وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خطاب الرئيس كاملا امام الجميعة العامة للامم المتحدة

نشر بتاريخ: 27/09/2012 ( آخر تحديث: 28/09/2012 الساعة: 08:06 )
نيويورك - معا - 'امنعوا وقوع نكبة جديدة في الأرض المقدسة، وادعموا إقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة الآن، ولينتصر السلام قبل فوات الأوان'، بهذه العبارات اختتم الرئيس محمود عباس خطابه أمام الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي استقبلته بتصفيق حار دام نحو دقيقة، وأعلن فيها بدء مشاورات كي تعتمد الجمعية العامة قرارا يعتبر فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة.

وقال الرئيس عباس في كلمته كما نقلتها بالنص وكالة الانباء الرسمية وفا : 'من أجل تعزيز فرص السلام سنواصل مساعينا للحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، وللهدف نفسه فقد بدأنا مشاورات مكثفة مع مختلف المنظمات الإقليمية والدول الأعضاء كي تعتمد الجمعية العامة قرارا يعتبر دولة فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة خلال هذه الدورة'.

ونبه سيادته إلى أن مجمل السياسة الإسرائيلية تصب في المحصلة في إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وإفشالها في القيام بمهامها ووظائفها وتنفيذ التزاماتها وهو ما يهدد بتقويض وجودها كله وبانهيارها.

ولفت سيادته إلى أنه لا توجد إلا قراءة واحدة لما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من ممارسات على أرضنا ولما تقدمه لنا من مواقف حول مضمون اتفاق الوضع الدائم لإنهاء الصراع وتحقيق السلام، قراءة واحدة تقود إلى نتيجة واحدة هي أن الحكومة الإسرائيلية ترفض حل الدولتين.

وأشار إلى أن الخطاب السياسي الإسرائيلي لا يتردد في إبراز المواقف العدوانية المتطرفة، ويقود في كثير من جوانبه وفي تطبيقاته العملية على الأرض إلى مهاوي الصراع الديني، وهو ما نرفضه بحزم انطلاقا من مبادئنا وقناعاتنا، ولإدراكنا لما يعنيه من إذكاء للنار في منطقة بالغة الحساسية ومليئة بنقاط التفجر الساخنة، ولما يقدمه من وقود للمتطرفين من مختلف الجهات خاصة أولئك الذين يحاولون استخدام الأديان السماوية السمحة كمبرر أيديولوجي لإرهابهم.

وشدد سيادته على أن إسرائيل ترفض إنهاء الاحتلال، وترفض أن يحصل شعبنا الفلسطيني على حريته واستقلاله، وترفض قيام دولة فلسطين، وتعد الشعب الفلسطيني بنكبة جديدة. وقال: 'لن نسمح بوقوع نكبة جديدة'.

وطالب الرئيس عباس مجلس الأمن الدولي بسرعة إصدار قرار يتضمن ركائز وأسس حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي ليكون مرجعية ملزمة ومرشدا للجميع إذا أريد لرؤية حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، أن تصمد، وللسلام أن يسود في أرض السلام.

ودعا سيادته المجتمع الدولي إلى إلزام الحكومة الإسرائيلية باحترام اتفاقيات جنيف، والتحقيق في ظروف اعتقال الأسرى الذين نشدد على ضرورة الإفراج عنهم وهم جنود شعبهم في نضاله من أجل الحرية والاستقلال والسلام.

وشدد سيادته على أن مفاوضات بلا مرجعية واضحة تعني استنساخا للفشل وغطاء لتعزيز الاحتلال، وإجهازا على عملية سلام تحتضر، وكل من سينصحنا بالانتظار عليه أن يدرك أن الواقع الملتهب في بلادنا ومنطقتنا له توقيته الخاص ولا يحتمل مزيدا من التسويف والتأجيل، ولا موقعا متأخرا في جدول أعمال العالم.

وأكد الرئيس أنه رغم كل تعقيدات الواقع وإحباطاته نقول إنه 'ما زالت أمام العالم فرصة قد تكون الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين، ولإنقاذ السلام'.


وفيما يلي نص كلمة الرئيس:



السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة

السادة رؤساء الوفود

السيدات والسادة

أود في البداية أن أعبر عن التقدير لرؤساء وفود الدول الأعضاء الذين شددوا في كلماتهم على ضرورة التقدم نحو تحقيق السلام العادل في منطقتنا بما يؤمن للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية الثابتة.



السيدات والسادة

لقد أكدت أحداث العام الماضي صحة ما لم نتوقف لحظة عن الإشارة إليه والتحذير من خطورته الكارثية ألا وهو الاستيطان العنصري الإسرائيلي لبلادنا.

وخلال الشهور الماضية أصبحت اعتداءات الميليشيات الإرهابية للمستوطنين واقعا يوميا إذ بلغ عددها منذ مطلع العام الحالي 535 اعتداء، وبتنا أمام موجات لا تتوقف من الاعتداءات التي تستهدف مواطنينا ومساجدنا وكنائسنا وأديرتنا وبيوتنا ومدارسنا، وتصب حقدها ضد الأشجار والحقول والمزروعات والممتلكات، وأصبح مواطنونا أهدافا ثابتة لأعمال القتل والتنكيل وسط تواطؤ تام من قبل جيش الاحتلال والحكومة الإسرائيلية.

ولم يكن تصعيد المستوطنين لاعتداءاتهم ولا يجب أن يكون أمرا مفاجئا لأحد، فهو نتاج طبيعي لاستمرار الاحتلال ولسياسة حكومية تعتبر تشجيع الاستيطان والمستوطنين وإرضاءهم أولويتها المطلقة، وهو وليد شرعي لمناخ عنصري تغذيه ثقافة التحريض في المناهج الدراسية الإسرائيلية، وفتاوى المتطرفين المشبعة بالكراهية، وترسخه سلسلة من القوانين التمييزية ضد الفلسطينيين تم سنها واقتراحها خلال السنوات الماضية، وأجهزة أمن ومحاكم تجد الأعذار لجرائم المستوطنين وتسارع لإطلاق سراحهم إن صدف واعتقل أحد منهم، ولجان تحقيق رسمية وعسكرية تخترع المبررات لجنود أقدموا على ما يعتبر جرائم حرب واضحة ومارسوا القتل والتعذيب والتنكيل بمواطنين مسالمين.

وخلال عام مضى منذ انعقاد الدورة السابقة للجمعية العامة واصلت سلطات الاحتلال حملتها الاستيطانية مركزة على القدس ومحيطها، حملة تستهدف تغيير الطابع التاريخي والمشهد البهي والمحفور في أذهان البشرية للمدينة المقدسة، وتمارس تطهيرا عرقيا بحق المواطنين الفلسطينيين بهدم البيوت ومنع البناء ومصادرة الهويات والحرمان من الخدمات الأساسية خاصة في مجال الأبنية المدرسية، وإغلاق المؤسسات وإفقار المجتمع المقدسي عبر حصار الحواجز والجدران الذي يخنق المدينة ويمنع ملايين الفلسطينيين من الوصول الحر إلى مساجدها وكنائسها وإلى مدارسها ومستشفياتها وأسواقها.

كما واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أعمال البناء الاستيطاني في مناطق مختلفة في الضفة، وواصلت فرض حصارها الخانق وغاراتها واعتداءاتها على أبناء شعبنا في قطاع غزة الذي ما زال يعاني إلى الآن من الآثار الكارثية للحرب العدوانية المدمرة التي شنت عليه منذ سنوات، وواصل اعتقال نحو خمسة آلاف من أسرى الحرية الفلسطينيين في سجونها.

ونحن في هذا المجال ندعو المجتمع الدولي لإلزام الحكومة الإسرائيلية باحترام اتفاقيات جنيف، والتحقيق في ظروف اعتقال الأسرى الذين نشدد على ضرورة الإفراج عنهم وهم جنود شعبهم في نضاله من أجل الحرية والاستقلال والسلام.

ومن جانب آخر، واصلت سلطات الاحتلال تشديد الحصار وفرض القيود الصارمة على التنقل، ومنع السلطة الفلسطينية من تنفيذ مشاريع البنية التحتية وتقديم الخدمات للمواطنين الذين يمنعون من زراعة أراضيهم ويحرمون من مياه الري، كما تقوم بمنع إقامة المشاريع الزراعية والصناعية والسياحية والإسكانية من قبل القطاع الخاص في مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية المصنفة كمناطق خاضعة للسيطرة المطلقة للاحتلال والتي تبلغ مساحتها نحو 60% من أراضي الضفة، بل إن الاحتلال يعمد إلى هدم ما تبنيه السلطة من مشاريع ممولة من الأشقاء والأصدقاء، ويخرب ما تشقه السلطة من طرق ويهدم البيوت البسيطة للمواطنين والمنشآت الزراعية، حيث أقدمت سلطات الاحتلال خلال الشهور الاثني عشر الماضية على هدم 510 منشأة فلسطينية في هذه المناطق وتشريد 770 مواطنا من أماكن إقامتهم. وهي إجراءات تلحق أكبر الضرر باقتصادنا وتعرقل البرامج التنموية للسلطة ونشاط القطاع الخاص، وتزيد من المصاعب المعيشية لمواطنينا كما أكدت المؤسسات المالية الدولية.

إن مجمل السياسة الإسرائيلية يصب في المحصلة في إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وإفشالها في القيام بمهامها ووظائفها وتنفيذ التزاماتها وهو ما يهدد بتقويض وجودها كله وبانهيارها.

ويجرى ذلك كله في إطار خطاب سياسي إسرائيلي لا يتردد في إبراز المواقف العدوانية المتطرفة، خطاب يقود في كثير من جوانبه وفي تطبيقاته العملية على الأرض إلى مهاوي الصراع الديني، وهو ما نرفضه بحزم انطلاقا من مبادئنا وقناعاتنا، ولإدراكنا لما يعنيه من إذكاء للنار في منطقة بالغة الحساسية ومليئة بنقاط التفجر الساخنة، ولما يقدمه من وقود للمتطرفين من مختلف الجهات خاصة أولئك الذين يحاولون استخدام الأديان السماوية السمحة كمبرر أيديولوجي لإرهابهم.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

لقد قمنا من جانبنا وكدلالة على الجدية وإثباتا للنية الصادقة في فتح كوة في الطريق المسدود بإجراء محادثات استكشافية مع الحكومة الإسرائيلية في مطلع هذا العام بمبادرة من المملكة الأردنية، كما أننا شجعنا دولا عدة أبدت رغبة في الإسهام بجهودها لكسر حلقة الاستعصاء، وبادرنا من جهتنا بطرح عدة مبادرات لخلق ظروف مواتية لاستئناف المفاوضات، غير أن النتيجة لكل هذه المبادرات كانت وللأسف سلبية جدا.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

لا توجد إلا قراءة واحدة لما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من ممارسات على أرضنا ولما تقدمه لنا من مواقف حول مضمون اتفاق الوضع الدائم لإنهاء الصراع وتحقيق السلام، قراءة واحدة تقود إلى نتيجة واحدة هي أن الحكومة الإسرائيلية ترفض حل الدولتين.

لقد مثل حل الدولتين، أي إقامة دولة فلسطين بجانب دولة إسرائيل روح وجوهر المصالحة التاريخية التي إقترحها اتفاق أوسلو لإعلان المبادئ الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل قبل 19 عاما تحت رعاية الولايات المتحدة في حديقة البيت الأبيض، مصالحة قبل فيها الشعب الفلسطيني أن يقيم دولته على 22 % من أراضي فلسطين التاريخية من أجل صنع السلام.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تسارعا وتكثيفا ممنهجا للخطوات الإسرائيلية الهادفة لتفريغ الاتفاق من محتواه، ولبناء وقائع على الأرض الفلسطينية المحتلة تجعل من تنفيذه أمراً بالغ الصعوبة أن لم يكن مستحيلا.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

إن الحكومة الإسرائيلية تريد مواصلة احتلالها للقدس الشرقية، وضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية إليها، ومواصلة احتلال نسبة كبيرة أخرى تحت مسميات مختلفة، وترفض البحث الجدي في قضية اللاجئين الفلسطينيين وتريد مواصلة احتلال أحواض المياه الفلسطينية، وتريد مواصلة سيطرتها على أخصب أراضينا الزراعية وعلى أجوائنا وهوائنا وحدودنا.

إن الخارطة والحدود النهائية التي يمكن رسمها وفقاً لهذه المواقف الرسمية الإسرائيلية ستظهر لنا الآتي:-

معازل فلسطينية صغيرة محاصرة بالكتل الاستيطانية الضخمة وبالجدران والحواجز والمناطق الأمنية الواسعة والطرق المخصصة للمستوطنين، وستكون بالتالي خاضعة للهيمنة الكاملة لاحتلال عسكري استيطاني يعاد إنتاجه بمسميات جديدة، كالخطة أحادية الجانب لإقامة ما يسمى الدولة ذات الحدود المؤقتة.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

إن إسرائيل ترفض إنهاء الاحتلال، وترفض أن يحصل الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله، وترفض قيام دولة فلسطين.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

إن إسرائيل تعد الشعب الفلسطيني بنكبة جديدة.



السيدات والسادة

إنني أتحدث باسم شعب غاضب، شعب يشعر أنه في حين يطالب بحقه في الحرية ويتبنى ثقافة السلام ويتمسك بمواثيق وقوانين وقرارات الشرعية الدولية، تستمر سياسة إغداق المكافآت على إسرائيل التي تتبنى حكومتها سياسة الحرب والاحتلال والاستيطان، ويجري السماح لها بالإفلات من المحاسبة والعقاب، ويعرقل البعض اتخاذ موقف حاسم تجاه انتهاكاتها للمواثيق والقانون الدولي، إن هذا يمثل في واقع الأمر رخصة للاحتلال ليواصل سياسة الاستئصال والتطهير العرقي وتشجيعا له ليعزز نظام الأبرتهايد ضد الشعب الفلسطيني.



السيدات والسادة

رغم كل ما نشعر به من غضب نؤكد باسم منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وبدون تردد، أننا متمسكون بهدف السلام وبالشرعية الدولية ومواثيقها وقراراتها قدر تمسكنا بحقوقنا الوطنية الثابتة، ومتمسكون بنبذ العنف ورفض الإرهاب بجميع أشكاله وخاصة إرهاب الدولة.

ورغم ما نشعر به من خيبة أمل نواصل مد أيادينا صادقين إلى الشعب الإسرائيلي من أجل صنع السلام، فنحن ندرك أنه وفي نهاية المطاف لا بد أن يعيش ويتعايش الشعبان كل في دولته فوق الأرض المقدسة، وندرك أن التقدم نحو صنع السلام يتم عبر المفاوضات بين منظمة التحرير وإسرائيل.

ورغم كل تعقيدات الواقع وإحباطاته نقول إنه ما زالت أمام العالم فرصة قد تكون الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين، ولإنقاذ السلام.

غير أن هذه المهمة الملحة يجب أن تتم عبر مقاربة جديدة. إن من سيسارع لنصحنا بتكرار تجربة ثبت عقمها بالتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية عليه أن يدرك أن مفاوضات بلا مرجعية واضحة تعني استنساخا للفشل وغطاء لتعزيز الاحتلال، وإجهازا على عملية سلام تحتضر. وكل من سينصحنا بالانتظار عليه أن يدرك أن الواقع الملتهب في بلادنا ومنطقتنا له توقيته الخاص ولا يحتمل مزيدا من التسويف والتأجيل، ولا موقعا متأخرا في جدول أعمال العالم.

إن المقاربة المطلوبة لإنقاذ فرصة السلام تفترض بادئ ذي بدء أن الاحتلال الاستيطاني العنصري يجب أن يدان وأن يعاقب وأن يقاطع من أجل أن ينتهي وأن يرحل، وهذه المقاربة تتطلب أيضا أن يتم تكريس واعتماد مرجعيات وأسس الحل للصراع، المقرة منكم جميعا.

إن مكونات الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا تحتاج جهدا لاكتشافها بل إرادة لتبنيها، ولا تتطلب مفاوضات ماراثونية لتحديدها بل نية صادقة مخلصة للتوصل إلى السلام، وهي ليست لغزا خفيا ولا أحجية مستعصية بل هي أكثر الأسرار وضوحا وشيوعا في العالم.

إنها تشمل إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية فوق كامل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في العام 1967، والتوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لقضيةِ اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194 كما نصت مبادرة السلام العربية.

إن المكونات الجوهرية لحل الصراع موجودة في وثائق وقرارات الأمم المتحدة، وفي قرارات المنظمات الإقليمية ابتداء من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز والاتحاد الإفريقي وموجودة في بيانات الاتحاد الأوروبي وصولا إلى الرباعية الدولية.

إن المجتمع الدولي مجسدا في الأمم المتحدة مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحمل مسؤولياته، إن مجلس الأمن الدولي مطالب بسرعة بإصدار قرار يتضمن ركائز وأسس حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي ليكون مرجعية ملزمة ومرشدا للجميع إذا أريد لرؤية حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، أن تصمد، وللسلام أن يسود في أرض السلام، مهد المسيح عليه السلام ومسرى النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- ومثوى سيدنا إبراهيم عليه السلام، أرض الديانات السماوية الثلاث.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

إن قيام دولة فلسطين الحرة المستقلة هو قبل كل شيء وبعد كل شيء حق مقدس للشعب الفلسطيني، واستحقاق واجب الأداء منذ عقود طويلة.

وفي الوقت نفسه فإن السلطة الفلسطينية أكدت من خلال تنفيذ برنامج بناء مؤسسات الدولة القدرة على صياغة نموذج متقدم لدولة عصرية فعالة، عبر تطوير أداء مؤسساتها ودوائرها، وإدارة المال العام باعتماد معايير متقدمة، واعتماد الشفافية والمساءلة، وقواعد الحكم الرشيد.

إن هذه الإنجازات اعتبرتها لجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني (AHLC) والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تجربة مبهرة وقصة نجاح أشادت مجددا بها في أحدث تقاريرها خلال الأيام القليلة الماضية، مؤكدة الجاهزية التامة للسلطة الفلسطينية للتحول إلى دولة مستقلة، أن الاحتلال الإسرائيلي يبقى العائق الوحيد أمام قيام دولة فلسطين.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

عندما تقدمنا قبل عام خلال الدورة السابقة للجمعية العامة بطلب إلى مجلس الأمن الدولي كي تتبوأ دولة فلسطين مكانها المستحق بين أمم العالم كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة أثيرت ضجة عدائية كبرى من قبل البعض ضد خطوة سياسية ودبلوماسية سلمية بامتياز هدفت إلى إنقاذ عملية السلام بتكريس قواعدها وأسسها، وتم إحباط مسعانا رغم أن الغالبية الساحقة من دول العالم أيدت وتؤيد مطلبنا.

ولكن وعندما أتيح لدول العالم أن تعلن موقفها بعيدا عن أي قيود أو 'نقض' في الخريف الماضي فقد صوتت وبقوة ورغم الضغوط الهائلة لصالح قبول فلسطين، عضوا في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو).

وها قد مر عام وفلسطين، وطن محمود درويش وإدوارد سعيد، تمارس دورها في اليونسكو بمسؤولية ومهنية عالية، وتلتزم بالمواثيق الدولية، وتتعاون مع جميع الدول الأعضاء من أجل تحقيق أهداف المنظمة، وتقدم نموذجا لما سيكون عليه إسهامها الإيجابي البناء في المنظمات الأممية.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

من أجل تعزيز فرص السلام سنواصل مساعينا للحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، وللهدف نفسه فقد بدأنا مشاورات مكثفة مع مختلف المنظمات الإقليمية والدول الأعضاء كي تعتمد الجمعية العامة قرارا يعتبر دولة فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة خلال هذه الدورة، ونحن على ثقة أن الغالبية الساحقة من دول العالم تؤيد مسعانا حرصا على تعزيز فرص السلام العادل.

ونحن في مسعانا لا نهدف إلى نزع الشرعية عن دولة قائمة هي إسرائيل بل إلى تكريس دولة يجب أن تقام، هي فلسطين.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

لقد مر 64 عاما على النكبة، وتوفيت نسبة كبيرة من الذين كانوا ضحايا مباشرين لها وشهدوا وقائعها الرهيبة، ماتوا وهم يصونون في ذاكرتهم وفي قلوبهم الذكريات الحميمة عن عالمهم الجميل الذي دمر، وبيوتهم الدافئة التي هدمت، وقراهم الوادعة التي محيت عن الوجود، وعن نهضة حواضرهم التي قوضت، وعن الأحباء والأعزاء من الرجال والنساء والأطفال الذين قتلوا في الحروب والمجازر والاعتداءات والغارات والاجتياحات، وعن بلاد جميلة كانت منارة للتعايش والتسامح والتقدم وتلاحق الحضارات، ماتوا في مخيمات التشريد واللجوء التي طردوا إليها بعد اقتلاعهم من أرضهم وهم ينتظرون لحظة يستأنفون فيها حياة توقفت، ويكملون فيها رحلة تقطعت، ويرممون أحلاما تكسرت، ماتوا وهم يتمسكون بحقهم الإنساني المشروع في العدل والحرية وبتصحيح الظلم التاريخي غير المسبوق الذي ارتكب بحقهم.

والآن فان 77 % من أبناء الشعب الفلسطيني تقل أعمارهم عن 35 عاما، هم لم يخبروا فظائع النكبة، ولكنهم يعرفون تفاصيل وقائعها الرهيبة جيدا من روايات الآباء والأجداد، وهم يعانون آثارها المستمرة حتى الآن وكل يوم من خلال ممارسات الاحتلال والمستوطنين فوق أرض تضيق بهم، وقبالة أفق ينسد أمام أحلامهم العادية البسيطة، وإذ يرون وطنهم وحاضرهم ومستقبلهم عرضة للاستلاب، فإنهم يقولون بحسم: لن نسمح بوقوع نكبة جديدة.



السيدات والسادة

أقول لكم إن الشعب الفلسطيني الشجاع لن يسمح بأن يكون ضحية نكبة جديدة. إن شعبي سيواصل ملحمة صموده وبقائه الأبدي فوق أرضه الطيبة التي يحمل كل شبر فيها شواهد ومعالم تنطق بعلاقته المتفردة والمتجذرة بها عبر التاريخ القديم، فلا وطن لنا إلا فلسطين، ولا أرض لنا إلا فلسطين، إن شعبنا سيواصل بناء مؤسسات دولته، وسيواصل الجهد لتحقيق المصالحة الوطنية لاستعادة وحدة الوطن والشعب والمؤسسات، عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لتكريس الخيار الديمقراطي التعددي كما أن شعبنا مصمم على مواصلة المقاومة الشعبية السلمية المتوافقة مع القانون الإنساني الدولي ضد الاحتلال والاستيطان ومن أجل الحرية والاستقلال والسلام.



السيد الرئيس

السيدات والسادة

امنعوا وقوع نكبة جديدة في الأرض المقدسة

ادعموا إقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة الآن

ولينتصر السلام قبل فوات الأوان.