وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خبراء اعلاميون ونشطاء سياسيون يحذرون من التداعيات الخطيرة للخطاب الاعلامي الذي تتبناه بعض المواقع الاليكترونية

نشر بتاريخ: 23/06/2006 ( آخر تحديث: 23/06/2006 الساعة: 17:48 )
القدس - معـــــــاً - حذر خبراء اعلاميون ونشطاء سياسيون من لغة الخطاب الاعلامي الذي تبثه بعض المواقع الالكترونية ، واستخدام هذه المواقع ومنها منتديات حوار يسيطر عليها اسلاميون ، وتتضمن لغة الخطاب هذه تكفير الآخرين ، والتعريض بالسمعة الوطنية والشخصية لرموز في المجتمع ، ما يمكن ان يؤدي الى تعميق هوة الخلاف الداخلي ، وتمزيق النسيج المجتمعي.

يأتي هذا التحذير اثر الحملة العنيفة التي شنتها مواقع تابعة لحركة "حماس" ضد بعض الرموز النسائية السياسية والاعلامية الفلسطينية ، كما حدث قبل ايام ضد سلوى هديب - وكيلة وزارة شؤون المرأة - ومن القيادات النسوية البارزة في حركة "فتح" اضافة الى ما تعرضت له الاعلامية الفلسطينية ، وفاء عمرو مراسلة وكالة "رويترز" في الاراضي الفلسطينية من تشهير وقذف اثار ردود فعل غاضبة في اوساط اعلامية ومدنية عديدة ..

وفي تعليقه على ما تبثه بعض المواقع الالكترونية بهذا الشأن ، قال د. احمد صبح الوكيل السابق لوزارة الاعلام ، ان خلق التحريض والفتنة بإسم الدين ولاغراض سياسية يزيد من التوتر والخلاف ، ويعمق الجراح بدلاً من ان يساعد على لملمة الصفوف ، وبالتالي فإن هذه المواقع الالكترونية والقائمين عليها من السياسيين يتحملون مسؤولية تاريخية في تعميق الجرح.

واضاف قائلا:" لقد حاولنا جميعاً كل في موقعه مناشدة هؤلاء بعدم زج الدين ، وبعدم تعميق الخلاف الداخلي ، وحرق اسماء ورموز العمل الوطني في وقت تشتد فيه الهجمة الاسرائيلية علينا في القدس وباقي الاراضي الفلسطينية ، ونحن ننظر بخطورة بالغة الى مثل هذه المواقف التي تخلق فتنة ، " والفتنة اشد من القتل" .

واعتبر د. صبح المفردات والمصطلحات التي باتت هذه المواقع تستخدمها مثل " الدعَّية" كما جاء في وصف سلوى هديب - بأنها دعوة للاقتتال الداخلي , واضاف "عندما يخرج هذا السياسي او ذاك مستغلاً اسم الدين متحدثاً بإسم الله سبحانه وتعالى فإنه يرسل لنا رسالة مفادها " ان ما يقوله غير قابل للنقاش ، وبأن ما يقوله حقيقة قاطعة مانعة لا لبس فيها ، وبالتالي هو يلغي الحوار ليعمق الخلاف ، وهذا بحد ذاته بدعة " ..

د. نزال حرية التعبير في خطر :

اما د. جمال نزال الناطق الاعلامي بإسم حركة "فتح" في الضفة، فاعتبر ما يبث على المواقع الالكترونية ومنتديات الحوار التابعة لحركة "حماس" امراً خطيراً محذراً من تداعياته ، وقال :" ارى ان حرية التعبير في خطر وحرية المعارضة تتقلص نتيجة مناخ ثقافي معادٍ للرأي الاخر، وهو مناخ يفترض الصواب المطلق في جانب الحكومة، والتخطئة المطلقة للمعارضين ، وهنا يستحضر في تصريح للدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي حين قال :" من يعارض الحكومة يرتكب معصية " في حين ان تصريحات وزيرة شؤون المرأة تحمل اشكاليات كبيرة فالصحافي ممنوع من ممارسة دوره الرقابي لذا فهو متهم بإشاعة الفتنة ، ما يشكل ابتزازاً لهذا الصحافي الذي عليه ان يختار بين اشاعة الفتنة ، او ممارسة دوره في فضح الفساد .." .

واضاف :" مشكلة هذه الحكومة هو ان برنامجها قائم على انها تنطق بإسم الله ، واذا كان هذا ما تؤمن به فهذا يعني ان معارضيها ينطقون بإسم الباطل والشيطان "..
وفي اشارة منه الى ما قام به خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة " حماس" حين وقف خطيباً في دمشق وقال :" كل من لديه معلومة عن فساد فليطلقها اليوم في الانترنت" .

واوضح نزال :" عند ذلك تنبأنا بأن هذا سيفتح الباب لاشاعات مختلفة لا اساس لها من الصحة ، واليوم نرى كثيراً من المواقع الالكترونية وقد تحولت الى " مزابل للمعلوماتية العفنة " حين تصف مناضلة مثل الاخت سلوى هديب ب" الدعية " وفي واقع الامر، فإن ما قامت به هذه المواقع ليس مجرد دعاية ، بل هو جزء من سياسة عنوانها :" اغتيال الاسماء " و "حرق الاسماء" ونحن في حركة فتح نرى حملة تشن منذ سنوات وتستهدف بعض السياسيين الاقوى في الحركة في عملية مدروسة لحرقهم مثل :" الرئيس ابومازن" والطيب عبد الرحيم ، ومحمد دحلان واخيراً مروان البرغوثي ، حين وصفوا " وثيقة الاسرى " بأنها وثيقة امريكية ، والمقصود من هذه الحملة هو اسقاط مصداقية هؤلاء بإعتبارهم رأس الحربة في حركة "فتح" .

وختم د. نزال حديثه معرباً عن امله في ان لا تكون الديمقراطية التي فتحت حركة "فتح" ابوابها لحماس وغيرها ، قد افرزت موازين قوى جديدة تضر بالعملية الديمقراطية !! .

حاتم عبدالقادر - اسفاف يخلخل وحدتنا الداخلية :

من ناحيته ادان حاتم عبد القادر النائب السابق في المجلس التشريعي الفلسطيني ، والقيادي في حركة "فتح" الاسلوب الذي اتبعته بعض المواقع الالكترونية في التعويض والتشهير على بعض رموز الحركة النسائية .

وقال :" ندين هذا التعريض بأخت مناضلة كرست حياتها في النضال من اجل القضية الفلسطينية " ،واضاف :" هذه الحملة تدخل في اطار " قذف المحصنات الغافلات ، وبالتالي يترتب على ذلك عقوبات شرعية وقانونية ، وانا آسف لوصول بعض المواقع على الانترنت الى هذا المستوى الهابط من التشهير بالشخصيات النسائية الوطنية مثل سلوى هديب ، في وقت نحن احوج ما نكون فيه الى الوحدة ، ونبذ الشائعات والحفاظ على جبهتنا الداخلية ، اذ من شأن هذه المهاترات ان تعكس صورة سلبية عن شعبنا في الخارج ، وتخلخل ايضاً وحدة الشعب في الداخل ، لذا اناشد اصحاب هذه المواقع بالكف عن هذه الاسفاف ، ومعالجة القضايا الادارية في اطار المؤسسات ، وعدم نقل كل في قضية ادارية الى مواقع الشائعات على الانترنت "..

وفاء عبد الرحمن - تخويف وترهيب :

اما وفاء عبد الرحمن ، مديرة مؤسسة فلسطينية واحدى الناشطات السياسيات ، اعتبرت الحملة التي تشنها مواقع الانترنت ضد بعض الرموز النسائية السياسية والاعلامية ، بأنها حملة تخويف وترهيب.

وقالت :" حين يتعلق الامر بإمرأة فإن التهم دائماً جاهزة، ولا تتم مناقشة الضحية المستهدفة سواء كانت صحافية او ناشطة سياسية بموضوعيتها ومهنيتها او بموقفها من قضايا تتعلق بالحركة النسائية ، بل يجري القاء التهم جزافاً ، والمفترض بمواقع تدَّعي ارتباطها بالدين ان لا ترمي المحصنات الغافلات بما هبَّ ودب من التهم ..

وحذرت عبد الرحمن من تداعيات الخطاب الذي تتبناه هذه المواقع الالكترونية ، وقالت :" خطورتها انها تشكل رأياً عاماً ، وثقافة مجتمعية ، وثقافة جمعية تمنحنا هوية ، واذا كان خطابها هو الذي سيسود ، فسنعاني من انحدار ليس على المستوى الثقافي فحسب ، بل على المستوى الحضاري، والاجتماعي .. "

وتضيف :" هنالك انفلات ثقافي وانحدار اجتماعي ، فبعد ان كنا ولسنوات طويلة نتغنى بنضالات المرأة، نعود اليوم الى عهود القرون الوسطى في اوروبا ، هذا مرعب ، وهناك تراجع في حضور المجتمع المدني وفي الحركة النسوية ، حيث يفترض منهما تبني مواقف جريئة بعيدة عن كل حين ".