وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سورية بالتاء المربوطة ام بالالف الممدودة ؟

نشر بتاريخ: 26/04/2011 ( آخر تحديث: 27/04/2011 الساعة: 14:49 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - بغضّ النظر عن النتائج التي ستؤول اليها الاحداث في سورية ، فان ما يحدث يشكّل صفعة على وجه " الانظمة الوطنية " ودرس لكل من تسوّل له نفسه ان يحكم بالحديد والنار بذريعة انه حامي الحمى وقاهر الاحتلال الاسرائيلي ورافع راية المقاومة ...الخ من هذه الكلاشيهات التي حفظناها عن ظهر قلب .

وحتى لا يختلط الحابل بالنابل ، فاننا كفلسطينيين نرى ان ما يحدث في سوريا شأن سوري داخلي ، والكلمة الاولى والاخيرة ستعود للشعب السوري وليس لشعب غيره ، ورغم وجود نحو 300 الف فلسطيني في الشام منذ 34 عاما ، الا اننا نريد ( كما يريدون هم ) نعتبر انفسنا ضيوفا عليهم ولا نقرر معهم او نيابة عنهم .

وسواء جرى اسقاط الطبيب بشار الاسد من الحكم ، او لم يسقط فان هذا امر لا يقلقنا ، ولكن احداث درعا واخواتها من المدن السورية ، تضيف الى قناعاتنا درسا مهما في علم السياسة ، فلم يعد مقبولا على اي قائد عربي او غير عربي ان يقمع شعبه بحجة انه يدافع عن فلسطين ويساعد اهل فلسطين ، فلا النظام السوري ولا النظام الايراني ولا اي حزب فلسطيني ايضا ، يملك الحق في قمع حرية شعبه وقهر ابناء جلدته بحجة انه سوف يحرر فلسطين .

ففلسطين ، بترابها وحجارتها وجبالها وتلالها وفيافيها ، فلسطين بنهرها وبحورها الثلاث بريئة براءة الذئب من دم يوسف من هذه الجرائم ، ومن يريد تحرير فلسطين لا يقتل شعبه باسمها ولا يزجّ باسم فلسطين في اية مهزلة من هذا النوع ، ولو كان احد يريد ان يحرر فلسطين ، فقد جربنا جميع الدول العربية عسكريا وسياسيا وسيكولوجيا ، ونقول بعد 60عاما على هذه التجربة ( سعيكم مشكور وبارك الله فيكم وليقدرنا الله ان نرد جميلكم ) .

ونحن سوريون حتى نخاع العظم ، وكما كان يقول الشاعر الكبير محمود درويش في ديوان لماذا تركت الحصان وحيدا ( انا بن الشاطئ السوري .. بيتي على اطرف الصحراء ) وبالفعل نحن سوريون قبل ان يقسم ظهرنا سايكس بيكو بالمسطرة الجيوسياسية ، ولكن ومع الاسف نحن سوريون ممنوعون من دخول سوريا ، ومعظم ابناء الارض المحتلة لم يدخلوا الشام ولم يشربوا من نهر بردى بحجة اتفاقية اوسلو ، وانا لا اعرف حتى الان كيف تسمح القيادة السورية للقيادة الفلسطينية التي وقّعت اوسلو من دخول سوريا فيما تمنع المواطن الغلبان من دخولها !!!! مقاومة سورية عجيبة غريبة لم نفهمها !!


وحين دخلت سوريا اخر مرة فوجئت من حجم التخلف التكنولوجي فيها ، بل اكاد اقول ان رام الله متطورة 15 سنة للامام عنها ، وعمّان متطوّرة 20 عاما للامام عنها من ناحية الاتصالاات والمواصلات والوزارات ونظام الحكم وحتى اداء الاجهزة الامنية .

ورغم ان سوريا تعتبر من البلاد النامية، الا انها تصنف في المركز 97 عالميًا والـ 12 عربيًا من حيث جودة الحياة. والمركز 107 عالميًا من حيث التطور البشري،والمركز 111 حسب تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2009 لتقدير الناتج المحلي الإجمالي للفرد، والمركز 64 عالميًا من حيث القوة الشرائية للفرد والمركز 75 عالميًا من حيث حجم موازنة الدولة العامة. والغريب ان النظام الاقتصادي السائد في سوريا كان يصنّف انه نظام الاشتراكي، غير أن الدولة أخذت تتجه نحو النظام الرأسمالي المعتدل، أو ما يعرف بنظام السوق الاجتماعي وهو ما لم نلمسه في دمشق ، وفي دمشق ان لا تعرف نفسك اذا كنت اشتراكيا ام رأسماليا ، فاذا كانت اشتراكية فاننا لم نلمس المساواة والعدل ، واذا كانت رأسمالية فاننا لم نلمس التطور التكنولوجي وابداعات الشركات وانجازات الفرد .واذا عدنا الى تقرير التنمية البشرية فان الارقام تشير الى ان فلسطين - رغم انها تحت الاحتلال - متفوّقة على سوريا في مجالات التعليم والزراعة والناتج القومي والتحصيل العلمي والكثير من المجالات الاخرى !!!

ويبلغ عدد سكان سوريا نحو 25 مليون نسمة، ويعتبر الشعب السوري من الشعوب النامية بمعدل أربع أطفال لكل امرأة، وتحتل المركز 7 عربيًا و54 عالميًا من حيث عدد السكان، أغلب الشعب السوري متعلم وتكفل الدولة التعليم بشكل مجاني بجميع مراحله، أما من حيث العمالة تحتل البلاد المركز 69 عالميًا من ناحية قوة سوق العمل،ومتوسط عمر السكان 74 عامًا ونصف وبهذه النسبة تحتل سوريا المركز 95 عالميًا والـ 8 عربيًا في مؤشر الحياة؛ وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات للسوريين المغتربين وذوي الأصول السورية إلا أن عددهم وفق بعض التقديرات حوالي 18 مليون، ويعتنق أغلب السكان الإسلام بطوائف مختلفة، كما هناك نسبة مرتفعة من المسيحيين في سوريا وفي الاغتراب السوري، وتعتبر البلاد ذات أهمية دينية ومركزًا لعدد من الطوائف المسيحية والإسلامية على حد سواء. أغلب سكان سوريا هم عرب ويشكلون 90% من السكان، مقابل 8% من الأكراد و2% من الأثنيات والمجموعات العرقية الأخرى.

حمى الله سوريا من كل ضيم ، وادامها الله دائما مرفوعة الرأس ، عالية الجبين ، ولتبقى دمشق باب الحارة الذي يحتضن العرب ولكنه لا يخنق اهله ابدا لان كرامة سوريا من كرامة شعبها .