وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

وشكرا لحماس بقلم: الوف بن المراسل السياسي لصحيفة هارتس

نشر بتاريخ: 27/04/2006 ( آخر تحديث: 27/04/2006 الساعة: 22:41 )
يتوجب تقشير عدد كبير من طبقات الخطاب الدعاوي من اجل التيقن من أن سيطرة حماس على السلطة تخدم مصالح اللاعبين الآخرين في المنطقة - عندما يكون اسماعيل هنية في الحكم، فان بامكان اسرائيل أن تواصل سياستها أحادية الجانب في المناطق،
وحكام مصر والسعودية الخاضعين للضغوط الامريكية بادخال الدمقرطة الى بلادهم، يستطيعون أخذ قسط من الراحة.

"نظرية بوش" لتغيير الانظمة العربية تبددت مع انتصار حماس في الانتخابات. حتى بشار الأسد الذي أوشك على الرحيل مُكرها عن كرسيه نجا في اللحظة الأخيرة. نظامه العلماني الدكتاتوري بكل مساوئه بدا فجأة أفضل من النظام الديمقراطي الاسلامي في دمشق.

اهود اولمرت يحتاج الى حماس أكثر من غيره. حكومة حماس الضعيفة والمفتقدة الى الدعم الدولي والمتطلعة للمساعدة، هي البديل الأفضل من ناحيته في الجانب الفلسطيني.

لدى اولمرت استراتيجية: اخلاء اغلبية المستوطنات من الضفة الغربية من اجل انقاذ اسرائيل من كارثة ديمغرافية، والاستعداد بصورة أفضل عسكريا وسياسيا للمجابهة القادمة مع الفلسطينيين. ولكنه لا يملك متسعا من الوقت.

قبل الانتخابات تحدث اولمرت عما تبقى من ولاية بوش (حتى كانون الثاني 2009) باعتبارها "نافذة فرص" لتنفيذ خطة الانطواء. فترة حكم بوش تبدو الآن مسألة أبدية بالمقارنة مع حكومة اولمرت التي يُشك في استمرارها حتى ذلك الحين.

اولمرت مُجبر على التحرك بسرعة وتصميم. اليمين تلقى ضربة في الانتخابات والمستوطنون ما زالوا في عزلتهم ومستوى الارهاب ما زال متدنيا. ولكن هذا الوضع لن يتواصل الى ما لا نهاية.

لذلك يحظر على اولمرت أن يهدر الوقت على المفاوضات الوهمية الفارغة. اذا طلب منه أن يضيع اشهر على مفاوضات عقيمة مع محمود عباس أو مع شخصية فلسطينية وهمية اخرى فانه سيفقد اللحظة السانحة وتعلق اسرائيل لفترة اخرى مع يتسهار وايتمار وغيرها من البؤر الاستيطانية المقامة على ظهر الجبل.

أنصار "الشريك" محمود عباس من بين الاسرائيليين يقترحون اجراء مفاوضات التسوية الدائمة معه واستكمالها خلال شهر، ومن ثم طرحها على استفتاء شعبي فلسطيني.

حسب السيناريو الذي يتصورونه سيجد محمود عباس صعوبة في ابتلاع الاتفاق ويسقط من الحكم. هذا يبدو جيدا اذا كان جزءا من قصة خيالية جيدة الحبك.

أما على ارض الواقع، فلا توجد أي قيمة للاتفاق مع محمود عباس الذي لا يستطيع أن ينفذه أصلا. الأصعب من ذلك أن المفاوضات معه تنطوي على جانب من الخطورة. اذا تفجرت المفاوضات - بسبب الاختلاف حول مشكلة اللاجئين أو القدس مثلا - ستجد اسرائيل صعوبة في الانسحاب من المستوطنات.

ذلك لأنه لا يخطر بالبال أن يتم التنازل عن الاراضي للفلسطينيين بصورة مجانية بعد الفشل على طاولة المفاوضات. بذلك سيتكرس الصراع ضمن الخطوط القائمة، والمستوطنات ستحظى بعملية إنعاش اصطناعية اضافية مثلما حدث بعد الفشل الذريع في كامب ديفيد.

وعليه، فمن الأفضل لاسرائيل ان تكون حماس غير الودية في الحكم. أخيرا أصبح في الجانب الفلسطيني طرف منضبط قادر على الحفاظ على وقف اطلاق النار - حتى اذا كان هشا ومنقوصا - وتطبيق مبدأ "قانون واحد وسلاح واحد" تدريجيا بدلا من فوضى فتح الممأسسة.

التفاهم الصامت الذي توصل اليه شارون مع حماس بوساطة محمود عباس أتاح الانسحاب الاسرائيلي من غزة، وما زال يسمح بحياة طبيعية في القدس وتل ابيب. وقف اطلاق النار القائم أهم في الوضع الراهن من اللقاءات الاستعراضية وخطابات السلام.

فتح تتمتع بدعم دولي قلص من حرية اسرائيل في التحرك. أما حماس فتفتقد الى هذه المكانة. رفضها الاعتراف باسرائيل وتمسكها بالايديولوجيا المتطرفة ودعمها الصارخ لعملية تل ابيب تصب كلها في صالح الدعاية الاسرائيلية المضادة.

الصراع الداخلي يشغل الفلسطينيين ويتيح لاسرائيل التركيز على قضاياها الخاصة. من الصعب تخيل ظروف سياسية أفضل لخطة الانطواء، واذا لم يستغل اولمرت هذه الفرصة السانحة فانه سيفقدها، وعليه ستتلاشى خطته.