وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نبيل ابو ردينة .... 30 عاما في قفص النمور

نشر بتاريخ: 03/11/2011 ( آخر تحديث: 03/11/2011 الساعة: 22:50 )
نبيل ابو ردينة .... 30 عاما في قفص النمور
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - يعتبر عضو اللجنة المركزية نبيل ابو ردينة بمثابة " الصندوق الاسود " لطائرة القيادات الفلسطينية كلها في العقود الثلاثة الماضية ، ائتمنه الزعيم عرفات 20 عاما على اسرار القيادة وكان الناطق باسمه ، ولم يستغن الرئيس عباس عنه وصار الناطق باسمه ، وهو يكمل الثلاثين عاما في مكانه ، ورغم انه الناطق بلسان الرؤساء والقادة الا انه رجل صامت ، يزن الكلام في ميزان الذهب .

كلما عرفته عن قرب كلما ازداد اعجابك به ،وهناك نكتة يتبادلها الصحافيون وهي ان نبيل ابو ردينة الناطق الاعلامي هو اقل الناطقين الاعلاميين تصريحا للصحافة . ولا يكفي ان تراه على شاشة التلفزيون وتستمع اليه مئات المرات لتتعرف الى شخصيته ، لان معرفته عن قرب تشعر العاقل ان عليه ان يجلس ويتعلم ويستمع الى سيرة الكبار . وهو يعرف جيدا متى يتحدّث ومتى يصمت .

حين تشرفت بمعرفته عن قرب ازداد اعتباري لهؤلاء القادة من جيله ، ورغبت ان استمع اليه اكثر واكثر ، يحاول قدر الامكان عدم انتقاد خصومه وانما يعرض لك اكثر من وجهة نظر ، واشد ما نال اعجابي به المامه بالاقتصاد العالمي ومتابعته للصحافة الدولية واصدارات الكتب ، فهو قارئ نهم ، ومتابع لا يشق له غبار . مؤتمن امين ، عرف كيف يعيش في قفص النمور 30 عاما دون كلل او ملل . اعطى الثورة كل حياته ولم تعطيه سوى الشيب في رأسه وتجاعيد رسمتها ريشة الزمن على خديه .

ولانه قومي ، طغت قوميته على مسيحيته ، بل انه اشبه بالشاعر الاخطل وهو المسيحي العربي الذي اشتهر بغزارة شعره وثقته الكبيرة بنفسه حتى اصبح كاتب الدولة الاموية وشاعر مؤسس الدولة معاوية بن ابي سفيان . ونبيل " ابو اسامة " عشق العروبة وهام فيها حبّا وغراما فلدغته في كبده ، لكنه مثلنا جميعا متشبث بالعروبة كما يتشبث الطفل بوالدته ، وحين يتحدث عن مسيرة القضية الفلسطينية خلال عشرات السنوات ، يتحدث عن العرب ، ما لهم وما عليهم ، تشعر انك امام فلم الحياة القصير ، ونبيل ابو ردينة جاب العالم اكثر من مرة ورأى ما يشيب له الرضيع لكن ذلك زاده تواضعا وتقشفا . في كل مرة اتمنى ان يسمح لي بعمل حلقات تلفزيونية عن مسيرته لانه هو الشاهد على العصر ، لكنه وفي منصبه هذا لا يستطيع .

البعض يعبر ان مدح القادة ضرب من نفاق ، وانا ارغب في مديح نبيل ابو ردينة لانني اعتبر ذلك دين في رقاب الاعلاميين الفلسطينيين فهو يرد على جميع اتصالات الصحافة من كل العالم ، ولا يغلق هاتفه في وجه اي صحافي حتى لو كان مبتدئا ، ولم يخدعنا ولم يبلغنا اي خبر كاذب نخجل منه اما جمهورنا .

واخر تصريح لنبيل ابو ردينة كان خطيرا جدا ، فقد قال إن السلطة الفلسطينية بصدد اتخاذ قرارات هامة وخطيرة وكبيرة في المرحلة القادمة إذا ما استمرت اسرائيل في سياستها الاستيطانية واذا ما استمرت اللجنة الرباعية الدولية في عجزها عن استئناف عملية السلام.

وقال في حديث لاذاعة الـ "بي بي سي" إن القرار الفلسطيني المتوقع سيغير وجه المنطقة والشرق الاوسط بأسره- على حد تعبيره- دون أن يدلي بتفاصيل أخرى.

وانا اعتقد ان نبيل من القادة الهادئين الذين لا ينفعلون ويفقدون صوابهم ، كما انه ليس من الخطباء المفوّهين الحماسيين الذين يحبّون ان يلعلعوا الاجواء بهتافات حماسية تثير النفير ... ولانه كذلك انصح بقراءة تصريحاته مرتين بكل هدوء وجدّية ... مرة لنعرف ماذا يقصد ؟ ومرة نعرف ما الذي اغضب الرجل الذي لم يغضب منذ 30 عاما ؟