![]() |
بين التهديدات الأمريكية والمواقف العربية ، فلسطين في عين العاصفة .
نشر بتاريخ: 13/02/2025 ( آخر تحديث: 13/02/2025 الساعة: 10:21 )
![]()
تمر القضية الفلسطينية بمرحلة خطيرة تتزامن مع تصعيد في العدوان الإسرائيلي باشكال جرائمه المختلفة التي ينفذها في كل زاوية من زوايا الوطن دون استثناء أحد ، وتهديدات عسكرية أمريكية وإسرائيلية جديدة ، تهدد بمزيد من التصعيد في غزة بل وفي المنطقة . فمع اقتراب الموعد الذي حدده ترامب لإجبار المقاومة الفلسطينية على تسليم الأسرى الإسرائيليين تحت الضغط المتعدد ، تزداد تهديدات نتنياهو بالعودة إلى عمليات الإبادة العسكرية في غزة ، في حال عدم استجابة المقاومة لمطالبات تسليم الأسرى الإسرائيليين بحلول السبت المقبل دون التزامه هو بما نصت علية الاتفاقيات ، تمثل خطوة خطيرة نحو التصعيد ، الذي لا يعكس فقط إصرار الأحتلال على إجبار المقاومة على الرضوخ والإستسلام ، بل يهدف إلى فرض واقع جديد في غزة يُعيد إحياء خطة التهجير القسري التي بدأت تتبلور في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين وتهديدات ترامب نفسه . ما نراه اليوم من تهديدات هو استكمال لمخطط "الشرق الأوسط الجديد" الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير مخططات تهجير الفلسطينيين واعادة الرسم الجيوسياسي للمنطقة تحت مظلة الاتفاقات الإسرائيلية-الأمريكية والضغوطات التي تمارس على الكُل العربي ، الذي أخفق خلال العقود الماضية في إعتماد سياسات مستقلة تبتعد عن الهيمنة الأمريكية . وفي هذا السياق، لا يمكننا تجاهل ما قد يعنيه هذا التهديد في الساعات القادمة. فبمجرد انتهاء المهلة التي منحها ترامب، يتوقع أن تشتد الضغوط العسكرية والاقتصادية بمعنى الحصار على غزة ، وهو ما يثير القلق ليس فقط في قطاع غزة ، بل في المنطقة كلها . فالمشروع الأمريكي الإسرائيلي يبدو واضحا في سعيه إلى إخضاع الفلسطينيين لشروط مجحفة والتطويع الأشد للعرب ، مع التهديد بحرب جديدة تكون أكثر تدميرا من أي وقت مضى . لكن في المقابل ، تحاول بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية والأردن ومصر ، توجيه المواقف السياسية تجاه هذا المخطط ، على الرغم من الضغوط الأمريكية الهائلة التي تتعرض لها . زيارة الملك عبدالله الثاني بالأيام الماضية إلى واشنطن أظهرت حجم التوتر الإقليمي ، حيث لم تقتصر الزيارة على تأكيد الموقف الأردني الثابت في دعم حقوق الفلسطينيين ، بل حاولت أن تجد قنوات للتواصل مع الإدارة الأمريكية بشأن خطر المشاريع الإسرائيلية التي تمس القُدس والضفة الغربية والحديث عن خطة عربية لإعادة اعمار غزة تُقدم الى ترامب الذي يتصرف وكأنه مالك العالم وما عليه في محاولات استمرار فرض الهيمنة الأمريكية من خلال قرارته بشن الحروب المتنوعة على دول العالم . يبدو ان المهمة الأمريكية الان العاجلة هو تفتيت المثلث العربي للأنفراد بكل طرف على حدى واقصد السعودية ومصر والأردن . وفي هذا الخصوص واضح ان هنالك تخوفات قطرية وتركية للتدخل من اجل تخفيف حدة هذه الضغوطات لأسباب تتعلق بدرجة التخوف من ترامب وقراراته لعدة اعتبارات ، منها الموضوع السوري ورغبة تركيا في احتكارها لهذا الملف . لكن يجب أن يكون هناك حراك عربي أقوى في قادم الساعات . وفي هذه اللحظات الصعبة يجب على منظمة التحرير التحرك في كافة الاتجاهات والمحاور برؤية واضحة وايجاد صيغة ومحاولة جادة ولو للمرة المئة لأستيعاب الكل الوطني الفلسطيني فيها باعتبارها الممثل الشرعي وصاحبة الولاية السياسية . باعتقادي فان الأردن لا يستطيع الوقوف امام الضغوط وحيدا ان لم يكن هنالك موقف عربي وإسلامي موحد ، ولذلك يتوجب سرعة التوافق على موقف عربي بالحد الادنى يشكل نوعا من الحماية المشتركة ويقدم رؤية واضحة تتعلق بالحقوق الوطنية الفلسطينية السياسية بما فيها حق تقرير المصير واقامة الدولة وفق حدود ما قبل ٤ حزيران ٦٧ ، وبمستقبل اعادة الإعمار في غزة امام تهديدات ترامب المتعددة وذلك لضمان مصالح الأمن القومي لبلدانهم وحماية شعبنا الفلسطيني ، وإلا لن تقف الامور عند هذا الحد وستجد كل من هذه الدول نفسها في عين العاصفة وقد يكون الوقت حينها ربما منأخرا . أما مصر ، التي تلعب دورا محوريا في ملف غزة، فتجد نفسها في موقف بالغ الحساسية ايضا . فالقاهرة تدرك جيدا أن أي محاولة لتنفيذ تهجير قسري للفلسطينيين إلى سيناء ستشكل تهديدا حقيقيا لأمنها القومي ومشابها لتداعياته ايضا على الأردن . فالحكومة المصرية تتبع سياسة دبلوماسية متوازنة في التعامل مع الضغوط الأمريكية، بينما تسعى جاهدة للحفاظ على حقوق شعبنا الفلسطيني . زيارة الرئيس السيسي إلى واشنطن، والتي تم تأجيلها امس لموعد غير محدد ، كانت تشير إلى محاولات القاهرة للتوسط في القضايا الشائكة والتهرب من الضغوطات الأمريكية بل وربما مواجهتها والتي تهدف لتحقيق مصالح اسرائيل قد تجعل من الصعب إيجاد حلول تحقق التوازن بين المصالح الإقليمية المختلفة ومصالح أمنها القومي . في هذا الوضع المعقد ، تبرز غزة مرة أخرى كساحة للمواجهة، ليس فقط مع الأحتلال الإسرائيلي بل مع القوة المستبدة الأمريكية أيضا . غزة ، التي استطاعت الصمود في وجه الحرب والحصار رغم التدمير الهائل والتضحيات الكبيرة عبر تاريخها ، تواجه اليوم تهديدا جديدا يتمثل في التهجير القسري على يد الأحتلال بدعم من ترامب . هذا التهديد يأتي في وقت حساس، حيث تتصاعد سياسات الأحتلال الأستيطانية الاحلالية التوسعية في الضفة الغربية ، خاصة مع عملية التهجير القسري التي تجري في شمال الضفة وتدمير المخيمات ومصادرة الأراضي التي باتت قراراتها بحجة "الرعي" بما يعكس رؤيتهم التوراتية الاستعمارية بامتلاك الأرض ، مما يزيد من تعقيد الأمور ويضع جميع الأطراف في مواجهة حتمية . السيناريوهات المستقبلية في غزة والضفة الغربية تظل محكومة بتوازنات دقيقة. وإذا استمرت الضغوط الإسرائيلية والأمريكية دون المواجهة او على الاقل محاولات المواجهة ، قد نشهد تصعيدا عسكريا جديدا، أو ما قد يكون أكثر خطورة يتمثل بتهجيرا قسريا يتم فرضه بالقوة العسكرية أو الاقتصادية . لكن الثابت في هذا الصراع هو أن الفلسطينيين لم ولن يرضخوا لأي حلول تمس حقوقهم الوطنية ، كما أثبتت التجارب التاريخية . إن إصرار الشعب الفلسطيني على مقاومة هذا المشروع التصفوي، بكافة أشكاله، هو السبيل الوحيد لفرض شروطهم على الأرض. في النهاية، مهما كانت التهديدات والتحديات، يظل موقف شعبنا الفلسطيني هو الأكثر قوة . هنالك ضرورة تاريخية ومسوؤلية بوضوح الإرادة السياسية بقرار فلسطيني وطني مستقل موحد حول آليات المقاومة الشعبية والسياسية بكل أشكالها الدبلوماسية والقانونية بما يضمن رفض اشكال الابتزاز السياسي الأمريكي وحتى الأوروبي دون مقابل في شأن قضايا مختلفة . الارادة السياسية الوطنية ستظل حجر الزاوية في مواجهة هذا المشروع الأمريكي الإسرائيلي الذي يهدد حاضر ومستقبل القضية الفلسطينية من خلال محاولاتهم على تنفيذ المشروع الصهيوني الأحلالي في ارض فلسطين . |