وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

29 سنة خلف القضبان... حولت الاسير سعيد العتبة الى اسطورة نضالية ورمز للحرية

نشر بتاريخ: 28/07/2005 ( آخر تحديث: 28/07/2005 الساعة: 10:27 )
نابلس- معا- مع اشراقة شمس الجمعة 29/ 7/ 2005 يمضي الأسير سعيد العتبة عامه التاسع والعشرين في السجون الاسرائيلية, وبعد ان تم الافراج عن شيخ الاسرى أحمد جبارة ابو السكر أصبح الاسير سعيد العتبة (ابو الحكم) حديث الشارع الفلسطيني عامة والنابلسي خاصة بعد ان أصبح أقدم أسير فلسطيني بعد الافراج عن رفيقه.

وباتت صوره تتصدر المسيرات والمهرجانات التي تطالب بالافراج عن بقية الاسري والتي تزداد اعدادهم يوما بعد يوم، وبلغت محكوميات العديد منهم تتجاوز المدة التي قضاها ابو السكر خلف القضبان.

تسعة وعشرون عاما مضت على اعتقال سعيد العتبة وما زال متنقلا بين سجون الاحتلال كغيره من السجناء الفلسطينيين وقد بلغ من العمر الآن 55 عاما، علما انه اعتقل في 29/7/1977 وكان عمره آنذاك 26 عاما بعد ان انهى الثانوية العامة بمدارس نابلس، وطوال هذه المدة تعيش عائلة ابو الحكم على الذكريات لكنها الآن تجدد بصيص امل بالافراج عنه، حتى وان كان هذا الامل ضعيف الا ان افراد عائلته يجدون بتسليط الضوء على قضيته وتحوله الى اقدم اسير بعد ابو السكر من شأنه ان تعيد طرح اسمه امام وسائل الاعلام والهيئات الدولية املا بالافراج عنه.

والدة الاسير وشقيقاته اللواتي يعشن بمنزل متواضع في منطقة جسر التيتي بمدينة نابلس, تقول الحاجة ام راضي والدة ابو الحكم على وسائل الاعلام الحصول على تفاصيل اعتقاله وحياته داخل المعتقل، فكيف يمكن ان يكون هناك اثارة قضية ابو الحكم دون تسليط اعلامي واسع ومكثف، الا ان الافراج عن ابو السكر، جعل من قضية ابو الحكم، القضية الاولي التي من خلالها يطالب الفلسطينيون بالافراج عن كافة الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.

والدة سعيد والتي باتت صورته لا تفارق حضنها، وهي اخر صورة ارسلها للعائلة من داخل معتقله ويبدو فيها وقد اخذ العمر منه الكثير، تعود بذكرياتها الجميلة عندما كان سعيد شابا صغيرا يملأ البيت سعادة، لكنها لا تنسى اليوم الذي ذهبت فيه العائلة من اجل خطبة احدى الفتيات لسعيد وذلك عام 77، وبالفعل قامت العائلة بالتقدم لخطبة الفتاة ومضت ايام قليلة بانتظار الرد من عائلة الفتاة الا انه قبل الموعد المحدد بيومين كان منزل العائلة على موعد مع الاقتحام عند الساعه الرابعة فجرا لتقوم قوة كبيرة باعتقال سعيد ووضع حد لمستقبله وفرحته.

الوالدة ورغم كل هذه السنين التي بلغت ربع قرن الا انها تتذكر تفاصيل الاقتحام وعملية الاعتقال والتي تقول انها لا تختلف عما يقومون به الآن, فالتحطيم والتخريب هو الحال الذي كان عليه البيت اثناء اعتقال سعيد، اضافة الي شقيقه نضال الذي قضي مدة عام داخل المعتقل وعاد لممارسة حياته الطبيعية ليصبح الآن طبيبا في المدينة.

وتضيف والدة سعيد (ام راضي) بان اليوم الذي اعتقل فيه سعيد كان هو اليوم الذي حددته العائلة لزفاف احدى شقيقاته، وقد تحول اليوم الى حزن شديد وتحولت الزغاريد الي دموع فراق.

29 عاما مضت وكان خلالها جزء كبير من ملف المعتقلين مهملا ولم يكن يشعر بمعاناتهم سوى عائلاتهم التي كان عليها زيارتهم كلما سمح لهم بذلك، برغم كل اشكال المعاناة التي تتكبدها العائلة جراء عمليات نقل السجناء التي كان يقوم بها الاحتلال بين الحين والآخر.

تقول والدة سعيد انه قضي عاما في سجن نابلس المركزي قبل ان ينتقل الي بئر السبع ثم عسقلان ليعود الي جنيد في نابلس ومن ثم الي نفحة الصحراوي، وكان على العائلة التنقل بين كل هذه السجون متحملة كل اشكال التعب واجراءات السجون وتأجيل الزيارات والغاءها احيانا، كما هو حاصل الآن، ولا تتمكن العائلة من زيارته منذ ثلاث سنوات.

ولمعاناة الاسرة اشكال عديدة لكن اصعبها هو وفاة رب الاسرة ابو راضي بعد اصابته بنوبة قلبية وهو على باب المعتقل اثناء زيارته لابنه سعيد ونقل الي مستشفى في نابلس ليصاب بنوبة اضافية ويتوفى بسببها, فالوالد لم يحتمل رؤية ابنه خلف القضبان.

اما عن حياة سعيد وظروف اعتقاله فتتحدث احدى شقيقاته لتقول عنه بانه كان بطلا في الفترة التي عاشها خارج المعتقل، فقد كان باديا عليه العمل الوطني منذ شبابه, وتذكرت عندما استشهدت لينا النابلسي حيث طلب منها سعيد تحضير بعض الزهور لتكتشف بانها كانت من اجل اعداد اكاليل الزهور لجنازة لينا، وتقول انه في فترة السبعينات كان العمل الوطني يتم بشكل سري مهما كان حجم هذا العمل، فان منفذه يعتقل ويحكم عليه بأحكام عالية سواء كان ذلك توزيع منشور او حتى المشاركة بجنازة تشييع، الا ان سعيد كان واحدا من المشاركين بالعمل الوطني في السبعينات، واعتقل بعد القاء القبض على زميل له كان في طريقه لزرع عبوات ناسفة في منطقة قريبة من يافا، وبعد عملية تعذيب طويلة اعترف بمسؤولية سعيد عن المجموعة العسكرية والتي كانت تنتمي الي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ليعتقل سعيد بعد ذلك بأربعه ايام وتوجه له تهمة المسؤولية عن المجموعة، وتم اغلاق المنزل في اعقاب اعتقاله وبقي مغلقا 17 عاما.

لكن سعيد تحول في المعتقل الي قائد سياسي حيث اصبح عضوا في المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ثم التحق بالاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) وانتخب عضو للجنتها المركزية.

ومثلما حصل مع ابو السكر فقد فشلت عمليات تبادل الاسرى عام 1985 بالافراج عن ابو الحكم، وكانت فرصة الامل الوحيدة لخروجه من المعتقل بعد قضاء 9 سنوات في السجن.

والآن وبعد كل هذه الفترة وفي اخر زيارة لها تقول ام راضي بانه اصبح الآن منهكا ضعيف البصر وفقد اسنانه اضافة لاهتراء واضح في اللثة الا ان معنوياته كما هي, وتحدثت عن رؤيتها لابو السكر في احدي الزيارات عندما كانت تتحدث معه وابلغها بانه سيحضر لها من هو اقدم منه، عندها تعرفت الى ابو السكر.

ام راضي تنظر الآن الي السماء تدعو الله ان يعود سعيد ليراها بعد كل هذه السنوات التي قضاها خلف القضبان.. فهل سيخرج ابو الحكم الي الحرية بعد فراق صديقه ابو السكر.. ومن سيتسلم الراية من بعده.