![]() |
الاعتراف البريطاني: بين الرمزية والتغيير
نشر بتاريخ: 10/05/2025 ( آخر تحديث: 10/05/2025 الساعة: 17:44 )
![]()
استكمالاً لمقالي السابق بعنوان "إعتذار بريطانيا للفلسطينيين"، نتساءل حول أهمية ودلالات اعتراف بريطانيا بالمسؤولية التاريخية عن وعد بلفور ونكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، والاعتذار للفلسطينيين حول ذلك، وهذا يعتمد على إن كان سيكون الاعتراف شكلياً وخطوة رمزية ومجرد موقف شكلي، سياسي، فارغ المضمون، أو أن يكون اعترافاً يعتريه تغييراً جوهرياً، بحيث يترتب عليه إجراءات ملموسة على الأرض، ويكون بداية لتصحيح خطأ تاريخي، وخطوة نحو استعادة الحقوق الفلسطينية، وينعكس على التصور الدولي للقضية الفلسطينية ومسارها. فلو كان الأمر مجرد موقف شكلي، وإرضاء دبلوماسي دون نتائج فعلية، سيكون مجرد إعلان لتحسين صورة بريطانيا أمام الرأي العام الدولي، دون اتخاذ إجراءات قانونية أو تقديم تعويضات، ودون تأثير حقيقي على العلاقات البريطانية الإسرائيلية، كما وستستمر السياسيات البريطانية تجاه القضية الفلسطينية دون تغيير يذكر، كعدم دعمها في المحافل الدولية. بمعنى آخر، سيكون مجرد بيان سياسي عابر دون تأثير فعلي على مستقبل القضية الفلسطينية. أما في حال ترجمت بريطانيا اعترافها الى أفعال وإجراءات، سيكون لذلك تأثير سياسي وقانوني ودبلوماسي على القضية الفلسطينية، وقد تصدر بريطانيا اعتذاراً رسمياً، وتعترف بالأضرار التي تسببت بها للفلسطينيين منذ وعد بلفور، يليه بحث بالتعويضات المالية التي قد تأخذ شكل دعم مشاريع تنموية، كنوع من إصلاح الضرر، وقد تدعم بالجهود القانونية، بهدف مراجعة القرارات التاريخية الظالمة بحق الفلسطينيين. كما قد يتضمن ذلك تغييرات بالسياسية البريطانية تجاه القضية الفلسطينية، كدعم الموقف الفلسطيني بشكل أقوى في المحافل الدولية، خاصة في الأمم المتحدة، وقد تراجع بريطانيا علاقتها وسياساتها مع إسرائيل، كأن تقلص الدعم السياسي والعسكري لها. ومن الإجراءات المتوقعة والمأمولة في حال الاعتراف الذي يتضمن إجراءات فعلية، هو تعزيز بريطانيا تواصلها مع القيادة الفلسطينية بهدف التوصل الى سلام عادل وشامل، يعيد الحقوق الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية. كما قد يؤثر الاعتراف البريطاني على مواقف الاتحاد الأوروبي من القضية الفلسطيينة، ليتخذ مواقف أكثر وضوحاً وحزماً بدعم الحقوق الفلسطينية، وكذلك على الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين رسمياً، لأن تقوم بذلك. من الجانب الفلسطيني، فإنّ الاعتراف المترجم على أرض الواقع قد يحفز الفلسطينيين على إعادة النظر قانونياً بوعد بلفور وقرارات التقسيم، وبالتالي تعزيز فرص الضغط على إسرائيل دولياً لإنهاء الاحتلال، ناهيك عن أنّ ذلك سيدعم الجهود الفلسطينية في المحاكم الدولية، بالأخص في محكمة العدل الدولية، لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها. لو تحقق بأن يكون الاعتراف جوهرياً، سيكون خطوة نحو تغيير حقيقي في مسار القضية الفلسطيينة، وهذا هو ما نسعى ونصبو إليه. ويبقى السؤال، هل بريطانيا مستعدة لتحمل مسؤوليتها التاريخية؟ وماذا سيفعل الفلسطينيون والمجتمع الدولي لتحويل الاعتراف الى مكاسب فعلية؟ هل من خطة استباقية لذلك؟ وكيف يمكن استثمار الاعتراف، إن حصل، سياسياً وقانونياً لتعزيز الحقوق الفلسطينية؟ حيث أنّ الاعتراف ليس هدفاً بحد ذاته، وإنما ما يليه من أفعال، هي التي تصنع الفرق الحقيقي. |