وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بالصور- "حارسة الخضر".. سحر وشعوذة أم وسيط لصاحب المقام؟!

نشر بتاريخ: 26/10/2010 ( آخر تحديث: 26/10/2010 الساعة: 15:11 )
غزة- تقرير معا- كثيرة هي القصص التي نسمعها عن عالم السحر والشعوذة، حيث الجهل بأمور الدين وضعف الإيمان، فيلجأ البعض إلى السحرة والدجالين الذين يتستر بعضهم بلباس الدين أو "أولياء الله الصالحين"، فيقعون فريسة لبراثن النصب والاحتيال لاعتقادهم أن السحر هو المفتاح.

مراسلة "معا" هدية الغول، طرقت باب الشعوذة بغزة والتقت بغالية خضر "أم طلعت" في العقد التاسع من العمر وهي حارسة "مقام الخضر" في دير البلح وسط قطاع غزة، مقام استغلته لتمرير معتقداتها على المساكين من الناس، فتخدعهم بالقول والعمل مقابل مبالغ من المال، ما إضطرنا لدفع 45 شيكلا فقط حتى يتم تصويرها بالقرب من المقام، حيث يزداد المبلغ كلما زاد نزولها إلى أسفل المقام حيث "يرقد الخضر".

والمكان عبارة عن محراب، يحتوي على ثلاث قباب وساحة، ومن تحته المزار، ينزل إليه بعشر درجات، وفيه قبر صغير قيل أنه لأحد الأساقفة اليونان، وهناك بلاطة عليها كتابة باللغة اليونانية، وبأرضه بلاطة أخرى عليها أثر صليب، وسمي بمقام "الخضر".

من هو هذا الخضر؟، لم نصل إلى إجابة شافية.. لماذا هي من تحرس المكان؟، قالت انه من أجدادها وهي أحق الناس بحراسته، لماذا كل هذه القذارة في المكان؟، تتنتظر من البلدية أن تعيد ترميمه وليس تدميره ولا يهمها رضى الجيران عن المكان، فقالت: "الجيران والله مَرْحَبْ راضين أو لا؟.. مين إلي يقدر يحكي في الخضر.. بحارب الدنيا ولا حدا يهده، انشالله إلي بهده ما يضل وراه ولا ولد ولا بنت والي بيئذي الخضر أنا وراه والله وراه".

وسط القمامة والذباب الذي يملأ المكان والرائحة العفنة التي تنبعث بدأنا لقاءنا مع "أم طلعت" سيدة مقام "الخضر" وسألناها ماذا تفعل في المقام؟ وبحسب اجاباتها التي نكاد لا نفهمها قالت إنها وسيط بين الناس والخضر، وظلت تردد كلمة "الخضر حي يرزق،، الخضر حي يرزق"، دون ان نفهم ماذا كانت تقصد من هذه الكلمات.

وتقول: "خلص الخضر حي يرزق وبقولك عليه السلام الخضر لا يتعدى عليه لا عيسى ولا غير عيسى الخضر ما ماتش وبيمرق عن الناس مثل الخيل والكل يقول انه حي يرزق وكل الناس تشوفه".

وتقول "أم طلعت" إن مقام الخضر ليس ملكا لأحد وأنه ملك أجدادها وقد تخلى عنه الكل بعد أن سقطت معظم جدرانه، مشيرة الى أن كثيرا من الناس تزوره لطلب مساعدته في أمور الزواج والحمل وحل المشاكل الاخرى، وتضيف "بيجوا للخضر بزوروه.. واحدة بتكون وجعانة بتقوله يا رب اشفيني بتجبله ثوب.. وحدة مش حامل بتقوله يا رب تعطيني وبتجبله ثوب" شرط أن يذبح له عدد من الخرفان بالقرب منه حتى يشعر برائحة الدم كما تقول.

وبين الفينة والأخرى كانت أم طلعت تستشيط غضبا وتستنفر كلما أحست أن الأسئلة الموجهة لها تزعجها، فكانت ترفض الحديث عن "السحر" وتنفي أنها تقوم بهذه الأعمال.. كما كانت ترفض الحديث عن طبيعة عملها في المقامة وتصر دائما على مغادرتنا فتقول: "بتصوروا وبتقولوا ايش بتعملي،،، خلص يا ولية يا شيخ زهقتوني يلا روحوا".

دقائق وتعود لترد على أسئلتنا التي تزعجها قبل ان تعود مرة أخرى إلى ما يطلبه الخضر من الناس: "فهو لا يطلب مالا وإنما يطلب عددا من الخراف لينشر بركته على من يسأله" وبحسب "أم طلعت" فانه يتم توزيع الخروف على الحاضرين فتقول: "إنت ورقة وأنا ورقة والثالث ورقة والي بده يذبح في البيت بيعطينا 25 ألف بدل الكرشة والرأس والمعلاق والورك عشان الخدامين".

استرسلنا مع أم طلعت في الدجل والجهل ولكن عبثا فهي لا تدرك ماذا تقول أو ماذا تريد وكل ما تدركه فقط أن "الخضر حي يرزق" وأنها هي فقط من يراه مشددة انه مر من جانبنا ونحن نعد التقرير.

"الله حي،،، الله حي"، وتروي "أم طلعت" حكاية الدراويش مع مقام الخضر الذين ياتون من غزة وخان يونس ورفح وبني سهيلا للدروشة ويحمل كل واحد منهم طبلا وراية،،، وتقول إن أبو إسماعيل- لا نعلم من هو- منعهم من ممارسة الدروشة مع الخضر.

جيران "سيدة المقام" ابدوا انزعاجهم من الممارسات التي تمارسها "أم طلعت" ومن كم القذارة التي تغطي مكان سكناها حتى اضطر احدهم إلى إحكام إغلاق نوافذ شقته صيف شتاء حتى لا يشم أي روائح تنبعث من عندها.

وآخر اعتبر ما تقوم به "أم طلعت" جهلا في الدين ودجلا مطالبا السلطات في غزة بالاهتمام بالمكان والإشراف عليه أو أن تقوم بهدمه وإقامة مسجد مكانه، مشيرا إلى انه اضطر إلى بناء جدار خلف المقام ليفصل بيته عن المكرهة الصحية التي تسببها القاذورات بالمقام.

وكانت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة قد أصدرت قراراً للحد من ممارسة أعمال الشعوذة والسحر في قطاع غزة، وقالت إنه يحظر التعاطي بأعمال السحر والشعوذة والدجل وكافة الأعمال التي تنطوي على التغرير بالغير، ويعاقب كل من يخالف أحكام هذا القرار بالعقوبة المقررة قانوناً.

وفي شهر آب المنصرم لقيت "جبرية أبو قينص" مصرعها بعد أن اتهمت بالسحر والشعوذة حيث قام مجهولون بإطلاق عدة اعيرية نارية عليها للتأكيد على أن الهدف القتل لا الإصابة ولا الاعتقاد بأنه عيار ناري بالخطأ، بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الانسان.

وتؤكد الدراسات الأثرية أن أسفل هذا المقام يوجد دير القديس هيلاريون أو "هيلاريوس" الذي يعود إلى القرن الثالث الميلادي ويعتبر أقدم دير لا يزال قائماً في فلسطين، وتدلل الدراسات على صحة فرضيتها بأن خطة مبنى مقام الخضر تظهر عناقيد مصلبة تذكر بفن العمارة الصليبي، كما توجد في المكان نفسه بعض النقوش اليونانية والتيجان الكورنثية والأعمدة الرخامية، الأمر الذي يؤكد بناء مقام الخضر فوق الدير، فيما تقول الروايات الأخرى إن اسم المقام منسوب إلى القديس "جورجس"، وتعني هذه الكلمة "الخضر" باللغة العربية.

وللحكاية تتمة..