس الثوري» الإيراني.
- طُرق تسلم الأموال والتحويلات.
- أسماء الجهات أو المُؤسسات والأشخاص الذين يقوم بتحويل الأموال إليهم، وأماكن تواجدهم، والحسابات التي يستخدمونها في ذلك.
لا شك أن قرار «المُوساد» إرسال فرقة خاصة لتنفيذ المُهمة، ليس بالأمر السهل، لكن لذلك أسبابه:
- من أجل ضمان نجاح العملية، وعدم ترك أدلة، وهو ما جرى.
- الحصول على معلومات بشكل مُباشر وليس عبر عُملاء محليين، نظراً إلى أهمية استثمار مثل ذلك بسرعة.
- أن الفريق يكون مُدرباً بشكل جيد لمثل هذه المهام المُتعددة، التي تتطلب احتجازاً وتحقيقاً، قبل التصفية والمُغادرة.
فيما مُعظم الشبكات المحلية، التي يُجندها «المُوساد»، تتوزع مهامها بين: اللوجستية لجمع معلومات، أو نقل أشخاص، أو «البريد الميت»، أو زرع عُبوة، أو الضغط على «ريمونت» التفجير.
وهذه العملية شبيهة بمُحاولة اغتيال الكادر في حركة «حماس» محمد عمر حمدان «أبو حمزة»، بتفجير استهدف سيارته من نوع «BMW» فضية اللون، يوم الأحد في 14 كانون الثاني/يناير 2018، كانت مركونة في مِرآب «بناية أبو سيدو»، التي يقطنها بالقرب من «مدارس الإيمان» في منطقة البستان الكبير في صيدا، التي نجا منها بعد انفجار العُبوة الموضوعة أسفل السيارة.
لكن، المُنفذين اقترفوا خطأً قاد إلى توقيف أفراد المجموعة، التي تألفت من اللبنانيين: محمد حسن بيتية (مواليد: طرابلس 1978)، محمد يوسف الحجار، عراقي يحمل الجنسية السويدية يُدعى كوفات بامارتي (مواليد: 1985) والجورجية أيلونا مانغوفي (مواليد: 1977).
- أن المُنفذين من «المُوساد»، يُرجح أنهم امرأة، ادعت أن اسمها زينب حمود (هوية مُزورة) وكانت تتحدث بلكنة بقاعية ورجل أو أكثر يحملون جوازات سفر لجنسيات أجنبية.
لقد جمع «المُوساد» معلوماته عن هدفه سرور وخطط لتنفيذ العملية بتفاصيلها كافة، فقد:
- جرى استئجار فيلا مفروشة في بيت مري لمُدة سنة بقيمة 48 ألف دولار أميركي (4 آلاف دولار شهرياً)، دُفعت بالكامل، بمُوجب حوالة عبر تطبيق Air bnb، من خلال حساب مالي موصول ببطاقة مصرفية خارج لبنان.
- مُنذ أن وصل أفراد المجموعة إلى الفيلا وحتى مُغادرتها لم يخرجوا منها.
- عمدوا إلى استخدام المأكولات التي كانت بحوزتهم، وهي عبارة عن مُعلبات لمواد غذائية وتونا وذرة وزيت.
- قاموا بفك الـDVR الخاص بكاميرات المُراقبة لإخفاء هوياتهم.
تنفيذ مُهمة الاستدراج والتصفية بعد وصول أفراد المجموعة إلى لبنان، أجرت المرأة من خط هاتف خليوي لبناني، كان بحوزتها، اتصالاً هاتفياً بمحمد سرور، طالبةً منه المُساعدة من أجل تحويل مبلغ مالي.
عندها أبلغ محمد سرور زوجته، استغرابه كيف حصلت هذه المرأة على رقم هاتفه، وهي تتصل به للمرة الأولى؟!.
اتصلت المرأة ثانيةً على رقم هاتف محمد سرور، الذي كان قد تركه في منزله، فردت ابنته، لكن أقفلت المُتصلة الخط، قبل أن تتدارك الأمر، وتُعاود الاتصال ثانيةً، وتسأل الابنة: إذا ما كان الرقم يعود إلى السيد محمد سرور؟، فأجابتها بأنه رقمه، لكنه غير موجود حالياً في المنزل.
أبلغتها المرأة بأنها تُريد إجراء حوالة مالية، فردت عليها الابنة بأنها ستُبلغ والدها بأنها اتصلت به، وهو ما تم.
يوم الثلاثاء في 2 نيسان/إبريل 2024، انتقل محمد سرور من ضاحية بيروت الجنوبية على دراجته النارية وخلفه ابن شقيقه إبراهيم خليل سرور (35 عاماً) قاصداً بيت مري، حيث وصلا إلى الفيلا المُحددة.
قرع محمد سرور جرس الفيلا، فأجابته امرأة بلكنة بقاعية، طلبت منه الدخول، لكنه اعتذر عن ذلك، وأبلغها أن معه ابن شقيقه، فخرجت من المنزل، وادعت أن اسمها زينب حمود، وأعطته مبلغاً مالياً، طالبةً منه تحويله إلى الأردن، وهذا ما جرى.
الرحلة الأخيرة
لم يكن يدري محمد سرور بأن يوم الأربعاء في 3 نيسان/إبريل 2024، سيكون رحلته الأخيرة إلى حتفه، حيث توجه مُجدداً إلى الفيلا في بيت مري، من أجل صرف مبلغ 6 آلاف دولار أميركي.
وما أن وصل إلى الفيلا، حتى قرع الجرس، ففتحت له المرأة البوابة عن بعد، طالبةً منه ركن دراجته النارية في الداخل، وهو ما تم!
بعدها صعد مُنفرداً السلم إلى الطابق العلوي، ففتحت له الباب، ودخل إلى الفيلا، حيث كان بانتظاره أفراد المجموعة الإسرائيلية، الذين سارعوا إلى تكبيل يديه، وتوثيقه بكرسي في المطبخ، ومُباشرة انتزاع الاعترافات منه حول علاقاته والأدوار والمهام التي يقوم بها بين تحويلاتٍ من «الحرس الثوري» الإيراني إلى «كتائب القسام» في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وأسماء الأشخاص والجهات التي كانت تمده بالأموال، والأخرى التي يقوم بإرسالها لها، مع المُتعاونين معه.
كل ذلك كان يتم بتعذيب جسدي رهيب، وإطلاق نارٍ على رجليه وكتفيه، لانتزاع الاعترافات قبل إطلاق الرصاصة القاتلة.
وقد تبين أنه أصيب بـ7 رصاصات توزعت في أنحاء جسده، كانت واحدة منهم القاتلة.
قام فريق «المُوساد» بمسح الداتا عن الهاتف الخليوي الذي يعود إلى محمد سرور، والذي عُثر عليه في المكان مُغلقاً.
أثناء التحقيق ثبت من الاتصالات في المنطقة أن فريق «المُوساد» كان على اتصالٍ مُباشر مع تل أبيب.
بعد تنفيذ المُهمة، قام فريق «المُوساد» بوضع المُسدسين المُستخدمين من نوع «غلوك 9 ملم» مع كاتمين ورصاص من عيار 9 ملم وقفازاتٍ وملابس استُخدمت في تنفيذ المُهمة في أواني غُمرت بالمياه، مع إضافة مواد تنظيف لإزالة الـDNA والبصمات والأدلة عنها، بعد مسحٍ كامل للأدلة والبصمات من المنزل والأواني المُستخدمة.
ترك أفراد المجموعة الفيلا باتجاه «مطار رفيق الحريري الدولي» - بيروت، مُغادرين الأراضي اللبنانية، قبل أن يتم اكتشاف الجريمة.
سير التحقيق
بعد حلول موعد إفطار يوم الأربعاء في 3 نيسان/إبريل 2024، وعدم عودة محمد سرور إلى منزله، بدأت عائلته تسأل عنه، حيث تضاعف الأمر في اليوم التالي، لكن من دون نتيجة، إلى أن أُبلغت الأجهزة الأمنية يوم الخميس في 4 نيسان/إبريل 2024، بفقدان سرور، ودعت عائلته من يعرف عنه شيئاً إلى الاتصال بأرقام الهواتف: 03939742، 03061517 و76950616.
بعد مُراجعة داتا الاتصالات تبين أن خط هاتف سرور الذي يحمل الرقم (03359820)، كان يعمل في حركته الأخيرة، قبل إقفاله، في منطقة بيت مري.
يوم السبت في 6 نيسان/إبريل 2024، تقدمت العائلة بشكوى رسمية إلى القوى الأمنية، التي باشرت تحقيقاتها من أجل معرفة مصير سرور.
بعد التحريات، عثر يوم الثلاثاء في 9 نيسان/إبريل 2024، على الدراجة النارية التي تعود إلى سرور بمرآب فيلا في بيت مري.
أخذت الأجهزة الأمنية إذناً قضائياً بالدخول إليها، حيث وجدته جثة هامدة، وبالقرب منها مبلغ 6 آلاف دولار أميركي، كانت بحوزته، طلبت منه السيدة إحضارها لتصريفها.
يتم التركيز حالياً في التحقيقات التي تجرى بإشراف المُدعي العام التمييزي بالإنابة في لبنان القاضي جمال حجار، الذي كلف «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي التحقيق فيها، على:
- كاميرات المُراقبة في مُحيط الفيلا لتحديد صور الأشخاص الذين دخلوا إليها، ولم يُغادروها إلا بعد انتهاء المُهمة.
- تحديد حركة دخول وخروج الأشخاص الذين تتطابق معهم الصور عبر «مطار رفيق الحريري الدولي».
- الأشخاص الذين قاموا بأعمال لوجستية لجهة نقل أفراد المجموعة من المطار وإليه.
- كذلك من قام بتأمين المُسدسين مع الكاتمين والرصاص والقفازات، وأدوات التنظيف والمواد الغذائية التي استخدمت في المُهمة.
- حركة الاتصالات في المنطقة، مُترافقة قبل وصول سرور وبعد تصفيته.