![]() |
معهد أريج: قرية النعمان ضحية خطوة تهويدية أخرى
نشر بتاريخ: 04/08/2025 ( آخر تحديث: 04/08/2025 الساعة: 10:53 )
![]() بيت لحم- معا- افاد تقرير أعده معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، اليوم الاثنين، ان بلدية القدس تستهدف ديمغرافيا الوجود الفلسطيني، في خطوة تصعيدية جديدة ضمن سلسلة من الإجراءات التهويدية، حيث أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ الثلاثين من تموز 2025 كافة منازل قرية النعمان الواقعة شمال شرق بيت لحم وجنوب شرق القدس المحتلة، بإصدار أوامر هدم جماعية شملت 35 منزلا تحتوي على 45 شقة سكنية مأهولة. جاء التقرير على النحو التالي: واضاف التقرير "ان سلطات الاحتلال ادعت أن هذه المنازل بنيت دون الحصول على تراخيص. وقد تم تنفيذ هذه الخطوة عبر اقتحام قوات الاحتلال للقرية برفقة موظفين من بلدية الاحتلال في القدس، حيث تم تسليم أوامر الهدم للسكان بشكل مباشر". وتابع "وتعد هذه الأوامر الثالثة من نوعها منذ مطلع العام 2025، حيث سبقتها أوامر مماثلة في شهري كانون الثاني وحزيران من نفس العام. يأتي ذلك في ظل سياسة ممنهجة يمنع من خلالها الاحتلال البناء في القرية منذ أكثر من 35 عاما، وهو ما أدى إلى تهجير أكثر من مئة من سكانها، في حين يقدّر عدد السكان الحاليين بنحو 150 نسمة وفقا لمجلس القرية المحلي. وتهدف هذه السياسات بوضوح إلى تفريغ القرية من سكانها الأصليين وضمّها قسريا إلى بلدية الاحتلال في القدس". وقال "في موازاة ذلك، بدأت سلطات الاحتلال منذ عامين بفرض ضريبة "الأرنونا" على منازل القرية بأثر رجعي، وهي ضريبة على المسقوفات السكنية والتجارية، حيث اضطر السكان إلى دفع مبالغ تتراوح ما بين 30 إلى 60 ألف شيكل عن كل منزل. هذا الإجراء، الذي رافقه حرمان تام من الخدمات البلدية، يكشف عن تناقض فاضح في تعامل الاحتلال مع القرية، فمن جهة تدرج القرية ضمن نطاق بلدية القدس، ومن جهة أخرى يحرم سكانها من حقوقهم كمواطنين". خلفية تاريخية ومعاناة مستمرة وقال التقرير "في حزيران 1967، عقب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وشرقي القدس، تم ضم قرية النعمان إداريا إلى حدود بلدية القدس. إلا أن سكانها سجلوا كمقيمين في الضفة الغربية، ما أدى لاحقا إلى خلق وضع قانوني معقد لم يكن له أثر فوري على حياة السكان آنذاك. ولكن مع فرض الإغلاق الشامل على الأراضي المحتلة عام 1993، بدأت تظهر تداعيات هذا الوضع، حيث بات سكان القرية يعتبرون متواجدين بشكل "غير قانوني" في مدينة القدس، بالرغم من أن منازلهم تقع ضمن حدودها البلدية". وتابع "منذ ذلك التاريخ، أصبح الوصول إلى بقية أحياء القدس يتطلب تصاريح خاصة من الإدارة المدنية، بل حتى البقاء في منازلهم لم يعد حقا مضمونا من دون تصريح. في المقابل، لم تقدم بلدية الاحتلال أي خدمات للقرية رغم تبعيتها الإدارية لها، ما اضطر السكان للاعتماد على الخدمات المقدمة من الضفة الغربية". ولفت التقرير "وقد ازدادت القيود حدة مع اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول 2000، حيث أغلق الطريق الوحيد الذي يربط القرية ببقية القدس عبر منطقة أم طوبا في كانون الثاني 2003. وفي العام ذاته، شرعت إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري شرق وجنوب القرية، مما أدى إلى عزلها جغرافيا عن القرى المجاورة مثل بيت ساحور والخاص، وقطع الطريق المؤدي إلى بيت لحم". واضاف "ولم تكتف سلطات الاحتلال بذلك، بل صادرت أراضي زراعية يملكها سكان القرية من أجل شق طريق استيطاني يربط مستوطنة هار حوما (أبو غنيم) بالمستوطنتين "نوكديم" و"تقوع"، ويعرف هذا الطريق بـ"طريق ليبرمان"، نسبة إلى السياسي أفيغدور ليبرمان، كونه أحد مستوطني "نوكديم". وفي عام 2006، نصبت سلطات الاحتلال بوابة أمنية عند المدخل الجنوبي الشرقي للقرية، وأقامت حاجزا دائما يديره حرس الحدود الاسرائيلي، ما جعل هذا المعبر هو المنفذ الوحيد لسكان القرية نحو الضفة الغربية. لا يسمح بالمرور عبره إلا لسكان القرية المسجلين وأعداد محدودة من مزودي الخدمات، ويتم معظم التنقل سيرا على الأقدام، باستثناء مركبات يملكها سكان يحملون بطاقات هوية إسرائيلية. وهذه الإجراءات التقييدية عزلت القرية تماما، وخلقت حالة من الحصار الجغرافي والاجتماعي. فعلى مدى سنوات، بنت القرية علاقات اجتماعية واقتصادية واسعة مع محيطها، سواء في القدس أو في بيت لحم، لكن هذه الروابط تآكلت تحت وطأة القيود. الحياة الاقتصادية تدهورت، لا سيما أن القرية كانت تعتمد على الزراعة وتربية المواشي، وهي قطاعات خنقت بفعل إجراءات الاحتلال. خدمات غائبة ومقومات حياة مفقودة لا تحتوي قرية النعمان على مركز صحي أو خدمات طبية، وكانت عيادة متنقلة تابعة للأونروا تزور القرية أسبوعيا قبل بناء الجدار. غير أن سلطات الاحتلال منعت هذه العيادة من الدخول، مما اضطر السكان إلى السير لمسافة نحو كيلومتر ونصف حتى الحاجز، ومن ثم التوجه بسيارات أجرة إلى العيادات في بيت ساحور أو مستشفى في بيت لحم. كما لا توجد مدرسة في القرية، ويضطر الأطفال للسير نحو كيلومترين عبر تضاريس وعرة للوصول إلى مدارس في القرى المجاورة مثل الخاص والعبيدية. وغالبا ما يتعرض الطلاب للتفتيش أثناء عودتهم من المدرسة، ما يضيف عبئا نفسيا يوميا عليهم. وتجاوزت القيود الجانب الخدماتي لتطال العلاقات العائلية والاجتماعية، إذ أصبح من الصعب على الأقارب من خارج القرية الدخول إليها، حتى في المناسبات الدينية والاجتماعية، أو خلال حالات الوفاة، ما فاقم من عزلة القرية. مسار قانوني طويل ومراوغة إسرائيلية في عام 2004، رفع سكان القرية التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية للمطالبة إما بإزالة الجزء المحيط بالقرية من جدار الفصل، أو الاعتراف بهم كمقيمين رسميين في القدس مع منحهم بطاقات هوية إسرائيلية. وقد توصّل الطرفان إلى اتفاق يبقي على الجدار مقابل إنشاء لجنة لبحث وضع السكان القانوني، لكن شيئا من ذلك لم ينفذ. وفي عام 2006، قامت بلدية الاحتلال بهدم منزلين في القرية كانا يأويان 13 فردا تحت ذريعة "بناء غير مرخص"، رغم أنها لا تقدم خدمات أو تصادق على خطط بناء، بل ولا تجبي ضرائب منها، مما يؤكد بان أوامر الهدم ما هي إلا أداة ضمن السياسات الإسرائيلية نحو تهجير ممنهج للفلسطينيين من مدينة القدس المحتلة. وبعد فشل تنفيذ الاتفاق السابق، تقدم السكان عام 2007 بالتماس جديد طالبوا فيه بإزالة الجدار أو الاعتراف بهم كمقيمين شرعيين، إضافة إلى توفير حرية الحركة والخدمات الأساسية. لا يزال هذا الالتماس عالقا في أروقة القضاء الإسرائيلي، في حين تستمر معاناة السكان دون حل. وللإجمال إن ما تتعرض له قرية النعمان من سياسات تهجير وهدم واستنزاف اقتصادي، يأتي ضمن مشروع استيطاني توسعي يسعى لابتلاع الأرض وفصل القدس عن محيطها الفلسطيني. حالة النعمان تمثل مثالا صارخا على انتهاكات الاحتلال لحقوق الإنسان، وتكشف عن نهج متكامل يسعى لفرض وقائع ديموغرافية وجغرافية جديدة، دون اكتراث للقانون الدولي أو للمعايير الإنسانية. يحدث ذلك في الوقت ذاته، الذي تنخرط بلدية الاحتلال بشكل نشط في توسيع مستوطنة "هار حوما" (أبو غنيم) المجاورة، حيث تشمل خطط التوسعة بناء على أراضٍ مملوكة لسكان قرية النعمان. |