وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

السفير صافية يلقي ندوة في صالة مجلس الشيوخ الفرنسي

نشر بتاريخ: 02/06/2012 ( آخر تحديث: 02/06/2012 الساعة: 13:43 )
القدس- معا- تحت رعاية إيستر بنباسا عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن منطقة فال دو مارن، نائبة رئيس لجنة القوانين في مجلس الشيوخ، وبحضور هائل الفاهوم سفير فلسطين في فرنسا وحشد كبير من المهتمين بالقضية الفلسطينية نظمت شبكة مسيحيي المتوسط بالتعاون مع لجنة دفع السلام الحقيقي في الشرق الأوسط ندوة حاشدة في قاعة مجلس الشيوخ الفرنسي تحت عنوان " في القدس: حرب أم سلام" ألقاها السفير عفيف صافية مؤلف كتاب "عملية السلام من الاختراق إلى الانهيار" قدمه الموسيقي والسفير الأرجنتيني لدى منظمة اليونسكو ميغيل انخل ايستريلا مؤسس اوركسترا السلام، والمحامي موريس بوتان المناضل في حقوق الإنسان والمتخصص بالقضية الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطيني.

وقد تخلل الندوة قراءات شعرية لمحمود درويش على موسيقى العود بأداء الفنان التونسي وسيم بنشاويش

توزعت مداخلة السفير عفيف صافية إلى ثلاثة محاور أولها محور البحث عن السلام حيث تحدث حول عملية السلام وبدايات الاتصالات الفلسطينية ـ الاسرائيلية منوهاً إلى ان الفلسطينيين، ونتيجة الفكر الواقعي، قد تنازلوا عن تحقيق العدالة المطلقة لصالح العدالة النسبية الممكنة، وبالتالي فهم تنازلوا عن فلسطين التاريخية مقابل حل الدولتين الممكن والمقبول بالرغم من كونه لا يمثل العدل المطلق، وبالرغم من أن الفلسطينيين امتلكوا الإرادة السياسية المطلوبة للوصول إلى تسوية مقبولة ودائمة فإن الهدف الإسرائيلي كان الوصول إلى نتيجة تعكس موقع وقوة اسرائيل ضمن موازين القوى السائدة في هذه الفترة.

وأوضح صافية أن ما يسبب الجمود والموت في عملية السلام هو نقص الإرادة السياسية لدى الاسرائيليين لتحقيق السلام فالأرض التي احتلت في ستة أيام من الممكن أن تنسحب منها قوة الاحتلال في ستة أيام مماثلة، ونقص الإرادة السياسية هذا تمثل في استعمال السلام مع الفلسطينيين كورقة صراع بين الأقطاب في اسرائيل على مدى اكثر من عشرين عاماً ولا يخضع للضرورة التاريخية بإنهاء الصراع والوصول إلى السلام.

وقال السفير صافية بأن الأساس هو توصل الطرفين إلى تسوية ولكن في وجه هذا الانسداد يجب أن يفرض الحل فرضاً من القوى الكبرى، وبسبب الانحياز الأمريكي المطلق لاسرائيل لا يجب استبدال أمريكا بقوة أخرى بل بالمجتمع الدولي متضامناً أي بالأمم المتحدة. وفي هذا المقام حدد السفير صافية خطوات عملية في التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة مقترحاً أن يتم الطلب من الجمعية العامة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في 29/ 11/ وهو اليوم الذي يصادف اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني والذي أعلنته الأمم المتحدة.

ووجه الاستفادة يكمن في أن هذا التاريخ يقع بعد ثلاثة اسابيع من الانتخابات الأمريكية حيث تكون الحياة السياسية الأمريكية في مرحلة انتقالية قد تؤدي بها إلى عدم إعاقة هذا الطلب.

في المحور الثاني تناول السفير عفيف صافية وضع المسيحيين الفلسطينيين حيث عبر عن فخره كونه مسيحياً عربياً فلسطينياً ومن مدينة القدس بالذات. حيث أن مسيحيي القدس تحديداً ينحدرون مباشرة من المسيحيين الأوائل الذين نشروا المسيحية في العالم.

وقال صافية أن نسبة المسيحيين في فلسطين قبل عام 1948 كانت بحدود 15 % بيد أن سياسة التطهير العرقي التي مارستها اسرائيل بعد قيامها ساهمت بتخفيض هذه النسبة إلى حوالي 8 % إلى 10 % يقيم منهم اليوم في فلسطين حوالي 2 % فقط.

واستطرد السفير صافية بأن مسيحيي فلسطين هم جزء لا يتجزء من الشعب الفلسطيني وهم يفتخرون بهذا التجانس والتناغم الاجتماعي بين مكونات الشعب الفلسطيني معتبراً أن إنقاص عدد مسيحيي فلسطين هو عملية إفقار للشعب الفلسطيني. ونفى أن يكون المسيحيون الفلسطينيون مضطهدون في وطنهم حيث نوّه إلى المشاركة المميزة للمسيحيين في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية للشعب الفلسطيني، وأشاد بتوجه الرئيس الراحل ياسر عرفات والذي تبناه المجلس التشريعي الفلسطيني بتخصيص كوتا للمسيحيين في المجلس التشريعي، وكذلك التقليد الذي تم ترسيخه باختيار رؤساء بلديات مسيحيين للمدن الفلسطينية التي تحمل أهمية رمزية للمسيحيين كبيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا مهما كانت نسبة المسيحيين إلى عدد السكان في هذه المدن.

وانتقل السفير صافية إلى المحور الثالث في مداخلته وهو القدس حيث عبر عن قناعته التامة بأن من قام بالتطهير العرقي بحق المسيحيين هو الاحتلال الإسرائيلي وليس الإسلام السياسي أو المسلمون. حيث دمرت اسرائيل بعيد قيامها 8 أحياء مسيحية في القدس الغربية من جملة الأحياء العربية التي دمرتها.

الاسرائيليون هم من يقومون بالحفريات غير الضرورية تحت الأماكن المقدسة وهم الذين يبنون جدار الفصل العنصري والكراهية الذي يفصل القدس عن امتدادها الجغرافي الفلسطيني، وهم الذين يوسعون الاستيطان داخل اسوار القدس على حساب سكانها الأصليين. فالقدس برمزيتها الهائلة قد تشكل موضوعاً لاحتمالين متناقضين فإما أن تكون مكاناً مقدساً ومجالاً للحوار والنقاش بين الأديان حيث يشكل قسمها الشرقي عاصمة للدولة الفلسطينية وقسمها الغربي عاصمة لإسرائيل ولا يفصل بين شطريها جدار كراهية من أي نوع حيث تدار الأماكن المقدسة من قبل السلطات الدينية المختصة. أو أن تكون القدس مجالاً لصراع الأديان وتنافسها وتأجيج الصراع بينها. إن الاحتمال الأول مؤسس على المساواة بين الاديان ولا تراتبية بينها في حين يقوم الاحتمال الثاني على اعتبار الأديان مرتبة هرمياً بحيث يتفوق فيها الدين اليهودي على غيره من خلال الميثيولوجيا المتضمنة فيه.

وختم السفير عفيف صافية مداخلته بالقول أن العلاقة الصراعية بين الفلسطيني والإسرائيلي غريبة جداً حيث يكره الجلاد ضحيته بأكثر مما تكره الضحية جلادها. كفلسطينيين لا نطلب من الأمم المتحدة أن تشن حرباً على اسرائيل فنحن منطقيون ولكن لا يتوهمن أحد بأننا سنقبل أن نكون الخاسر الأبدي في هذا الصراع.

واختتمت الندوة بالجمهور الذي طرح أسئلة تنوعت بين الوضع السياسي الداخلي الفلسطيني والمصالحة بين فتح وحماس، وكذلك المطلوب من المسيحيين في العالم وتحديداً المسيحيون العرب، ودور الدول الكبرى في تطبيق القانون الدولي، ودور السلطات الدينية في تعزيز الحوار الثقافي وكذلك حول الربيع العربي ومصطلحات الممانعة والاعتدال، وأجاب السفير صافية عن هذه الأسئلة بتركيز مميز وتحليل عميق.