![]() |
إسرائيل إلى أين؟ في حال سيطر اليمين الديني والقومي على دولة الكيان
نشر بتاريخ: 09/06/2025 ( آخر تحديث: 09/06/2025 الساعة: 19:44 )
![]() شهدت إسرائيل خلال العقد الأخير تحوّلاتٍ كبيرة في بنيتها السياسية والاجتماعية؛ إذ تصاعد نفوذ التيارات اليمينية والقومية،ولا سيّما التي تجمع بين القومية المتشددة والدين اليهودي الأرثوذكسي/الصهيونية الدينية. وفي السنوات الأخيرة تشكّلت حكومات في اسرائيل تهيمن عليها هذه القوى، وبدأ يتبلور نمط جديد في إدارة الدولة، ما أثار تساؤلات داخلية وخارجية حول مستقبل إسرائيل كدولة علمانية ديمقراطية.وجدت كانموذج غربي في منطقة الشرق الأوسط .
هذه التحولات التي طرأت على المجتمع الاسرائيلي كانت بسبب التغير الديموغرافي الذي أثّر في بنية النظام السياسي في اسرائيل، والذي نتج عنها تغيّر في التركيبة السكانية التي تميل لمصلحة المتديّنين اليهود (الحريديم). واليهود المتدينين القوميين( الحردال). الذين ترتفع نسبتهم بسبب التماسك الاجتماعي وارتفاع معدلات الولادة في صفوفهم. والمتوقّع أن تصل نسبتهم في العشرون العام القادمة إلي نحو 33 % من إجمالي عدد السكان. ويُضاف إلى ذلك ايضاً التحوّلات في المجتمع الشرقي اليهودي؛ فكثير من اليهود الشرقيين سيما (السفارديين) الذين يشعرون بالتهميش من النُّخَب الأشكنازية العلمانية، ما جعلهم أقرب إلى اليمين الذي يرفع شعار (الهوية اليهودية)ويسعى إلى تعزيز السيطرة على مؤسسات الدولة. في المقابل، عجزت القوى العلمانية واليسارية عن تقديم بدائل مقنعة، للمجتمع الاسرائيلي،فتراجعت شعبيتها، لتغدو النتيجة الطبيعية لهذه المتغيرات هي صعود اليمين الديني والقومي وانعكاسه على ثقافة المجتمع الإسرائيلي.
ما هو أثر تصاعد اليمين على مؤسسات دولة الكيان، اليمين الديني القومي لا يسعى إلى السيطرة السياسية فحسب، بل يعمل على إعادة تشكيل الدولة وفق رؤيته الأيديولوجية، عبر: •استهداف النظام القضائي:والسعي إلى تعيين قضاة موالين له وفرض رقابة على المؤسسة القضائية. •والتأثير في مؤسستَي الجيش والأمن: بحجّة أنّهما معقل للأشكناز العلمانين.يعمل اليمين على تعيين ضبّاط من صفوفه للهيمنة على المؤسسة العسكرية . اضافة للسعي الي •التغلغل في قطاع التعليم وبقية أجهزة الدولة، ما يهدّد الطابع المدني والعلماني للمؤسسات، وهو ما يرفضه جزء كبير من المجتمع الإسرائيلي. في سياق ذلك أكّد الأكاديمي الليكودي المتشدّد إيرِز تَدْمُر (المقرَّب من نتنياهو والمشرف على حملاته الانتخابية)، إذ قال إنّ فوز اليمين بأغلبية مقاعد الكنيست لا يكفي للسيطرة على الدولة «بسبب البيروقراطية التي يهيمن عليها العلمانيون داعيًا إلى «تغيير بنية هذه المؤسسات».
تأثير صعود اليمين على القضية الفلسطينية، هناك تأثير كبير على القضية الفلسطينية بسبب صعود وهيمنة اليمين في المجتمع الاسرائيلي، أبرزها•إنهاء حلّ الدولتين: لان اليمين القومي الديني لا يعترف بوجود «شعب فلسطيني»، ارض اسرائيل لشعب إسرائيل ويعتبر الضفة الغربية (يهودا والسامرة) أرضًا توراتية لا يجوز التنازل عنها. •وسيعمل على توسيع الاستيطان وشرعنة عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين بحماية سياسية وقانونية. •وسيعمل على تهجير اكبر عدد من السكان، قسراً أو طوعاً، بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية.
التأثير الخارجي على اسرائيل في حال صعود وهيمنة اليمين على الدولة. في ظل ثورة الإعلام الرقمي.يساهم صعود اليمين على تقويض «الرواية الصهيونية» التقليدية وتعاظم السردية الفلسطينية، ما يزيد التوتر مع المنظومة الغربية نتيجة تحوّل الدولة من دولة ديمقراطية إلى شبه ثيوقراطية، إضافة إلى العنف والإبادة التي تُمارَس ضد المدنيين الفلسطينيين على مرأى من العالم. وهذا سيتسبب في ارتفاع أصوات اليهودٍ، ولا سيّما في الولايات المتحدة، الذين أصبحت اصواتهم المنتقدة لسياسات إسرائيل تعلوا وهناك عدة استطلاعات تؤكد على ذلك أبرزها •استطلاع المعهد الانتخابي اليهودي في العام (2021): •38 % من اليهود الأميركيين دون الأربعين يعتبرون إسرائيل «دولة فصل عنصري». •33 % يرون أنّها ترتكب «إبادة جماعية» ضد الفلسطينيين.
•اضافة لتقرير مركز بيو في عام (2022) الذي أظهر بأنّ 56 % من الأميركيين بين 18 و29 عامًا ينظرون إلى إسرائيل نظرة غير إيجابية.وهناك ايضاً •استطلاع لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية (2024): •56 % من الأميركيين يفضّلون بقاء الولايات المتحدة محايدة في الصراع. •53 % يؤيّدون فرض قيود على المساعدات العسكرية لإسرائيل. على الصعيد الدولي، سجّلت استطلاعات مركز بيو في 24 دولة صورة سلبية لإسرائيل ولرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، بينما يرى 58 % من الإسرائيليين أنفسهم أنّ بلادهم لا تحظى بالاحترام الكافي عالميًا. ارتفعت في الولايات المتحدة نسبة من يحملون نظرة سلبية لإسرائيل 11 نقطة مئوية بين مارس 2022 ومارس 2025، مع اتساع الفجوة العمرية والإيديولوجية: هناك 74 % من الليبراليين مقابل 30 % من المحافظين يعبّرون عن نظرة سلبية. تحالفات جديدة لليمين الإسرائيلي يتجه اليمين الاسرائيلي لتعميق العلاقات مع أنظمة استبدادية ومع اليمين العالمي الصاعد، مبتعدًا عن قيم الديمقراطية الليبرالية التي لطالما شكّلت جسرًا لعلاقات إسرائيل مع الغرب.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة لاسرائيل. .الاستمرار في النهج الحالي:الذي سيفضي لمزيد من العزلة الدولية. •تآكل الديمقراطية الداخلية. •اشتداد العنف في الداخل والخارج. 2. تعاظم الاحتقان بين المتديّنين والعلمانيين، واليهود والعرب، بما قد يفضي إلى مواجهة داخلية شاملة. إذا استمر المسار كما هو، فقد تتجه إسرائيل نحو دولة دينية شبه مغلقة على غرار إيران، لكن بالنسخة اليهودية. إنّ مستقبل إسرائيل في ظل سيطرة اليمين الديني والقومي يكتنفه الكثير من المخاطر. فبينما يرى أنصار هذا التوجّه أنّهم «يستعيدون هوية يهودية أصيلة»، يرى خصومهم أنّهم يقوّضون أُسُس الدولة الحديثة المبنية على التعددية والديمقراطية. والمفارقة أنّ هذا التوجّه، وإن عزّز قوة إسرائيل عسكريًا أو استيطانيًا، قد يُضعفها من الداخل ويقودها نحو تهديد وجودي لا يقل خطورة عن أي تهديد خارجي. |