وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تعطوا حماس...... هدية ثالثة !!!/ بقلم :يوسي بيلين

نشر بتاريخ: 04/06/2007 ( آخر تحديث: 04/06/2007 الساعة: 21:41 )
ترجمة صالح النعامي

لقد حصلت حركة حماس حتى الآن على هديتين من إسرائيل، حيث تمثلت الهدية الأولى في الإنسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة. فلا ينبغي للمرء أن يكون من الصقور أو من الحمائم حتى يدرك أن حكومة ارئيل شارون قد قدمت هدية لحماس عندما سحبت القوات الإسرائيلية من قطاع غزة بدون مفاوضات مسبقة، أو ترتيبات أمنية متفق عليها مع السلطة الفلسطينية، أو تسويات إقتصادية.

فلقد نجحت حركة حماس في الإثبات للجمهور الفلسطيني أنها قادرة على طرد إسرائيل عبر استخدام القوة، وبدون التنازل عن أي مصلحة فلسطينية، في الوقت الذي ظهرت فيه منظمة التحرير كمن يبدد الوقت في مفاوضات عقيمة مع إسرائيل.

أما الهدية الثانية فقد قدمتها إسرائيل لحماس، تحت ضغط الإدارة الأمريكية المدفوعة بهوسها الأعمى بدمقرطة العالم، فكان السماح لهذه الحركة بالمشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة، وذلك بشكل يناقض تماماً ما نصت عليه اتفاقيات أوسلو. أما الهدية الثالثة التي تود حركة حماس الحصول عليها حالياً، فتتمثل في استدراج إسرائيل الى اجتياح قطاع غزة، بشكل يناقض المصلحة الإسرائيلية، لأن مثل هذه الخطوة ستزيد المخاطر التي يتعرض لها المستوطنون الذين يقطنون في المستوطنات التي تحيط بالقطاع. أن اجتياح قطاع لن يعمل فقط على توحيد صفوف حركة حماس، بل أنها سيعمل على توحيد حماس وحركة فتح والجهاد الاسلامي، وغيرها من فصائل في خندق واحد ضد إسرائيل، وفجأة ستغيب الفروق بين الأطراف الفلسطينية التي تؤمن بالمفاوضات مع إسرائيل، وبين تلك التي لن تعترف بها الى أبد الآبدين. فضلاً عن ذلك، فأن دماء جنودنا ستهرق في أزقة مخيمات اللاجئين، وستنهار السلطة الفلسطينية الآيلة للسقوط أصلاً، وستضطر إسرائيل لإقامة إدارة حكم عسكري في القطاع يكون مسؤولاً عن توفير حاجيات الجمهور الفلسطيني، بدلاً من الوضع الحالي الذي يستعطف فيه الفلسطينيون العالم أن يقدم لهم يد المساعدة، حيث أن العالم سيحمل الإحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن توفير متطلبات الحياة الأساسية للجمهور الفلسطيني؛ وفضلاً عن ذلك سيكون هذا إيذاناً بنهاية اتفاقيات أوسلو في قطاع غزة والضفة الغربية.

لا أعتقد أن حماس تستحق هدية ثالثة. بالطبع هذا لا يعني أن تسمح إسرائيل لهذه الحركة أن تعمل ما يحلو لها في القطاع، فمن الواجب القيام بعمليات مركزة ضد خلايا الحركة التي تقوم بإطلاق صواريخ القسام، على اعتبار أن مثل هذه العمليات ضرورة ملحة. والتوصل لوقف إطلاق نار بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة هو أمر ملح أيضاً. لقد ارتكب المستوى السياسي في إسرائيل خطأً عندما خضع للقيادات العسكرية التي عارضت التوصل لوقف اطلاق نار في الضفة. لقد كان واضحاً أنه لا يمكن أن يحترم الفلسطينيون اتفاق وقف إطلاق النار إذا اقتصر فقط على قطاع غزة، حيث أن حركة حماس ستتخذ من عمليات جيشنا في الضفة الغربية مبرراً لضرب المستوطنات المحيطة بالقطاع. اخلاء المستوطنين في المستوطنات التي تحيط بقطاع غزة هو أمر مبرر، لأنه لا يتوجب تحويل هؤلاء المستوطنين الى دروع بشرية أمنية، في مواجهة صواريخ حماس. حقيقة أن الحكومة لم تقم ببناء تجهيزات لحماية المستوطنين من صواريخ القسام، لا تبرر أن يبقى هؤلاء في بيوتهم، وأن يأملوا بعدم سقوط هذه الصواريخ عليهم. أن نقل المستوطنين من المستوطنات التي تحيط بالقطاع الى دور ضيافة تقع في وسط الدولة، سيكون أرخص بكثير من القيام بإجتياح قطاع غزة، مع العلم أن هذه الخطوة لا تشكل مساً بسمعة إسرائيل. هذه فرصة نادرة من أجل اقناع العالم والجامعة العربية والفلسطينيين الواقعيين بنوايا إسرائيل، يتوجب استغلالها من أجل محاولة التوصل لتفاهمات سياسية، بعكس ما تأمل قيادة حركة حماس.

يتوجب على إسرائيل أن تعمل من أجل التوصل لوقف اطلاق نار شامل، وتستأنف المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية في إطار المبادرة العربية، وتشجيع الجهود الأمريكية لعزل المتطرفين في المنطقة.

سيكون من الصعوبة بمكان على إسرائيل انتزاع الهديتين اللتي منحتهما في السابق لحماس، مع العلم أن المسؤولين عن هذا الواقع البائس هم أولئك الأشخاص من بيننا الذين كانوا يعملوت كل ما في وسعهم من أجل عدم الدخول في مفاوضات جادة مع منظمة التحرير الفلسطينية. سيكون هذا خطأً كارثياً أن تقوم حكومة أولمرت الفاشلة للخروج في حملة هي غير راغبة بها، وذلك لكي تضيف هدية ثالثة في رصيد حماس. مع أنه من الصعوبة بمكان أن يقدم الشخص الذي ارتكب كل الأخطاء الممكنة في الحرب الأخيرة الصيف الماضي، على القيام بخطوة صحيحة في ربيع العام 2007