وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بالصور.. مدفع رمضان بالقدس إرث إسلامي منذ العهد العثماني

نشر بتاريخ: 27/07/2013 ( آخر تحديث: 28/07/2013 الساعة: 02:31 )
القدس- معا - مع اقتراب موعد رفع أذان الفجر أو أذان المغرب في مدينة القدس يترقب المقدسيون صوت ذلك الانفجار الذي يهز أرجاء المدينة.. انفجار يؤذن ببدء الإمساك أو الإفطار... وصوت لا بد من سماعه ليؤكد معلماً من معالم المدينة في شهر رمضان متوارث منذ رمن العثمانيين.

مدفع رمضان المقدسي الذي تنطلق منه كرة النار أو القنبلة لتنفجر في سماء المدينة يقع في مقبرة باب الساهرة مقابل البلدة القديمة، وهو يحمل حكاية طويلة لا تنتهي عند انفجار القنبلة فحسب بل هو مجموعة من التحضيرات والإجراءات التي ورثها المواطن المقدسي رجائي صندوقة عن أجداده لتنقلها الى أولاده وأحفاده.

وحفاظاً منه على تراث مدينة القدس التاريخي وحفاظاً على هويتها الإسلامية يقوم صندوقة بإطلاق مدفع رمضان في تقليد يعود لأكثر من مئة وعشرين عاماً مضت، وهي مهمة ليست سهلة وشاقة اضافة لما يتحمله من مسؤولية، فيتوجب عليه الحصول على تصريح من قبل بلدية الاحتلال وخبير المتفجرات والأمن والشرطة لمواصلة ضرب المدفع.
|230694|
وفي لقاء خاص لوكالة معا قال صندوقة: "قبل ست سنوات طُلب مني الالتحاق بدورة لنيل تصريح بالعمل، وبالفعل توجهت لتلقي الدورة واصطحبت معي إثنين من أولادي ليبقى ضرب المدفع متوارثاً لعائلتنا منذ زمن العهد العثماني وحتى الآن، وقد حصلت على تصريح مواصلة عمل ضرب المدفع لي ومن بعدي ولدي نبيل ورأفت، ويجب تجديدها كل 5 سنوات".

وأضاف "معظم أيام شهر رمضان اواظب على ضرب المدفع بنفسي، وفي ايام خاصة وظروف معينة يتوجه أولادي لضربه وقت الإفطار (بالتزامن مع آذان المغرب)، لكن وقت الإمساك (آذان الفجر) اصر على ضربه بنفسي فالمقبرة موحشة ولها رهبة".
|230696|
وكغيره من الناس يرغب صندوقة بأن يفطر مع أفراد أسرته على سفرة الإفطار ليشعر بشهر رمضان الفضيل، كما يحب تناول طعام السحور بينهم، لكنه يستبدل ذلك بساندويشات تعدها له زوجته ليتناولها بالسيارة بعد ضربه للمدفع، ويقول :"اتناول السندويشات الخفيفة في السيارة بعد ضرب المدفع مساء وقبله وقت السحور، ولدى وصولي الى المنزل يكون الجميع قد أنهى إفطاره، ورغم ذلك اشعر بالفخر والسرور لاني احافظ على التراث الإسلامي في القدس"، ويعتبر صندوقة أن عمله هو رسالة عظيمة يقدمها لأهالي المدينة المقدسة، وثروة كبيرة رغم ما يعانيه من تعب وإرهاق طيلة أيام الشهر الكريم.

ويوضح صندوقة انه كان واشقائه يذهبون مع والدهم الى المقبرة ويشاهدونه أثناء ضرب المدفع، وفي أحيان كانوا يتوجهون لضربه بعد تقدمه في العمر، مشيرا انه تعرض وشقيقه للاعتقال قبل 25 عاما بينما كانا يضربان المدفع، بحجة عدم حوزتهما تصريح، حيث كان التصريح حينها مع والده فقط، وردت الشرطة بأن والدي هو الشخص الوحيد المخول بضرب المدفع، ويقول:" ثم حولت التصريح بإسمي وأصبحت منذ ذلك الوقت أعمل بمفردي على ضرب المدفع، ومؤخرا اصبح ولدي يشاركوني بذلك".
|230697|
وأشار ان المدفع كان يضرب في عدة مدن فلسطينية (نابلس وبيت لحم ورام الله)، لكن بالتسعينات توقف المدفع لمنع الجهات الإسرائيلية استخدام مادة البارود، وكذلك بالقدس لم يضرب مدفع رمضان 18 يوما، وقال :"اصرارا مني على بقائه ومن خلال الضغط الإعلامي تم ارجاع المدفع، ولكن استبدلت مادة البارود بالقنبلة الصوتية".

وأضاف "أنه كانت توضع القنبلة الصوتية داخل المدفع ، لكن في العامين الآخرين رفضت بلدية الاحتلال إستخدام المدفع، بحجة الحفاظ على سلامة المواطنين، ووضعت صندوقا أسودا بين القبور، ويضع يوميا داخل الصندوق قنبلة الصوت ثم يطلقها في السماء".

وأشار أن رجال الأمن يحضرون يوميا إلى المقبرة ومعهم قنبلة الصوت قبل آذان الفجر وموعد آذان المغرب، ويبقون ينتظرون بجانب الصندوق حتى إطلاق القنبلة، وفي ساعات الفجر يحضرون مرة أخرى ومعهم قنبلة الصوت لإطلاقها، كما تقوم سيارة شرطة بالوقوف بمحطة الحافلات بمحاذاة المدفع حتى الانتهاء من ضربه (لحجج أمنية).
|230698|
ولفت صندوقة انه كان يقوم بضرب المدفع في وقفة العيد (7 ضربات)، اضافة الى ضربه اول ايام عيد الفطر والاضحى، والاسراء والمعراج، لكن الجهات الاسرائيلية رفضت مؤخرا ذلك بحجة الأمن وتشكيله خطرا على حياة الناس.

وختم صندوقة حديثه بتأكيده على اصراره بضرب مدفع رمضان طوال حياته، ليبقى صوته يدوي بمدينة القدس حفاظا على إرث تاريخي ينتقل من جيل لآخر.