وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

قراءة الصحف والكتب في محافظة الخليل تصل الى واحد بالمئة

نشر بتاريخ: 04/07/2005 ( آخر تحديث: 04/07/2005 الساعة: 13:43 )

كتب محمد ابو عرام - لوكالة معا
القراءة ليست بحاجة الى المديح والثناء لأنها وحدها التي تصنع الحضارة والتطور، وتقضي على الجهل , وعلى الرغم من ذلك فإنها تواجه مشكلة ندرة الإقبال عليها في مجتمع محافظة الخليل , الذي يبلغ تعداده السكاني حوالي 500.000 نسمة , ويشكل تقريباً 16% من مجموع السكان الفلسطينين داخل حدود فلسطين التاريخية .

الحكم على هذا المجتمع بهذه الصفة لم يكن عبثياً , بل إن معظم الأطراف المعنية تؤكد على وجود هذه الإشكالية التي تنطبق على نوعين من المطالعات والقراءة، وهي قراءة الصحف اليومية , والأخرى هي قراءة الكتب الثقافية المختلفة , ويضع مدير مكتب المستقبل جهاد القواسمي تقديراً لنسبة القراءة في محافظة الخليل وهي 1% ، والمقصود من هذه القراءة كما قال هو القراءة الثقافية العامة الاختيارية وليست التعليمية التي تفرض على الناس كالطلاب.

الصحف اليومية شاهدة على الواقع:

عن نسبة التوزيع يقول وسام الشويكي من مكتب الفجر للصحافة والاعلام:" يوزع 1500عدد يومياً من صحيفة القدس، أما الحياة فيوزع منها 700 عدد، والأيام 500 عدد، وهذه النسب لا تعتبر الأرقام الدقيقة لكنها الأقرب الى الرقم الصحيح".
وبهذا يكون مجموع أعداد الصحف الثلاث التي توزع على المحافظة 2700 عدد، وهذا رقم بسيط جداً بالنسبة للحجم السكاني الكبير للمحافظة.

وعن سبب الاقبال القليل على قراءة الصحف يقول الشويكي:" انتشار ووفرة الفضائيات استطاعت أن تضع الأخبار في متناول الجميع وبالسرعة الفائقة، وبالتلي تفوقت على الصحف في السهولة، واليسر، والسرعة، والتكلفة... هذا بالضافة الى الاذاعات والتلفزيونات المحلية... والأهم من ذلك هو انشغال الناس بشؤون حياتهم الأخرى... اضافة الى اهتمام مجتمع الخليل بالثقافة التجارية أكثر من الثقافة الفكرية.

أما جهاد القواسمي فيوضح ظاهرة هي تداول كثير من الناس لعدد واحد من صحيفة معينة، وهذا قد يكون بسبب عدم رغبة هؤلاء في تكليف أنفسهم بدفع ولو مبلغ قليل جداً، لكن ذلك يعني عدم اكتراثهم بالصحف.

ويرى كل من وسام الشويكي وجهاد القواسمي أن "الصحافة الصفراء" والتي تعنى بمخاطبة العواطف، والغرائز، والشهوات تطغى على اهتمامات الشباب الذين يشكلون النسبة الأعلى في المجتمع وعليهم يقع اعتماد هذا المجتمع في التطور والازدهار، ويقول القواسمي أن" مجلة "فوستا" مثلاً كانت تبيع قبل الانتفاضة الثانية 10.000عدد شهرياً".

الثقافة العامة وضعها اكثر احراجاً:

الثقافة العامة هي الثقافة والقراءة والمطالعة للكتب والمنشورات غير المنهجية والتعليمية، والتي تعتبر ممارستها حقاً اختيارياً لا يستطيع أحد أن يفرضها على المجتمع وتعتمد على قابلية الناس واستعدادهم لممارستها، والاستعداد هنا يعني الكثير، فقد يكون نفسياً، حيث يقول جهاد القواسمي أن:" الاحتلال أسس كبتاً وضغطاً نفسياً على الناس، فلم يعد باستطاعتهم تحمل الواقع الصعب الذي يفرضه هذا الاحتلال عليهم"،ويؤيد هذه الفكرة حسين الشويكي"الرفاعي" صاحب مكتبة الصحافة العربية.

وقد يكون الاستعداد مادياً اقتصادياً كما أكدت على ذلك جميع الجهات التي تمت مقابلتها، وتخص هذه الجهات الانتفاضة الثانية التي فاقمت صعوبة الحصول على الرزق وضرورات الحياة، فلم يعد باستطاعة الناس توفير ولو شاقل أو شاقلين يومياً لشراء الصحف التي لا يجدون فيها فائدة أو ضرورة لعيشهم، فهناك ضرورات أهم من ذلك.

وهناك أسباب أخرى لقلة اقبال الناس على القراءة في مجال الثقافة العامة، وهذه الاسباب تشمل الاسباب التي تقف وراء قلة الاقبال على الصحف، اضافة اليها يقول جهاد القواسمي:" هناك اسباب عديدة منها: الطبيعة والبيئة، فهذا المجتمع هو مجتمع اقتصادي(زراعي-تجاري-صناعي) فالاتجاه العام هو مادي ويقتصر على تحصيل الربح... كما أن الانترنت والتطور التكنولوجي عاملان قويان في تدهور وضع القراءة للكتب والمنشورات الثقافية"، وتؤيده في ذلك سهير الشعراوي الموظفة في المكتبة العامة لبلدية الخليل.
وتضيف الشعراوي بأن المكتبة تعير من الكتب شهرياً 500 كتاب فقط في مختلف المجالات.

أما حسين الشويكي فيرى أيضاً أن " الظروف البيئية وعدم تشجيع الأهل لأبنائهم على القراءة في أوقات الفراغ هي عامل فعال في تقليل الاقبال على كتب الثقافة العامة".

قمة الهرم للثقافة الدينية وثقافة الأطفال:

في تجوال داخل المدينة لم تشاهد أي" بسطة" للكتب العامة سوى الكتب الدينية، وعن اقسام الكتب الدينية يقول الطفل فادي الشرباتي(15عاماً) : " أقوم ببيع الكتب الدينية لصالح مكتبة (دنديس) ويوجد عليها اقبال كبير، وأكثر ما يكون على كتب المواعظ الدينية والأدعية والسيرة النبوية"، ويؤيده في ذلك الطفل عدنان دنديس الذي يبيع أيضاً لصالح المكتبة ذاتها.
كما تؤكد سهير الشعراوي على أن قسمي الديانات والأطفال في المكتبة هما الأكثر من ناحية الاقبال عليها.

" نعم يوجد اقبال فالغبار يغطي معظم الكتب "!!

بهذه العبارة بادرت احدى موظفات المكتبة العامة لبلدية الخليل مستهزئة عندما سئلت عن حجم الاقبال على المكتبة، ورغم ذلك تقول سهير الشعراوي :" هناك اقبال على قسمي الديانات، والأطفال، ولكن بنسبة قليلة، والاقبال بشكل عام هو بنسبة 250 رائداً يومياً، ومعظمهم من طلاب الجامعات والباحثين، وتضيف :" المكتبة هي عامة للجميع في المحافظة، ويستطيعون قراءة الكتب المختلفة فيها، وبإمكانهم استعارتها ولكن بعد عمل بطاقات خاصة لهم كضمان لاستعادة الكتب، ورسوم اصدار هذه البطاقة 12 شاقل والاشتراك فيها سنوي".

النتائج والحلول:

إن هذه الظاهرة والمشكلة خلفت وتخلف العديد من السلبيات في المجتمع، ومنها والتي أجمعت عليها معظم الأطراف مشكلة اعتماد هذا المجتمع على التكنولوجيا المتطورة والمتمثلة في الانترنت والفضائيات المليئة بالسموم.

ويرى جهاد القواسمي أنه:" إذا ما قورنت الخليل بمثيلاتها من المحافظات في فلسطين فإنها لا تعد شيئاً يذكر في مجال تخريج الكفاءات المثقفة".

كما يرى حسين الشويكي"الرفاعي" أن:" مشكلة القراءة المهمشة لا تبقى في جيل واحد بل تنتقل الى الأجيال اللاحقة، وبالتالي فإن سلبياتها تنتقل معها، والتي من أبرزها عدم التطور والرقي للمجتمع".

أما عن الحلول فيقول الشويكي:" يجب أن نبدأ بغرس هذه الصفة النادرة- لدى مجتمعنا- في عقول اطفالنا، وعندما نشجعهم على القراءة فإننا نستفيد أيضاً، فحين يقرؤون ونسمعهم نستفيد وإذا أردنا تعليمهم وتثقيفهم بأنفسنا فإننا نضطر الى القراءة وبالتالي نحل المشكلة".

أما جهاد القواسمي فيقول:" على مؤسسات الدولة الثقافية ووزارة الاعلام على وجه الخصوص أن تعمل على تشجيع الناس لتوجه نحو القراءة وذلك عن طريق حملات ثقافية توعوية".

إن هذه الحلول قوية وفعالة للخروج من هذه الأزمة، مع العلم أنها-اي الأزمة- ليست تلك المعضلة التي يصعب حلها، فإذا عرفت قيمة المفقود وهو هنا القراءة فإن إرادة المجتمع هي الحل بحيث أنه سيتوجه نحو اصلاح الوضع القائم حالياً، وإذا كان لا يمتلك الارادة فإنه لا يوجد حينها أي حل.