وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

افتتاحية بقلم خافيير سولانا حول خطة الانفصال عن غزة

نشر بتاريخ: 19/08/2005 ( آخر تحديث: 19/08/2005 الساعة: 20:54 )
معــــــــــــــا - لقد بدأت خطة إسرائيل للانفصال عن غزة وأجزاء من شمالي الضفة الغربية . وهي مناسبة ومحطة كبيرة جدا للشعبين الاسرائيلي والفلسطيني . ولقد بدا السعي لاقامة دولة فلسطينية طوال الأعوام الماضية بدون نتيجة . أما الآن , فهناك فرصة للأطراف للعمل في هذا الإطار.

ويبدو واضحا ان مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين والعالم بأكمله تتطلب إنجاح هذه العملية حيث يواجه الطرفان انتخابات مهمة العام القادم . لذلك, نحتاج إلى عمل وقيادة مسؤولة من قبل
كافة الأطراف المعنية , بما في ذلك المجتمع الدولي الأوسع . وتعتبر عملية الأنفصال تحد كبير ولكنها أيضا فرصة مهمة , وفي حال نجاحها ,سيتم إعادة إحياء عملية السلام المعلقة بما يمكن
من العودة إلى المسار التفاوضي وتنفيذ خريطة الطريق .

وهناك مخاطر ليست بسيطة عند التعامل مع الأبعاد السياسية والأمنية والاجتماعية الإقتصدية
لعملية الإنفصال . وخير مثال على ذلك هو تصميم رئيس الوزراء الاسرئيلي شارون على المضي قدما في العملية بالرغم من المعارضة الواضحة من داخل حزبه الليكود.ومجرد مشاهدة القوات الاسرائيلية وهي تخلي تجمعات المستوطنين بالقوة يصور الطبيعة الدراماتيكية للعملية ويسلط الضوء على الدعم الذي تستحقه الحكومة الإسرائيلية .

اما بالنسبة إلى الفلسطنينين , وتعتبر عملية الإنفصال فرصة للتغلب على المشككين في اسرائيل
والعالم أنهم يستطيعون أن يديروا شؤونهم بأسلوب مسؤول . وإذا ما استطاع الفلسطينيون ان ينجحوا في ذلك , فيمكن ان يوفر ذلك الأمل الضروري والملح والتطمينات على انهم في طريقهم إلى إقامة الدولة في المناطق المحتلة .

وتعتبر الجوانب الأمنية ضرورية لنجاح خطة الانفصال . وبالنسبة لإسرائيل , فإن الاولوية المنطقية هي ضمان ان لا تصبح غزة منطقة عدائية تنطلق منها هجمات من قبل إرهابيين على
التجمعات المجاورة وبقية المناطق في اسرائيل حيث تواجه السلطة الفلسطينية قرارات صعبة من ناحية تحسين قدراتها على الحفاظ على القانون والنظام . إن الدولة تعني , كما شدد الرئيس عباس , إحترام سيادة القانون واحتكار الاستخدام الشرعي للقوة , وفي سبيل خطة الإنفصال.
ومن اجل تشجيع العودة إلى المفاوضات السياسية لاحقا , يجب ان تتحرك السلطة الفلسطينية ضد الافراد والمجموعات التي تستمر في استخدام العنف .

ومن ثم هناك تحدي للتعامل مع الجانب الاقتصادي لعملية الانفصال . فهناك مصلحة لكافة الأطراف في ضمان الحيوية االاقتصادية في منطقة عانت الاكثر في منطقة الشرق الاوسط من ويلات الحرمان ومن الكثافة السكانية العالية ومن الخدمات المتدنية .

وفي خضم كل ذلك , يبقى شئ واضح الا وهو أننا لا نتحمل ان نفشل في هذه . وقد كانت تلك رسالتي الواضحة عندمل زرت اسرائيل والمناطق الفلسطينية , بما فيها غزة , قبل بضعة اسابيع . وقد ركزت ايضا على استعداد الاتحاد الاوروبي لبذل كافة الجهود الممكنة للمساعدة بناء على طلب الأطراف . إن الاتحاد الاوروبي طرف داعم ومشارك بكل قوة مع الأطراف وفي الميدان لعملية الأنفصال وعملية السلام . وسيستمر الاتحاد الاوروبي في القيام بهذا الدور في الاسابيع والأشهر المقبلة بروح الصداقة والشراكة مع الشعبين .

لقد كان وما زال الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء فيه من أكبر الجهات المانحة للفلسطينين
بما يحمل ألى 500 مليون يورو سنويا كدعم طارئ ومساعدات متوسطة المدى لمشاريع البناء المؤسساتي . وقد وضعت المفوضية الاوروبية جانبا مبلغ60 مليون يورو حصيصا لعملية الأنفصال . إضافة إلى ذلك , تقوم المفوضية الاوروبية بدعم جهود مبعوث اللجنة الرباعية جيمس ويلفنسون لضمان تنسيق جهودنا بالشكل الامثل مع الجهات المانحة الأخرى والتأكد من فاعلية هذه الجهود . إن الاتحاد الاوروبي مستعد , إذا ما طلبت الأطراف ان يلعب دور الطرف الثالث في مجال إدارة الجمارك والسيطرة على الحدود . لأن ذلك سيساعد في تسهيل حركة البضائع والناس بين غزة وباقي أطراف العالم ببطريقة تعالج وتطمئن مكامن القلق الامني الإسرائيلي .

ونقوم ايضا مساعدة الفلسطينيين في توحيد الأجهزة الأمنية المختلفة في إطار هيكلية قيادة سياسية
واضحة . فمن خلال التدريب والمعدات والدعم المالي , يقوم الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء بمساعدة قوات الشرطة الفلسطينية لزيادة قدراتها العملياتية وتطوير هيكليها التنظيمي
وقد تم ايفاد مجموعة من المستشارين من الاتحاد الاوروبي غلى رام الله ومدينة غزة وفي حال تم استيفاء معايير الاداء والمساءلة, نحن مستعدين لتوسيع التزاماتنا في المجال الامني.

ثاني هذه الخطوات المنسقة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والآخرين في اللجنة الرباعية , لتمثل دليلا ملموسا ان الاتحاد الأوروبي لا يقول فقط انه يريد نجاح عملية الانفصال : ولكن لدينا أستعداد لتنشيط مشاركتنا بشكل أكبر لتحقيق ذلك .

نحن نعلم من التجربة ان البحث عن السلام في الشرق الاوسط هي عملية شاقة وان غياب السلام يضر الجميع داخل المنطقة وخارجها . ولذلك يجب أن تتركز جهودنا اليوم وغدا على انجاح عملية الأنفصال . لكننا يجب ان نعمل بوجود الأمل والالتزام أن نقوم بعد عملية الأنفصال بالبناء
على عملية الأنفصال الناجحة لاستئناف المسار التفاوضي والسير في تنفيذ خريطة الطريق نحو حل غلى اساس دولتين . وفي هذا السياق , سنضطر إلى ان نتعامل مع القضايا ما بعد غزة , بما فيها الأنسحابات الأخرى , ومسار الجدار والقدس.

غن نوافذ الأمل نادرة في السياسة الدولية وخاصة في الشرق الاوسط المضطرب . لا نستطيع أن نتحمل إغلاق هذه النافذة .