وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

محمد موسى .. محاولة فردية لاحياء الذاكرة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 19/07/2005 ( آخر تحديث: 19/07/2005 الساعة: 12:21 )
خاص معا كتب عصام الحلبي - من عين الحلوة لبنان - حاضر المجتمعات البشرية والشعوب والامم امتداد لماضيها, يمثل ماضي هذه المجتمعات والشعوب خزان وسجل لتاريخها وحضارتها وامتدادها في جذور التاريخ السحيق , عمدت الشعوب والامم والدول الى تسجيل وتدوين تاريخها, فخرا واثباتا لاصالتها وعمقها الممتد في العمق الزمني البعيد والمعمر فوق الارض وضمن نطاق حياة بشرية محصورة في مكان ما على هذه الارض .

الشعب الفلسطيني من أعرق الشعوب حضارة وامتدادا زمنيا والتصاقا جسديا وروحيا بارضه وتاريخه وحضارته وتراثه , واليوم أكثر من أي وقت مضى نجد الفلسطيني يبحث عن تاريخه المكتوب عبر الكتب وعن تاريخه الشفوي عبر مشاهدات و ما يرويه الاجداد وما تناقلوه عن اجدادهم ذهابا الى عمق التاريخ عبر التواتر الروائي للاحداث واصول العائلات وتنقلاتها , وعبر العادات والتقاليد والازياء والملبوسات وادوات الاستعمل اليومي والحرفي لهذه التجمعات البشرية المدنية والريفية والبدوية , وهذا كله نابع من الصراع الحضاري بين الشعب الفلسطيني وبين المحتل الاسرائيلي الصهيوني الذي يعمل على تزوير التاريخ والحضارة الفلسطينية لاثبات احقيته في الارض الفلسطينية التي احتلها وشكل دولته المزعومة عليها في 15 ايار من العام 1948, حيث بدأ هذا الاحتلال بسرقة التراث وتزوير التاريخ الفلسطيني وتعلم العادات والتقاليد في الماضي والحاضر للمدن الفلسطينية , واخذ يحملها الى أماكن العالم المترامية الاطراف وترويجها على انها عاداته وتقاليده , وانها ازياؤه وجزء من تاريخه وحضارته .

من هنا كانت النهضة الفلسطينية على مستوى مؤسسات وافراد لجمع التراث الفلسطيني , وجمع الاشياء والادوات ذات العمق التاريخي الفلسطيني , وبدأ تدوين التاريخ الشفوي الفلسطيني عبر الكتب وحفظه عبر الكلمة المحكية والصورة المشاهدة مأخوذا من كبار السن ومن كتب التاريخ وعبر جمع الازياء التاريخية الفلسطينية .

محمد موسى المعروف" بابي سمرة " من الشباب الفلسطيني الشغوف بحبه لوطنه والمدرك لعمقالصراع مع العدو الصهيوني , والذي يشكل التاريخ والحضارة جزءا مهما منه , انه صراع الوجود والاصالة , صراع التاريخ والبحث عن الجذور للتمكن من الاستمرار وبقوة نحو المستقبل مرورا بالحاضر , بدأت رحلة " ابو سمرة " مع تشكيله لفرقة دبكة تتميز بالتراث الفلسطيني ذو البعد الزمن الماضي السحيق الممتد الى مئات السنيين وبعضها ان لم نبالغ الى الالاف السنيين , تنقل في كل المخيمات الفلسطينية الممتدة على امتداد مساحة لبنان الجغرافية من الشمال الى الجنوب مرورا ببيروت والبقاع , بحثا عن كبار السن من ابناء الشعب الفلسطيني الذين سمعوا وتعلموا وحفظوا من ابائهم واجدادهم موروثاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وفي مناسبات الحزن والفرح , وفي ساعات الخوف والحرب والسلم , في الصيف والشتاء والخريف والربيع , .

جمل " ابو سمرة " معه كل قديم الاثاث والتراث والاصالة من بيوت من زارهم من معمري فلسطين , حمل الملاعق , والشوك والطناجر , وادوات الفخار , حمل الجاروشة والمهباش والمريود , والخاشوقة والمغرفة , والنملية والبساط , حمل البارودة الدك , والاساور القديمة التي كانت تتزين بها فتيات فلسطين , وحمل البرقع والثوب البدوي والريفي وثوب المدينة الفلسطينية وحمل معه الشروال والقمباز والجناد والحزام, حمل بعض الاشرطة التي تدون الاغاني والاهازيج التراثية الفلسطينية , وسجل الاهازيج والاغاني الفلسطينية باصوات كبار السن , وعبر مخيلته ومن خلال ما سمعه من الكبار جسد وبالطين والتبن الطابون الفلسطيني وتحويطة البئر حسب التقليد الفلسطيني ,

وعندما سألنا " ابي سمرة " عن مغزى تجميع هذه المواد وعرضها وهو الذي يتكلف كل شيئ وعلى حسابه الخاص دون دعم من أحد , مج على سيجارته عبر بز السيجارة المصنوع من الخشب والذي يعود لعشرات السنيين وقال انه اخذه من صديق له كان لوالده .... أنا انبش في الذاكرة الفلسطينية لتجديدها عبر معروضاتي التاريخيى لكي يتسنى للصغار والشباب من معرفة جزء من تاريخهم وتراثهم ويدافعوا عنه , ولكي لايتمكن العدو من اكمال مؤامرته بمحو الذاكرة الفلسطينية وبالتالي محو الحضارة والتاريخ الفلسطيني .