![]() |
رسالة إلى نساء وفتيات فلسطين، نحن نراكن ونقف معكن
نشر بتاريخ: 03/07/2025 ( آخر تحديث: 03/07/2025 الساعة: 13:10 )
![]() ليلى بكر المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية أكتب إليكن بقلب مثقل ثقل معاناتكن، وأسمع صرخاتكن الصامتة التي تختنق في مراكز الإيواء المكتظة، وأسمع صراخ المواليد الجدد وهم يدخلون عالمًا شح فيه كل شيء إلا الخوف الموجع في كل لحظة، لقد وثقنا في عيون الأمهات الإرهاق والجوع واليأس والقهر والحرمان من أبسط ما يحفظ الكرامة. وثقنا كيف يدفع عجز الأمهات عن إطعام أطفالهن إلى حافة اليأس الشديد. نعلم أن العالم الذي تُجبرن على تحمله يتجاوز حدود الاستيعاب: القنابل والجوع والعطش والنزوح المستمر - إنه اعتداء يومي على أجسادكن وأرواحكن ومستقبلكن. ونتابع التقارير: امرأة أو فتاة تُقتل بمعدل ساعة واحدة منذ اندلاع الحرب؛ 130 امرأة تلد يوميًا وسط الأنقاض، أو في مستشفى بالكاد يعمل؛ 700 ألف امرأة وفتاة أصبح الحيض بالنسبة لهن كابوسًا بلا ماء أو خصوصية أو لوازم صحية؛ 55 ألف امرأة حامل يُكافحن ليس فقط من أجل بقائهن، بل من أجل الحياة الصغيرة التي تنمو في أجسادهن؛ 11 ألف امرأة حامل يتضورن جوعًا بالفعل. نعلم أن الأنظمة التي وُجدت لحمايتكن قد دُمرت. مستشفيات مثل الأمل والعودة، شريان حياة للأمهات، مغلقة أو يتعذر الوصول إليها. نعلم أن 17 امرأة وضعن أطفالهن في خان يونس وحدها في أيار / مايو الماضي. نعلم أن الأدوية الأساسية قد نفدت، وأن وقود الحاضنات آخذ في الاختفاء، وأن سوء التغذية ينهش أجسادكن وأجساد أطفالكن الغضة، مما يجعل واحدة من كل ثلاث حالات حمل عالية الخطورة. نشهد الارتفاع الحاد في الزواج المبكر وعمالة الأطفال نتيجة اليأس الشديد. نحزن على أكثر من 40 ناجيًا من العنف لم يجدوا مفرًا سوى إنهاء حياتهم. ونشعر بغضب شديد إزاء حظر المساعدات لأكثر من 110 أيام - 169 شاحنة محملة بإمدادات صندوق الأمم المتحدة للسكان، بما في ذلك وحدات رعاية الأمومة، وحاضنات للأطفال الخدج، وأدوية منقذة للحياة، ومستلزمات النظافة، عالقة بلا فائدة على الحدود منذ آذار/ مارس. نشعر بغضب شديد إزاء الحصار المفروض على الوقود الذي يهدد بإسكات كل آلة إنقاذ متبقية. نشعر بغضب شديد إزاء الهجمات على المدنيين الباحثين عن الطعام، وحرمانهم من مواد الإيواء، مما يعرض أكثر من مليون منكم للخطر. ولكن كن على ثقة: غضبنا يغذي عزيمتنا. نحن هنا. لن نترككن. رغم القيود المُعيقة، والتهديدات الأمنية، والحاجة المُلِحّة التي تحد من قدرتنا الحالية على الاستجابة، لا يزال صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه متواجدين على الأرض في غزة وفي جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة. نُقدّم كل ما يُمكننا، حيثما أمكن: نوزع مجموعات مستلزمات الصحة الإنجابية في الشمال، وهي قطرة في بحر، لكنّها وصلت. ننشر المزيد من القابلات المجتمعيات مع الأونروا وجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، ليكن إلى جانبكن. نُخطّط بشكل عاجل - نُقيّم كيفية استمرار رعاية التوليد الطارئة في حال إخلاء مستشفيات مثل ناصر مرة أخرى. نُخطّط استراتيجياتنا يوميًا. تعمل فرقنا في ظروفٍ مُستعصية، مدفوعةً بالمبادئ الأساسية نفسها التي تُوجّهنا: الإنسانية، والنزاهة، والاستقلال، والحياد. حقكن في الحياة، والصحة، والكرامة غير قابل للتفاوض. أظهر وقف إطلاق النار ما هو مُمكن. وأظهر أننا قادرون على تقديم مساعداتٍ فعّالة عندما تُفتح الأبواب. نحن مُتحمسون للقيام بذلك مرةً أخرى، على النطاق الذي أنتن في أمسّ الحاجة إليه. إلى كل امرأة في غزة: صمودكِ منارةٌ في هذه الأوقات المظلمة وكفاحكِ لحماية أطفالكِ والولادة وسط الفوضى هو شجاعة لم نعهدها من قبل وصبر لم نشهد له مثيلاً. نحن نرى قوتكِ، ونوازن كل هذا بتجديد التزامنا. لن نتوقف عن المطالبة بوقف فوري للعنف وفتح جميع المعابر لتدفقات مساعدات ضخمة ومنتظمة وإدخال الوقود بشكل عاجل لتشغيل المستشفيات ومضخات المياه، طالب بحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني واحترام القانون الدولي. نطالب بالوصول. الوصول. الوصول لكل النساء والفتيان وكل من يحتاج لخدماتنا المنقذة للحياة والمستلزمات التي تحفظ سلامة وكرامة النساء والفتيات. لن نتوقف عن دعوة جميع الأطراف، وكل دولة ذات نفوذ للعمل فوراً من أجل وقف المعاناة. يجب أن تنتهي الكارثة التي هي من صنع الإنسان. إن حفظ أرواح المدنيين وسلامتهم وكرامتهم ليس قابلاً للنقاش. لن نتوقف عن المحاولة من أجل إيصال الإمدادات وسنواصل دعم العاملين الصحيين الأبطال وإيجاد سبل لتقديم الرعاية مهما بلغت التحديات. نعدكن بأننا سنكون حاضرين. لكل النساء والفتيات في غزة لستن منسيات، ألمكن هو ألمنا. إن نضالكن من أجل البقاء، من أجل الصحة، من أجل السلامة، ومن أجل الحياة الكريمة - هو جوهر مهمتنا وما نقوم به. |