وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل نستعين بديك نزهة

نشر بتاريخ: 09/07/2005 ( آخر تحديث: 09/07/2005 الساعة: 13:25 )
معاً - خمسة أعوام في تاريخ الشعب الفلسطيني، أربعة منها كانت انتفاضة كبرى، وبغض النظر عن الأسباب التي أدت الى نشوبها سواء كانت سياسية، أو دينية، أو حتى نفسية فإن هذه الانتفاضة حصدت الكثير من الأرواح بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولا شك أن الجانب الفلسطيني كانت له الحصة الكبرى من الأضرار على كل المستويات.

هذه الانتفاضة لم تتوقف الا بعد أن حدث التغيير السياسي في السلطة الفلسطينية، والذي حصل بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات-رحمه الله- ، فقد جرت الانتخابات الرئاسية وفاز بها محمود عباس (ابو مازن) كما توقعت معظم الأطراف في الداخل والخارج، أو كما رغب الخارج.

أبو مازن كما أطلقوا عليه"رجل المرحلة" أوضح برنامجه الانتخابي- الصارم- قبل أن يفوز في الانتخابات، فقد أكد على أن الاستمرار في الوضع القائم حينذاك (أي الانتفاضة) لا يخدم المصلحة الفلسطينية، وأن على جميع الفصائل وقف العمليات المسلحة ضد اسرائيل، وأيضاً وقف المظاهر المسلحة، والتخلي عن سلاح المقاومة، في المقابل طالب اسرائيل بوقف هجماتها على الفلسطينيين وتحديداً استهداف كوادر المقاومة.

المقاومة لم تعلن عن مواقفها في البداية - أ ي في الفترة الأولى من رئاسة ابو مازن، وأبقت على صمتها النسبي الحذر من أي تطورات قد تحدث.

جاءت قمة شرم الشيخ الرباعية وقد تخللتها وعود بين الطرفين، حيث أعلن ابو مازن أنه سيفرض التهدئة على الشارع الفلسطيني، كما أن شارون أعلن عن نيته تخفيف الهجمات والاجتياحات للمناطق الفلسطينية، وتخفيف الاجراءات على الحواجز، وإمكانية تسليم بعض المدن التي احتلت في الانتفاضة للسلطة الفلسطينية إذا ما أثبت الفلسطينيون نواياهم في التهدئة.

عقدت بعد هذه القمة عدة لقاءات بين الجانبين، والتي كانت معظمها بين مسؤولين أمنيين، الى جانب لقاء أبو مازن وشارون، و تكررت مراحل الفشل في هذه اللقاءات خاصة أثناء تسليم المدن، وتحديدأ مدينتي أريحا وقلقيلية .

في هذه الفترة سافر كل من أبو مازن وشارون إلى واشنطن كل على حده للقاء بوش، وقد عم الهدوء هذه الفترة من قبل الجانب الفلسطيني، لكن الجانب الاسرائيلي ارتكب العديد من الخروقات.

بعد ذلك علت نداءات المقاومة المطالبة للسلطة بضرورة توضيح الصورة السياسية التفاوضية أمام الشعب الفلسطيني، وتحديد خطة للحسم في هذا الموضوع ، خاصة بعد عدم التزام الطرف الاسرائيلي بالاتفاقيات الموقعة مع القيادة الفلسطينية.

و حدثت خلافات في الرأي ليست خفية على أحد بين الفصائل والسلطة وصلت الى حد التهديد بحل الهدنة والتنصل منها، وعقدت اجتماعات بين الفصائل والسلطة في الداخل، وفي الخارج- اجتماعات القاهرة - وذلك لاقناعها بالاستمرار في التهدئة.

لكن اسرائيل واصلت خروقاتها التي اضطرت المقاومة الفلسطينية الى الخروج عدة مرات من تحت ضغط التهدئة الالزامي، و نفذت عدة هجمات للمقاومة في غزة والضفة، ولم تمتد الى الاراضي المحتلة عام 1948م.

في هذه المرحلة تعرض ميزان التهدئة للاختلال والاضطراب، وقد لجأ العديد من أفراد الشارع الى التنصل من سيطرة القانون، حيث انتشرت وما زالت حالة الانفلات الأمني في العديد من المناطق الفلسطينية، فأصبح هم القيادة الفلسطينية وقف هذه الحالة الخطيرة التي قد تؤثر على التهدئة.

بهذا يكون الوضع الفلسطيني منذ تسلم القيادة الفلسطينية الجديدة لمهامها لم يحدث فيه أي ايجابيات جديدة سوى التهدئة المهلهلة التي قد تصبح خبراً في الماضي وكأن شيئاً لم يحدث، أما المشكلة لدى هذا الجانب فهي داخلية وتوجد خلافات ليست بسيطة، سواء بين الفصائل والقيادة، أو بين الفصائل نفسها، وكذلك مشكلة الشارع الذي سادته حالة الانفلات الأمني، وإن كنا " نكابر" كشعب فلسطيني في حل هذه الأزمة المتشعبة بين الأطراف كلها فإنها قد تتفاقم اذا لم يكن هناك طرف ثالث يوفق بين هذه الأطراف.

الجانب الاسرائيلي يقوم فقط بالاعلان عن خطط للتهدئة من جانبه، لكن الواقع ينكر ذلك فالعمل في الجدار ما زال مستمراً، ومصادرة الأراضي مستمرة، وكذلك البناء في المستوطنات.

خطة الانسحاب من غزة ما زالت حبراً على ورق حتى نرى آب القادم، الموعد الثاني المعلن لهذا الانسحاب، والذي كما ذكرت بعض وسائل الاعلام أن قائد الوحدة المنفذة له من أشد المعارضين له.

اذا ما الحل في ظل هذا الوضع الخطير في الجانب الفلسطيني، ومن قبل الجانب الاسرائيلي ؟ ربما على رعاة العملية السلمية جلب " ديكين " من نوع " ديك نزهة " ديك لحل الأزمة بين الأطراف المختصمة في الجانب الفلسطيني، وكذلك ديك لمراقبة الطرف الآخر لتنفيذ التزاماته وتعهداته.

وحتى لا يكون هناك التباس نوضح قصة " ديك نزهة "، والقصة تقول : هناك امرأة مسنة تدعى نزهة من بلدة يطا جنوب الخليل تعيش مع ديكها في بيت قديم تملؤه الفضلات المنزلية، وترفض هذه المسنة رميها خارجاً، ووظيفة هذا الديك هو حماية المسنة من أي شخص خارجي قد يشك أنه غير مرغوب فيه، واذا ما حدث وهاجم هذا الديك أي شخص غريب، فإنه لا يتركه الا بإشارة من قبل نزهة.

إن العبرة من ذلك أن الحالة في الجانبين بحاجة الى طرف ثالث قوي يوفق بين أطراف هذا، ويراقب ذاك. الجانب الفلسطيني بحاجة الى طرف يكون له تأثير على جميع الجهات، مثلما هو الدور المصري .

هذا الطرف يجب أن يكون على شكل لجنة دائمة الحضور في الأراضي الفلسطينية ولها وزنها وقوتها التي بها تستطيع الحل بالتعاون مع أجهزة السلطة الثلاثة، التشريعي، والقضائي، والتنفيذي.

أما على الجانب الاسرائلي فيجب أن يكون هناك طرف دولي من عدة دول، وليس من قبل الأمم المتحدة التي لا تستطيع البت في أمر يعارض أو ينتقد اسرائيل في ظل حضور الفيتو الأمريكي، هذا الطرف عليه أن يكوّن أيضاً لجنة قوية التأثير، ولها وزنها، وتعمل على تسجيل مجريات الأمور، وترفع التقارير لدولها التي تكون بمثابة الحكم الذي يبت في الأمر وذلك بتفويض مسبق من قبل رعاة العملية السلمية، وتحديداً اللجنة الرباعية.

أما اذا استمر الوضع الحالي كما هو عليه دون وجود هذا الطرف أو الطرفين، كحراس للوضع في ظل غياب دور اللجنة الرباعية المسؤولة عن خارطة الطريق والتي أضحت أثراً بعد عين، فإن هذا الوضع سيتفاقم، وإذا ما عاد الى مثيله سابقاً (أي الانتفاضة)، فإنه سيعود بقوة ليحصد الأخضر واليابس.