وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

العدوان العسكري الإسرائيلي على ايران وأثره علىنا إقليميا وفلسطينيا

نشر بتاريخ: 20/06/2025 ( آخر تحديث: 20/06/2025 الساعة: 12:00 )
العدوان العسكري الإسرائيلي على ايران وأثره علىنا إقليميا وفلسطينيا

يبدو أن هدف حكومة اليمين الفاشية والعنصرية بقيادة نتنياهو، وراء العدوان العسكري الإسرائيلي على إيران، لا يكمن فقط في تدمير المفاعل النووي والصواريخ طويلة الأمد، بل يهدف كذلك إلى إسقاط النظام في إيران. يتضح ذلك من خلال تصريح نتنياهو بأن إسقاط النظام سيكون نتيجة للعدوان. ترمي دولة الاحتلال إلى إزالة الحجر الأخير في طريقها نحو تأسيس الشرق الأوسط الجديد الذي تطمح إلى تسيّد المشهد فيه والتحكم في تفاصيله.

تم ذلك بعد نجاحها في تحجيم قدرات حزب الله وكل من حماس والجهاد، بعد عشرين شهرًا من الحرب التي تشنها على قطاع غزة، والتي توجت بعملية "عربات جدعون" العسكرية، وباستخدام التجويع وسيلة للقتل والإذلال اليومي، وباتجاه زج المواطنين في تجمعات ومعسكرات جماعية تحت ابتزاز الغذاء.

تهدف دولة الاحتلال، إذا ما نجحت في تحقيق أهدافها في إيران، إلى العمل على إعادة هندسة الشرق الأوسط باتجاه ترجمة مقولة "تجزئة المجزّأ وتقسيم المقسّم"، بما يتضمن ذلك من مخاطر التقسيم الجغرافي للبلدان العربية ذات السيادة، في إطار معادلة ترامب الرامية إلى تجاوز تقسيمات سايكس بيكو ونقلها إلى تقسيمات ترامب.

إن مخاطر العدوان العسكري الإسرائيلي على إيران يجب أن يشعل الضوء الأحمر في كافة البلدان العربية التي تصنف بأنها من محور الاعتدال. إن نجاح إسرائيل في عدوانها على إيران سيؤدي إلى تنفيذ الخارطة التي رفعها عدة مرات نتنياهو في خطاباته بالأمم المتحدة وأمام الكونغرس الأمريكي، وكرر رفعها سموتريتش أيضًا.

وعليه، فإن انعكاس نجاح العدوان العسكري الإسرائيلي على إيران سينعكس بالسلب أيضًا على القضية الوطنية لشعبنا. يستخدم جيش الاحتلال عصابة "أبو شباب" لسرقة المساعدات ونشر الفوضى بين أوساط المجتمع.

تعمل هذه العصابة على نهب المساعدات ودعوة المواطنين للتواجد في ما يسمى بمنطقة آمنة تقع شرق مدينة رفح تحت حمايتهم وحماية جيش الاحتلال، وذلك بهدف الحصول على الغذاء. قامت هذه العصابات بدعوة المواطنين من تخصصات مختلفة لتقديم طلبات توظيف، بما يشي بمخاطر تحويلها إلى إدارة مدنية، تنفيذًا لمقولة نتنياهو بأنه لا يريد حكم كل من حماس أو فتح في غزة، الأمر الذي يعني أنه يريد إدارة محلية تابعة له، استنساخًا لتجربة جيش لحد في جنوب لبنان، والذي كنسته المقاومة عام 2000 على إثر اندحار جيش الاحتلال من لبنان.

إن استخدام كل من سلاح التجويع والفوضى في غزة له مهمة وحيدة تكمن في جعل الحياة غير ملائمة، بما يمهد الطريق لتنفيذ مشروع التهجير الذي أعلن نتنياهو أنه لا يزال مطروحًا على الطاولة، حيث تم هذا التصريح بعد عدوان الاحتلال على إيران.

تستغل دولة الاحتلال حالة التركيز الإعلامي على الصراع العسكري بينها وبين إيران، والتعتيم الإعلامي على غزة، باتجاه الإمعان في القتل اليومي والاستمرار في جرائم الإبادة الجماعية، كما قامت بتحويل الضفة الغربية إلى معازل وبانتوستونات من خلال مئات الحواجز، إلى جانب الاستمرار في تهويد القدس ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات والاعتقالات اليومية والتنكيل بالأسرى.

يتم ذلك في سياق خطة حسم الصراع التي تتبناها حكومة الاحتلال اليمينية والفاشية والعنصرية.

وعليه، فما العمل فلسطينيًا؟

لقد بات مطلوبًا العمل بكل الوسائل على وقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة وإفشال خطة التهجير التي يتم تمهيد الطريق لتنفيذها. نحن بحاجة ملحة لتحقيق الوحدة الوطنية وتنفيذ اتفاقات المصالحة وآخرها إعلان بكين، وتشكيل وفد فلسطيني موحد لمفاوضات تبادل الأسرى، كما بالضرورة أن يتم تشكيل لجان شعبية من كافة المكونات السياسية والمجتمعية لتعزيز الصمود ومحاربة المظاهر السلبية وتعزيز السلم الأهلي والتماسك الاجتماعي.

لقد بات من الضروري العمل وفق استراتيجية الصمود المقاوم، حيث أنه في ظل موازين القوى المختلة في غير صالحنا، ليس أمامنا إلا العمل على تعزيز مقومات الصمود وإفشال مخططات التهجير والتطهير العرقي، الأمر الذي من خلاله يمكن إفشال خطة الحسم الصهيونية.

هناك مروحة من الأنشطة الكفاحية التي من الممكن الإمساك بها فلسطينيًا، ومنها تعزيز الرواية الوطنية الفلسطينية وتفكيك الرواية الصهيونية، والمساواة بين الصهيونية والعنصرية ونظام التطهير العرقي، وذلك عبر استنهاض أوسع حملة من قوى التضامن الشعبي الدولي، والدفع باتجاه الاستمرار بالتحركات الشعبية لمناهضة العدوان العسكري الاحتلالي على إيران وربط ذلك بمقاومة عمليات الإبادة الجماعية ومخاطر التهجير في قطاع غزة، إضافة لمخاطر الضم والتهويد في الضفة.

لا بد من إعادة إنتاج نموذج كفاح قوي جنوب أفريقيا التي استطاعت تفكيك نظام الأبارتهايد عبر سلسلة من المقاومة الشعبية ومن خلال استراتيجية حملة المقاطعة.