وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حملة شهادات علمية... ولكن...!!!

نشر بتاريخ: 24/07/2005 ( آخر تحديث: 24/07/2005 الساعة: 15:31 )
الخليل- معاً- بقلم محمد أبو عرام.

إن مشكلة البطالة بشكل عام هي أمر مزعج للمجتمع الفلسطيني، وكذلك بطالة الخريجين بشكل خاص... المزعج في الشق الثاني من هذه الظاهرة هو أنها في تزايد مضطرد وذلك بسبب تراكم أعداد الخريجين كل عام ففي فلسطين يوجد العديد من الجامعات التي تضم كثيراً من التخصصات والدرجات العلمية، وهذه الأعداد الكبيرة في ظل قلة المؤسسات في فلسطين تنتظر إيجاد حل ناجع لهذه الظاهرة التي تسبب الكثير من المشكلات لأطراف عديدة.

لا يرغبون في التخرج حتى لا يعيشوا الواقع المرير في الخارج:
في مقابلات مع طلبة خريجين من جامعة الخليل كانت هناك إجابات متقاربة فالطالب إياد الدغامين من بلدة السموع/ تخصص توجيه وإرشاد يقول:" يوجد قلق بالنسبة للمرحلة القادمة خاصة في ظل الوضع السياسي الصعب وتأثيره على فرص لعمل "، وعن تخصصه وفرص الحصول على وظيفة يجيب:" لقد خدعت نفسي باختيار هذا التخصص فعندما اخترته كان تخصصاً حديثاً ولكن حالياً اختلف الوضع ومن الصعب إيجاد وظيفة خاصة في الخليل التي لا يوجد بها مؤسسات تلائم هذا التخصص".
والطالب سرور ناصر من مدينة نابلس في نفس التخصص يقول:" نشعر بفرحة التخرج ولكن دون انفصال الشعور المزعج بسبب التفكير في المستقبل والوظيفة وضع البيت وتأتي لحظات نتمنى فيها أن نبقى في الجامعة ولا نتخرج منها حتى لا نرى الواقع المرير في الخارج"، ويضيف:" إن الخريج يرغب في بناء مستقبله بعد التخرج وفي هذه الظروف ربما يحتاج الخريج 5سنوات حتى يحصل على وظيفة في التربية... إن 70 طالباً من مدينة نابلس ضمن هذا التخصص كانوا قد تقدموا للتربية هذا العام وتم قبول اثنين منهم فقط، وللعلم فإن هؤلاء لم يتخرجوا من جامعة النجاح التي لا يوجد بها هذا التخصص، فكيف هو الوضع في مدينة الخليل بوجود هذا التخصص؟ ... 120 خريجاً في الفوج المقبل من تخصص التوجيه والإرشاد من جامعة الخليل أين سيذهبون؟!... هناك مشكلة تسببها التربية بسبب توظيفها لمرشد واحد لثلاث مدارس في بعض الحالات، فلماذا لا يكون هناك مرشد لكل مدرسة؟!!".
ويقول الطالب سفيان الدبابسة من بلدة نوبا/ تخصص معلم مجال- لغة عربية وتربية إسلامية:" هذه المرحلة الانتقالية أصفها بأنها انتقال من مرحلة صعبة إلى مرحلة أصعب... نحن نطمح بالحصول على وظيفة ولكن عندما نستفسر ممن سبقونا فإن معظم الآراء تشير إلى أنها ليست على طبق من ذهب... كما أن هناك تخوفاً من امتحان القبول في الوظيفة".

أين الخلل؟
في مقابلة مع عميد شؤون الطلبة ورئيس اتحاد النقابات في الجامعات الفلسطينية السيد موسى عجوة تحدث عن أسباب الظاهرة قائلاً:" الاحتلال هو سبب رئيسي واضح، وعدم وجود استقرار داخل مناطق السلطة الوطنية، ولو كان هناك استقرار لكان هناك بناء لمؤسسات وبنية تحتية تستوعب الكثير من الخريجين، وهناك سبب يتعلق بالطلبة أنفسهم حيث أن الكثير منهم يلتحقون بتخصصات معينة، ولا يلتحقون بتخصصات مهنية مطلوبة في المجتمع".
وعن أعداد الخريجين السنوي قال:" الجامعات الفلسطينية تخرج سنوياً ما لا يقل عن 3000 خريج، هذا غير المعاهد التي لا يقل عدد خريجيها السنوي عن 2000 خريج، وماذا عن الخارج أي الطلبة الفلسطينيون الذين يتخرجون من جامعات خارج فلسطين".
أما السيد نزار الشريف المحاضر في المحاسبة والتمويل في جامعة الخليل فيقول:" المشكلة موجودة بالطبع، ومن أسبابها وجود عدد كبير من الجامعات التي يوجد بها برامج ليست بالمستوى المطلوب، وهي تركز على الكم بدلاً من الكيف، والاختصاصات الإدارية ليس لها عملية تأهيل بالشكل السليم، كما أن هناك فجوة كبيرة بين المناهج التعليمية وواقع ومتطلبات الوظيفة في مجتمعنا الفلسطيني، وبخصوص تخصص المحاسبة والتمويل فإن هناك عدم دراية من قبل أصحاب المشاريع بأهمية هذا التخصص، فهم ينظرون إلى العبء المالي على المؤسسة فقط".
ويوافق على فكرة الفجوة بين التخصص الجامعي، ومتطلبات المجتمع واحتياجاته مدير قسم التشغيل في مكتب العمل د.علي بدارين.
ويجمع الطلبة الخريجون ومن تخرجوا ولم يحصلوا على وظيفة ومنهم الطالب مجدي الزعارير الذي تخرج قبل سنة ونصف من جامعة بيرزيت/ تخصص محاسبة على أن عامل "الواسطة" والتي يطلق عليه الكثيرون منهم باستهزاء "فيتامين واو" أنها تحكم مصير الكثيرين الذين يملكون القدرات والكفاءات العالية ويتم حرمانهم من فرص العمل، وفي المقابل يحصل عليها من هم ليسوا أهلاً لها".

دور وزارة العمل على أرض الواقع:
عن هذا الدور يجيب د.علي بدارين:" هناك برنامج يخدم الخريجين العاطلين عن العمل، وهو ضمن شبكة الأمان الاجتماعي، وهذا البرنامج يخدم في اتجاه خبرات بل وشهادات مهنية، فمن يعمل ضمن البرنامج ويريد الحصول على شهادة فإننا لا نمانع وسنمنحه تلك الشهادة التي تكون مصدقة من وزارة العمل، وفي شهر تشرين أول أو ربما قبل ذلك الموعد سيصبح عملنا بشقين: بطالة دائمة، وبطالة مؤقتة تخص حملة الشهادات العلمية...وأنا أناشد كل من يحص على مساعدة من المكتب(المديرية) أن يستغلها لتطوير قدراته وخبراته العلمية حتى يستفيد".
وعن آلية العمل في المديرية يقول د. علي بدارين:" يوجد آليتان للعمل: آلية عامة على اتصال مع الوزارة، وآلية خاصة تتم في المديرية، وهدف الآليتان هو التسهيل على المتقدمين للاستفادة من البرنامج بشكل صحيح، ولضبط الحالات المتسربة بشكل غير ذي حق، والآلية العامة يتم خلالها تسجيل المتقدمين(العاطلين عن العمل) في المديرية، وكل شهر تقريباً يتم سحب الأسماء والبيانات آلياً من قبل الوزارة، وبعد فترة نسلم الدفعة أو القوائم من الوزارة، وتكون الأسماء كبيرة الحجم فنعمل على التأكد منها مرة أخرى، ونقوم بفحص ميداني ويتم فلترة الأسماء وتعديلها بناء على اعتذارات من المتقدمين لأسباب منها حصولهم على فرص عمل، ثم ترفع الأسماء مرة أخرى إلى الوزارة لمقارنتها مع الأخرى لكي لا يكون أحد المتقدمين يستفيد من إحداها، وبعد ذلك تعود الأسماء إلى المديرية حيث يتم الموائمة بين المستفيد والمجال الذي يصلح له في المؤسسات، أما آلية العمل الخاصة أو الداخلية، فيتم خلالها استدعاء المتقدمين ثم يتم توزيعهم من قبل المديرية على المؤسسات، والأسماء التي لا نعرف التصرف معها مثل من هم ليسوا أهلاً للعمل ولا يصلحون له يتم إرسال قوائمهم إلى البلدية لإيجاد الحلول لها، وهناك حالات مثل الأعمار فوق 60سنة يتم إرسالهم إلى الشؤون الاجتماعية".
وعن أعداد المسجلين في المديرية أو مكتب العمل يقول د. علي:" هناك 2000 متقدم شهرياً، والعدد الكلي منذ سنة ونصف تقريباً وحتى الآن هو 35.000 متقدم، ونسبة الخريجين من هذا العدد لا تقل عن 50٪ ".

اقتراحات لمعالجة الوضع:
إن وزارة العمل لا يمكنها وحدها أن تحل المشكلة لأن الحل يكون بإيجاد فرص العمل للجميع ولا يستثنى من ذلك أحد، فالمقصود هو التخفيف عن المواطن مادياً ونفسياً ومن النواحي الأخرى، وليس المقصود أبداً التخفيف عن المؤسسات، وقد كانت هناك عدة اقتراحات بخصوص الحلول لبطالة الخريجين، فالسيد موسى عجوة يقترح:" وضع استراتيجية من قبل السلطة الوطنية يشترك فيها خبراء من جميع التخصصات للوصول إلى حلول لمصلحة الشعب الفلسطيني، وتنسيق بين الجامعات بحيث لا يتم فتح تخصصات جديدة لا يكون لها مجال أو استيعاب داخل مؤسسات المجتمع، وتقع هذه المسؤولية على وزارة التعليم العالي".
أما السيد نزار الشريف فيقول:" على الجامعات توفير برامج تدريبية، وورشات عمل مع المؤسسات فنحن في دائرة المحاسبة لدينا برنامج تدريبي بمعدل 200 ساعة زمنية خلال فصل دراسي ضمن مساق التطبيقات العملية، أما ورشات العمل فنحن نقوم بها بالتعاون ودعم مؤسسات وجهات مثل (US.AID) أي الإغاثة الأمريكية حيث يوجد بهذه الدورات منح لبرامج التدريب، وتقوم US.AID بدفع نصف راتب شهر للمتدرب".
وهكذا فإن هذا المشكلة تنجذب هنا وهناك وتؤثر في جهات وتتأثر من جهات وعلى هذه الجهات جميعاً- ولا يستثنى منها أحد- أن تقوم بإيجاد الحلول المناسبة أو تطبيقها أو المساعدة على تطبيقها لمن قام بوضع اقتراحات لهذه الحلول، وللتوضيح فالخريجون أنفسهم قادرون على أن يؤثروا باتجاه إصلاح الوضع وحله بنسبة معينة لا أقول أنها مئة بالمئة، وأتذكر الأول من أيار هذا العام عندما ذهب المئات من العمال-ومعظمهم ممن ليسوا حملة للشهادات العلمية- إلى مدينة رام الله، وقاموا بالاحتجاج أمام مجلس الوزراء، والتشريعي على وضع البطالة المتفاقم وظروف العمل الصعبة، وقد كان هناك الكثير من المعاقين المحتجين، فمن يريد حقاً في شيء ما عليه أن يسعى في سبيل الحصول عليه، هذا بالإضافة إلى الأطراف الأخرى التي عليها أن تتعاون لمعالجة الأسباب وراء هذه الظاهرة الخطيرة والمتفاقمة، وكذلك التخفيف من النسبة الحالية للبطالة في أوساط الخريجين الذين هم كفاءات أساسية وعماد الوطن.