وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خبراء: فلسطين تحقق "اختراقاً تاريخياً" بعد موجة اعترافات دولية تهز إسرائيل

نشر بتاريخ: 02/08/2025 ( آخر تحديث: 02/08/2025 الساعة: 21:21 )
خبراء: فلسطين تحقق "اختراقاً تاريخياً" بعد موجة اعترافات دولية تهز إسرائيل

بيت لحم- معا- في خطوة أثارت جدلًا إقليميًا ودوليًا، أعلنت فرنسا عن نيتها الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، ما مثل "اختراقاً تاريخياً" لفلسطين، بحسب خبراء.

هذا الإعلان الذي جاء على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم يكن معزولًا، بل تبعته مواقف مماثلة من قِبل عدد من الدول الغربية مثل المملكة المتحدة وكندا والبرتغال، ما يعكس تحوّلًا ملحوظًا في المزاج الدبلوماسي الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، ويزيد عزلة حكومة بنيامين نتنياهو المتشددة على الساحة الدولية.

ويمثل القرار الفرنسي، الذي وصف بأنه "واجب أخلاقي" في ضوء الكارثة الإنسانية التي تعصف بقطاع غزة، لحظة فارقة في مقاربة المجتمع الدولي لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، فبينما تستمر العمليات العسكرية، وتتسارع وتيرة ضم الضفة الغربية، يبرز الاعتراف كأداة ضغط دبلوماسية تهدف إلى إنعاش حل الدولتين، بعد سنوات من الجمود والتآكل التدريجي في مسارات السلام.

وتزامن الإعلان الفرنسي مع اتصالات مكثفة بين باريس ورام الله، وإشارات واضحة إلى ضرورة تجديد هياكل السلطة الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها، بما يعزز شرعيتها على حساب حركة حماس التي لا تزال تفرض سيطرتها على قطاع غزة.

في هذا السياق، يرى عدد من الباحثين الفرنسيين أن هذه الاعترافات الغربية لا تعد فقط تعبيرًا عن موقف أخلاقي أو قانوني، بل هي أيضًا مناورة سياسية تهدف إلى إعادة تشكيل موازين القوى الفلسطينية الداخلية، عبر تهميش حماس وتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية كفاعل شرعي وشريك محتمل في أي تسوية سياسية قادمة.

وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أنه من حصن بريجانسون، الواقع في مدينة بورم-ليه-ميموزا (إقليم فار)، حيث يقضي الرئيس الفرنسي وزوجته عطلتهما الصيفية منذ الأول من أغسطس، يمكن لإيمانويل ماكرون أن يتذوق طعم انتصاره الدبلوماسي، موضحة أنه بعد أن كان مترددًا ومشغول البال بالانتقام الذي لمح إليه الإسرائيليون في الكواليس، ألم يكن محقًا في نهاية المطاف عندما قرر اتخاذ هذه الخطوة؟

وأعلن الرئيس الفرنسي، في 24 يوليو، عن نيته الاعتراف بدولة فلسطين في شهر سبتمبر المقبل، خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ووفقًا للصحيفة الفرنسية، فإنه قد صيغ هذا الوعد في رسالة وجهت إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ووصفه ماكرون بأنه "واجب أخلاقي"، في وقتٍ تقوم فيه حكومة بنيامين نتنياهو بتدبير مجاعة في قطاع غزة وتُسرّع من عملية ضمّ الضفة الغربية.

وبينما تعجز فرنسا عن وقف الحرب في غزة، والتي اندلعت عقب مجازر السابع من أكتوبر 2023 التي ارتكبهتا حماس، تقدّم باريس هذه المبادرة السياسية كطريق نحو السلام، من المفترض أن يُحيي حلّ الدولتين الذي يرفضه كلٌّ من نتنياهو ووزرائه المتطرفين من اليمين المتطرف، بحسب الصحيفة الفرنسية.

ومع ذلك، وكما كان متوقعًا، أثار هذا القرار استياء إسرائيل، ووجد عدم ترحيب من الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لتل أبيب، وكانت هناك مخاوف من أن تجد فرنسا نفسها معزولة على الساحة الدولية.

ومن جانبه، قال الدكتور دافيد ريجولي- روز، أستاذ العلوم السياسية والباحث في المعهد الفرنسي للتحليل الاستراتيجي (IFAS):لـ"إرم نيوز" إنه "فيما يتعلق باعتراف عدة دول غربية، لا سيما أوروبية، بالدولة الفلسطينية، لا يمكن فصله عن الرهانات السياسية المرتبطة بتوازن القوى داخل الساحة الفلسطينية، معتبرًا أن مسألة ما إذا كان هذا الاعتراف يمكن أن يُضعف حركة حماس سياسيًا أو أيديولوجيًا، هي جزء من التوقعات الضمنية لهذه المقاربة، ومن منطق الاعتراف بدولة فلسطينية محتملة".

وأضاف: "من الواضح أن هناك نية قائمة لإضعاف حماس، التي لا تزال تُمسك بزمام السيطرة، ولو جزئيًا، في قطاع غزة، وفي المقابل، فإن جزءًا من الرهان يكمن في تقوية السلطة الفلسطينية على حساب الحركة، وهو ما يُعد هدفًا ضمنيًا، رغم إدراك المجتمع الدولي لحجم التحديات البنيوية والسياسية التي تواجه السلطة".

وأوضح أن هذا التوجه يتوافق مع ما عبّر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مكالمته مع محمود عباس في مايو 2024، حين شدّد على ضرورة "تجديد هيكلي وقيادي" داخل السلطة الفلسطينية، من أجل تعزيز مصداقيتها مقارنة بحماس، خاصة في أعين المجتمع الدولي.

وتابع الباحث الفرنسي: "إن تكرار الاعترافات الأوروبية لا يعد بالضرورة مؤشرًا على إعادة رسم كلي لخريطة التحالفات الدولية، بل هو خطوة سياسية محسوبة تهدف إلى تثبيت خيار حل الدولتين، واستباق أي فراغ سياسي في اليوم التالي".

كما أشار إلى أن حماس، ورغم إعلانها الترحيب بهذه الخطوات، إلا أنها "تدرك ضمنيًا أن هذا المسار يستهدف تقويض شرعيتها، وتهميش حضورها السياسي على الساحة الفلسطينية".

وأضاف: "ثمة رسالة واضحة تسعى هذه الدول إلى إيصالها مفادها أن حماس لا يُمكن أن تكون جزءًا من التصور السياسي المقبل، وأن الطريق الوحيد لإحياء عملية السلام يتمثل في إقصائها من المعادلة، خاصةً إذا أرادت السلطة الفلسطينية استعادة زمام القيادة".