وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تقرير اخباري :البنوك الفلسطينية بين مطرقة الضغط الخارجي والاتفاقيات وسندان التجاذبات الداخلية

نشر بتاريخ: 04/06/2006 ( آخر تحديث: 04/06/2006 الساعة: 23:41 )
بيت لحم -معا- يبدو ان التقلبات التي تشهدها الساحة الفلسطينية منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية دفعت المواطن العادي ليصبح خبيراً في السياسة وعلم النفس والتاريخ والجغرافية وحتى عالم الاقتصاد والمال بكل تعقيداته .

ففي ظل التجاذب الحاصل في موضوع رواتب الموظفين والتحويلات المالية الخارجية والداخلية عبر النظام المصرفي والمتمثل في البنوك العاملة وما تتعرض له من ضغوطات خارجية وداخلية كان لابد من البحث في واقع حال هذه البنوك والنظم والقوانين والاتفاقيات التي تحكم علاقتها مع السلطة وعما اذا كانت ستقدم على صرف الرواتب ام لا؟؟.

فقد تضاربت الانباء المتعلقة بصرف رواتب الموظفين والبالغ عددهم حوالي 140 الف موظف حكومي والذين اعتادوا على استلام رواتبهم نهاية كل شهر قبل ان تتوقف منذ اكثر من ثلاثة اشهر دون معرفة وقت صرفها .

وزير المالية الفلسطيني د. عمر عبد الرازق قال بان "سلفة" على الراتب سيتقاضاها الموظفون الذين تقل رواتبهم عن1500 شيكل خلال ايام وسيتبعهم باقي الموظفين بسلفة بنفس المبلغ بعد عدة ايام .

وعبر عبد الرازق في المؤتمر الصحفي الذي عقده في رام الله يوم السبت عن تفهمه لموقف البنك العربي ودعا كل المتعاملين مع البنك العربي من الموظفين لاستلام رواتبهم من فروع البريد.

ظهيرة الاحد عقد مدراء البنوك في مناطق السلطة الفلسطينية اجتماعا مغلقا لتدارس الموضوع وقد صدر عن الاجتماع
تنويه وتأكيد من البنوك العاملة في فلسطين تنفي فيه اي مسؤولية عن اعاقة الرواتب وتحمل الحكومة مسؤولية عدم وصول اموال للرواتب في ودائع البنوك لهذا الغرض وجاء فيه

((تتفهم البنوك العاملة في فلسطين الضائقة المالية التي يمر بها الشعب الفلسطيني, وتستنكر بشدة الحصار الظالم الذي يتعرض له شعبنا البطل.

وفيما يخص القضية قيد النقاش فان جمعية البنوك في فلسطين تؤكد على عدم استلام البنوك الاموال من الحكومة لتغطية رواتب الموظفين محدودي الدخل والتي تقل عن 1500 شيكل.

تعاملت البنوك مع هذه الضائقة بكل ايجابية وبمستوى المسؤولية الوطنية. ولهذا فقد التزمت المصارف بتعليمات سلطة النقد بعدم احتساب غرامات وفوائد تأخير على القروض والسلف المتأخرة السداد على الموظفين.

تدرك البنوك معاناة الشعب والموظفين وقدمت في سبيل تخفيف ذلك والحد منه اكثر مما تستطيع على شكل سلف وقروض للموظفين, وهي على استعداد للاستمرار في تقديم العون المالي للموظفين ولا سيما لفئات الدخل المتدني, وذلك من خلال تسهيلات نقدية حسب الامكانيات المتاحة.

التأكيد على ضرورة تهدئة الموقف وعدم زج البنوك في موقف صعب والضغط عليها تجاه حل وتجاوز عقبات الوضع الاقتصادي علما ان القضية الاساس سياسية تفوق في حجمها طاقات وامكانيات البنوك العاملة في فلسطين كما يتطلب حلها تكاتف الجهود وتعاون الجميع في اطار وفاق وطني)).

وفي حديث لوكالة معا مع السيد موسى قمقام نائب المدير الاقليمي للبنك الاهلي الاردني قال ان البنك تسلم مبلغ 200 الف دولار والكشوفات جاهزة وليس لدينا مشكلة في تحويلها لاصحابها.

مصادر مطلعة في بنك فلسطين افادت ان لا مشكلة لديها في تحويل اموال الرواتب او صرفها عبر الصراف الالي من مساء الاحد وعبر البنك صباح الاثنين.

مدير احد البنوك والذي رفض الكشف عن اسمه قال" ان المشكلة ليست في البنوك بل في التحويلات فمن قال ان الحكومة حولت الينا اموال ونحن رفضنا تحويلها؟"

وكانت بعض المجموعات المسلحة قد اصدرت بيانا وصل معا نسخة منه هددت فيه البنوك بالاغلاق اذا لم تتجاوب مع توجهات الحكومة وما وصفته بالمصالح الوطنية وجاء في البيان " ان البنوك الفلسطينية هي مؤسسات وطنية وجدت لتخدم مصالح الشعب الفلسطيني فاذا اصبح دورها مقلوباً وباتت اداة لتنفيذ الحصار الصهيوني فسوف تعامل معاملة الذين يحاصرون الشعب الفلسطيني ويحاربونه".
وفي صبيحة يوم الاثنين اغلق البنك العربي فرعيه في مدينة غزة وذلك خشية تعرضه للاعتداء من قبل مئات الموظفين من السلطة الفلسطينية الذين لم يتلقوا رواتبهم.

وقام موظفو البنك باغلاق أبوابه بعد تبادل الشتائم مع الموظفين الغاضبين من عدم صرف رواتبهم اسوة بما جرى مع زملائهم الذين يتلقون رواتبهم من بنوك اخرى.


المحلل والصحفي الاقتصادي الاستاذ امجد التميمي وصف الازمة الاقتصادية التي يعيشها الجهاز المصرفي الفلسطيني بالخانقة فهو لم يتلق اموالا للصرف .

واضاف " ان الجلبة الكبيرة المثارة حول دور سلبي للبنوك هي امر مغلوط رغم ان البنوك تعيش حالة ضغط كبيرة تمارس عليها وتهدد بعقوبات وهذه الضغوطات والتهديدات ليست خافية على احد فالولايات المتحدة وجهات سياسية ومصرفية غربية عديدة تعلن هذا الموقف على الملأ.

وحول جدلية العلاقة وتداخلها مع البنوك الاسرائيلية والاوروبية يوضح السيد التميمي لمعا :ان البنوك العاملة في فلسطين تتعامل مع بنوك مراسلة في اسرائيل او الخارج وفي حال اتخذت تلك البنوك المراسلة قرارات بوقف العلاقة والتعامل مع البنوك الفلسطينية فان ذلك سيسبب انهيارات ومشاكل كبيرة لبنوكنا الفلسطينية وللاقتصاد الفلسطيني بشكل عام.

واضاف التميمي انه سبق واتخذ بنك هبوعليم الاسرائيلي وكذلك ديسكونت قرارا بقطع التعاملات وهناك تلويح اسرائيلي بوقف كلي للتعاملات حتى من البنك المركزي الاسرائيلي وذلك في بداية تموز القادم مما سيكون له بالغ الاثر السلبي علينا.

وحول موضوع "السلفة" اوضح التميمي ان لا احد يستطيع ان يمنع البنوك من تحويلها الى مستحقيها .

كما حذر التميمي من الاعتداء على البنوك واعتبر التفكير في ذلك امر خطيرا مشيدا بدور البنوك العاملة في فلسطين في النواحي المجتمعية والاقتصادية والخدماتية .

واضاف" لقد قامت البنوك بواجبها في احلك الظروف التي مرت بالشعب الفلسطيني وشاهدنا ما تعرضت له من اعتداءات واقتحامات ومصادرات من قبل الجيش الاسرائيلي وهي اليوم ايضا تعيش حالة من الضغط والتهديد بقطع العلاقات المصرفية مما يهدد وجودها اصلاً وما سينتج عن ذلك من اضرار لن تطال البنوك فحسب بل ستطال القطاع الخاص والحكومي والتجاري وفي حال اغلقت البنوك ابوابها فان كارثة ستحل بالاقتصاد الوطني."

اما د. نصر عبد الكريم المحاضر في جامعة بيرزيت فقد عقب لمعا حول موقف البنوك والتهديدات بقوله :ان البنوك العاملة في فلسطين قد تبالغ في الحذر اذا ما قررت تحويل اموال من حسابات السلطة المركزية للعملاء الذين يتعاملون معها منذ عشرة اعوام بشكل تقليدي واعتيادي ضمن معاملات مصدرها معروف وهو العوائد الوطنية الداخلية والمنتفع معروف وهو الموظف.

واضاف عبد الكريم ان التخوف من الملاحقة والشك لا مبرر له الا اذا فعلا قامت الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل بممارسة الضغط والابتزاز الى اقصى حد ليشمل المعاملات المصرفية الداخلية فيما يسمى تقييد المعاملات الداخلية وهذا اجراء معمول به فيما يتعلق بالمعاملات الخارجية والتي تحتاج لبنوك مراسلة وخاصة اذا كانت بالدولار.

وطالب عبد الكريم البنوك وسلطة النقد ان تقف موقفا موحدا وتوضح للجهات الضاغطة ان ذلك خارج عن نطاق القانون والاتفاقيات والاعراف.

واوضح ان هناك حوالي 300 مليون دولار قروض للناس واذا ما خضعت البنوك للابتزاز ووقف المعاملات مع الزبائن فهل ستدفع الولايات المتحدة واسرائيل هذا المبلغ للبنوك في حال عزف العملاء عن رد هذه القروض للبنوك!

وحول تقيمه لموقف البنوك في ظل التهديدات الخارجية والداخلية يعبر د. عبد الكريم عن اعتقاده بضرورة ان تتحمل البنوك مسؤولية وطنية واجتماعية واضاف" ان البنوك مستفيدة من المجتمع الفلسطيني ولكن المبالغة في ردود الافعال الغاضبة على قرارات مصرفية او ادارية من خلال التهديد والوعيد لا يخدم الموضوع بل يضر بالواقع"

وراى عبد الكريم انه من غير المعقول ان نخضع مثل هذا الموضوع لتجاذبات فصائلية او اجتهادات واحكام حزبية خاصة وان هناك حوالي 4 مليار دولار كودائع وهناك اقتصاد منتفع منها.

واوضح الخبير الاقتصادي ان الجهة الوحيدة المخولة بالحوار او المتابعة والمراقبة للبنوك هي سلطة النقد وبامكان المجلس التشريعي المتابعة مع سلطة النقد.

واشار عبد الكريم الى ان المحاولات لتجاوز طريق الدولار الوعرة التي تمر عبر نيويورك من خلال استبداله باليورو في المعاملات الفلسطينية لم يعد مجديا لان الوقت قد فات وكلما مر الوقت تضيق الخيارات امام الحكومة الفلسطينية تحت الضغط الامريكي الذي وصل اثره حتى على البنوك الاوروبية التي تربطها تعاملات ومصالح مع الولايات المتحدة .

واضاف" وحتى البنوك العربية لا يمكنها التحويل مباشرة من الخارج للبنوك الفلسطينية الا من خلال مرورها عبر البنوك الاسرائيلية المراسلة فمثلا بنك القاهرة عمان عندما تم افتتاحة في عام 1986 كان عبر اتفاق ما بينه وبين البنك المركزي الاسرائيلي ."
وهذا هو النص الكامل للشق المتعلق بالبنوك حسب اتفاق باريس الاقتصادي الملحق لاتفاقيات اوسلو
(المسائل المالية والنقدية: 1/أ- ستنشئ السلطة الفلسطينية سلطة نقدية "PMA" في المناطق وهذه السلطة ستتمتع بصلاحيات ومسؤوليات لتنظيم ولتنفيذ السياسات المالية ضمن الوظائف المذكورة في هذه المادة. 2/أ- ستعمل السلطة النقدية بمثابة المستشار المالي والاقتصادي الرسمي للسلطة الفلسطينية. 3/أ- ستعمل السلطة النقدية بمثابة المعتمد المالي الوحيد للسلطة الفلسطينية وهيئات القطاع العام محلياً ودولياً. 4/أ- احتياطات العملة الاجنبية (وبضمنها الذهب) للسلطة الفلسطينية وهيئات القطاع العام الفلسطيني سيتم ايداعها لدى السلطة النقدية وتدار من قبلها. 5/أ- ستعمل السلطة النقدية بمثابة مقرض وملاذ اخير للنظام المصرفي في المناطق. 6/أ- ستخول السلطة النقدية الصيارفة الذين يتعاملون بالعملة الاجنبية في المناطق وتمارس السيطرة (تنظيم واشراف) على صفقات التبادل الاجنبي داخل المناطق وباقي ارجاء العالم. 7/أ- سيكون للسلطة النقدية دائرة اشراف على البنوك تكون مسؤولة عن الاداء الملائم والاستقرار والقدرة على سداد الدين والسيولة في البنوك العاملة داخل المناطق. ستعتمد دائرة الاشراف البنكية على المبادئ والمقاييس الواردة في معاهدات دولية وخاصة على مبادئ "لجنة بازل" في عملية الاشراف.
ستكلف دائرة الاشراف بمسؤولية الاشراف العام على كل من هذه البنوك بما في ذلك: - تنظيم جميع انواع النشاطات البنكية بما في ذلك نشاطاتها الخارجية. - ترخيص البنوك المقامة محلياً وفروعها والهيئات التابعة لها والمشاريع المشتركة والمكاتب التي تمثل البنوك الاجنبية والمصادقة على السيطرة على المساهمين. -الاشراف والتفيش على البنوك.
ب- منح ترخيص من قبل كلا السلطتين سيخضع للترتيبات
التالية استناداً الى "ميثاق بازل" السارية في تاريخ توقيع الاتفاق وللقواعد العامة السائدة في السلطة المضيفة بشأن فتح فروع وشركات تابعة للبنوك الاجنبية 0د0السلطة الأم ستكون مسؤولة عن الرقابة المحكمة والشاملة على البنوك، بما في ذلك فروعها وشركاتها التابعة في المناطق الواقعة تحت ولاية السلطة المضيفة، توزع مسؤولية الاشراف بين السلطة المضيفة والسلطة الأم.
ج- ستقوم السلطة المضيفة بفحص منتظم لنشاطات الفروع والشركات التابعة في المنطقة تحت ولايتها وسيكون للسلطة الأم الحق في القيام بفحص داخل الفروع والشركات التابعة في منطقة السلطة المضيفة، ومع ذلك، ستكون مسؤوليات الاشراف للسلطة الأم تجاه الشركات التابعة وفقاً لـ "ميثاق بازل". وبناءً عليه، فإن كل سلطة ستحول للسلطة الأخرى نسخاً من تقارير فحوصات وأي معلومات تتعلق باستقرار وسلامة البنوك وفروعها وشركاتها التابعة.
و- بنك اسرائيل والسلطة النقدية سيقيمان آلية للتعاون وتبادل المعلومات حول مسائل المصالح المتبادلة.

تعقيدات مالية واتفاقيات سياسية ومالية وتهديدات خارجية وداخلية ستنعكس على ساحة الجدل الدائر حول موضوع البنوك والرواتب والتحويلات والتي هي في الحقيقة احدى اوجه الازمة السياسية في الساحة الفلسطينية .