![]() |
بين فَشل مفهوم الدولة تحت الأحتلال وشروط الصمود ، قراءة في أفتتاح دورة المجلس المركزي الفلسطيني .
نشر بتاريخ: 25/04/2025 ( آخر تحديث: 25/04/2025 الساعة: 17:07 )
![]()
من هنا ، كان من الخطأ الجسيم والخلل المفاهيمي ، أن نُسرع في الأعتقاد بإمكانية بناء مؤسسات دولة مستقرة ذات سيادة ومتواصلة تحت حراب الأحتلال ، قبل أن يُنجز الهدف الأساسي الذي وُلدت المنظمة من أجله وهو إنهاء الأحتلال أولاً . لقد بدت تلك المقاربة ، التي تَبناها النظام السياسي الفلسطيني بعد أوسلو ، وكأنها قفزة فوق جوهر الصراع ، وأستبدال لتحرير الأرض بترميم الذات في ظل الإستعمار الأستيطاني ومفاهيم الحركة الصهيونية العالمية . لكن الأحتلال لم يكن يوما في وارد منح "دولة" ، بل كان دائما يعمل وفق عقيدته الثابتة والمتمثلة بالسيطرة والضم والتفكيك والأحلال . فمشروعه السياسي لا يتغير ، شطب القضية الفلسطينية من جذورها ، لكن الرياح لم تجرِ كما أشتهت سفن تل أبيب وواشنطن ، فالمفهوم الذي صُدّر للعالم عن "إسرائيل الضحية" لم يصمد أمام مشاهد محرقة القرن ٢١ والإبادة الجماعية اليومية في غزة بل في كل فلسطين ، ولم يعد العالم قادراً على تجاوز القضية الفلسطينية كملف ثانوي أو مؤجل . لقد أدرك كثيرون ولو متأخرين ، أن فلسطين ليست هامشاً ، بل هي جوهر الصراع والأستقرار بالمنطقة ، وأن لا أستقرار دون عدالة ، وأن لا سلام دون عدالة وإنهاء الأحتلال ، وهذا ما يتوجب الإستفادة منه والبناء عليه من تعاظم التضامن الدولي الواسع لشعوب العالم وبدء أفول "العظمة الامريكية". في هذه اللحظة التاريخية ، تتحرك الأهداف الصهيونية بوتيرة محمومة من واقع صراع تناقضاتها ، لتصفية ما تبقى من وجودنا الوطني ، إنهاء الجغرافيا الفلسطينية ، وإنهاء الوجود الديمغرافي بالمجازر والتهجير ، وتدمير الشرعية الوطنية الممثلة بمنظمة التحرير وكيانها السياسي ودورها التي نشأت من أجله مروراً بأدوارها الكفاحية كجبهة وطنية واسعة . ورغم كل هذا ، لا تزال مفاتيح الخروج من المأزق في أيدينا حتى اللحظة ولو كانت متأخرة . فالوحدة الوطنية ليست ترفاً ، بل شرط بقاء . وفي هذا السياق، يُشكل انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير لحظة اختبار ، لا للنظام السياسي فقط ، بل للمشروع الوطني التحرري برمته . فالنِصاب الحقيقي لهذا المجلس ليس في عدد المقاعد التي ربما يشغل معظمها المراقبين في جلسته الإفتتاحية ، بل في مستوى التمثيل السياسي والإرادة السياسية النضالية التي يحملها . واليوم ، إما أن يُعيد المجلس المركزي الإعتبار لوحدة التمثيل الفلسطيني ويطرح رؤية جامعة ديمقراطية تعتمد الشرعية الأنتخابية تُعبّر عن كل أبناء الشعب ، أو أن يتحوّل إلى صدى لمرحلة فقدت قدرتها على التأثير . إننا بحاجة إلى قرار وطني يقول بوضوح ، لا دولة تحت الأحتلال ، بل مقاومة تُنهي الأحتلال ، وتبني الدولة على أسس من الحرية والكرامة والسيادة في هذا الزمن من تراجع هيمنة النظام أحادي القطب . هذا هو أمتحاننا اليوم ، إما أن ننجح فيه ، أو نترك الميدان لأعداء التاريخ والجغرافيا . |