![]() |
الحداية لا ترمي كتاكيت: قراءة في التحولات الجيوسياسية وفرص العرب في رسم مستقبل المنطقة
نشر بتاريخ: 12/05/2025 ( آخر تحديث: 12/05/2025 الساعة: 09:01 )
![]() في ظل الضجيج السياسي العالمي، يبدو أن ما يدور حولنا ليس إلا حالة من التضليل السياسي الممنهج، تقوده قوى كبرى تحاول جاهدة إعادة ترتيب أولوياتها الداخلية والخارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ما نراه من صراعات وتحالفات متغيرة في الشرق الأوسط لا يعكس حقيقة المصالح المحلية بقدر ما يعبر عن أزمة أمريكية عميقة في إدارة العلاقة المعقدة مع الصعود الصيني المتسارع، وهو ما بات يعرف بـ"مأزق التنين". ورغم هذا الاضطراب، فإن في قلب الأزمة فرصة تاريخية نادرة أمام اللاعبين الإقليميين، وخاصة العرب، لإعادة ترتيب الأوراق وفرض محددات جديدة لرؤية الشرق الأوسط القادم. هذه لحظة محورية تتيح للعرب أن يتحولوا من خانة "المفعول به" إلى "الفاعل"، شريطة أن يتحلوا بوعي سياسي واستراتيجي قادر على استثمار اللحظة بما يخدم مصالحهم الجمعية، لا مجرد التحرك ضمن اصطفافات دولية لا تخدم سوى من يقودها. أمريكا في وجه التنين: أزمة المركز من هذا المنطلق، لن تدعم أمريكا مستقبلاً فكرة تفكيك الدول في المنطقة، بل على العكس، ستسعى للحفاظ على الدول المركزية مثل مصر، السعودية، العراق، وتركيا، لأنها ترى أن اللامركزية - التي غذتها سابقاً عبر مشاريع مثل "الربيع العربي" - كانت أحد الأسباب في تصاعد الفوضى، وتنامي النفوذ الصيني والروسي. سقوط فكرة الدويلات والإثنيات العرب أمام الفرصة: فرض محددات جديدة مشروع عربي موحد أو تنسيقي على الأقل، يتجاوز التجزئة، ويركز على الأمن الغذائي والمائي والتكنولوجي. تحالفات إقليمية ذكية مع تركيا وإيران قائمة على المصالح لا الأيديولوجيا. إعلام استراتيجي واعٍ قادر على نقل الرواية من موقع التلقي إلى موقع التأثير. دعم الاقتصاد الإنتاجي وتعزيز السوق العربي المشترك كرافعة استقلال واستدامة. الخاتمة: لا تنتظروا من الحدّاية أن ترمي كتاكيت! المطلوب اليوم ليس انتظار الهدايا من القوى الكبرى، بل صناعة واقع جديد بأيدينا، حيث يكون للعرب دور حقيقي في تحديد ملامح مستقبلهم، لا مجرد التكيف مع معادلات الآخرين. |