وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الكاتب الاسرائيلي غدعون ليفي :القدسية لمطار تل ابيب!

نشر بتاريخ: 29/07/2007 ( آخر تحديث: 29/07/2007 الساعة: 20:33 )
بيت لحم -معا- تهكم الكاتب الاسرائيلي غدعون ليفي في مقال نشرته صحيفة "هارتس" الاسرائيلية على نظرة المجتمع الاسرائيلي للاجازات الخارجية واعتبارها قيمة عليا تتفوق على باقي القيم الدينية والتاريخية والاجتماعية وتتجاهل الجمهور الاسرائيلي لسلاح الاضراب واصراره على فتح مطار تل ابيب واستثنائه من الاضراب خشية ضياع الاجازة الخارجية .

وهاجم ليفي وسائل الاعلام الاسرائيلية التي لم تنتبه لما يحدث في المستشفيات الاسرائيلية وركزت اهتمامها على مطار تل ابيب والمغادرين الى خارج البلاد .

وقال ليفي في مقاله الناقد : "انسوا حائط المبكى، اتركوكم من الحرم الابراهيمي، المكان الاكثر قدسية لاسرائيل هو مطار بن غوريون. ماذا يعني هذا للمجتمع يمثل السفر الى الخارج قيمته العليا ؟! اضراب عام في الاقتصاد والنقاش الجماهيري الوحيد الدائر هنا هو على مستقبل الاجازة لبضع عشرات الاف المسافرين.

المستشفيات، العيادات، القطارات، مكاتب الرفاه ومكاتب التأمين الوطني يمكنها ان تبقى مغلقة، فقط لا تغلقوا المطار، اضراب مبرر أم غير مبرر لا يهم، المهم أن نصل الى محلات البيع المعفاة من الضريبة بسلام، في الطريق الى اجازة "كل شيء مشمول".

احترام المضربين والامتنان لسلاح الاضراب لم يكن يوما موجودا لكن لم يجر ابدا اختزال كل شيء بشكل فظ بهذا القدر في قاعات المسافرين. ادعو ذلك استمتاعا سليما، طبيعيا، ومع ذلك لا يمكن الثورة في ضوء التحطم التام لقيم مثل التكافل الاجتماعي، القلق على الضعفاء، الاستعداد لدفع ثمن شخصي والمساعدة المتبادلة، في اوروبا ايضا توجد اضرابات، ولكن هناك يجري نقاش جماهيري على اهدافها وانجازاتها، وليس فقط على طول الطابور امام التسجيل للطيران. اما عندنا، بالمقابل، تتقرر عدالة الاضراب حسب مدى المعاناة، الحقيقية أو المبالغ بها التي يلحقها بقطاعات معينة في الاقتصاد، بهم فقط. وفي وسائل الاعلام حسب عدد المسافرين الى برشلونة وليس حسب العاملين الذين من أجلهم يكافح.

هذا الميل المقلق تقوده وسائل الاعلام بسخرية, في يوم الاضراب لم يهتم أحد بمظهر المستشفيات ومكاتب الرفاه المضربة، وليس بمطالب العاملين او موقف الحكومة. كل العيون كانت متعلقة فقط بـ بن غوريون، المطار، الذي يعرفه المذيعون اكثر مما يعرفوا مكاتب الرفاه.

احبك يا مطار: وفقط قصص ممزقة القلب عن الاطفال الذين حلموا بانطاليا واوشك حلمهم على ان يؤجل بيوم. الضعفاء حقا، أولئك الذين لم يروا المطار في أي يوم في حياتهم ولم يدخل اطفالهم ابدا في أي فندق، لا يظهرون في صورة أنيقة في الصحف. ولهذا فقد شطب مكانهم من جدول الاعمال الاعلامي ومثلهم ايضا العاملين الذين من أجلهم اندلع الاضراب.

في اسرائيل لا يزال مجموعة واسعة بالنسبة اليها الاجازة في خارج البلاد هي قمة الاحلام فقط. 2.2 مليون اسرائيلي سافروا من البلاد في النصف الاول من هذا العام - وهم ليسوا كل الاسرائيليين. ومهما اصبحت السفريات الى الخارج شعبية، فلا يزال هنا جموع واسعة لم يزوروا مطار بن غوريون 2000 ابدا. الاضراب العام اضر بهم، ولكن في الطابور للحصول على المخصصات دون ان يحصيهم احد .

كما أن احدا لم يحصِ الـ 3 مليون فلسطيني، الذين لا يجرؤون حتى على الحلم بالسفر الى خارج البلاد، مع الغاء السفريات او بدون ذلك. طعم الطابور الذي لا ينتهي، الانتظار حتى المهانة، تحطيم الاعصاب والذل يعرفونه جيدا، ولكن في الطريق الى العمل أو الى المدرسة.

"المسافرون مطالبون بالوصول خمس ساعات قبل موعد السفر الى المطار"، والقلب يتفطر لنحو مليون اسرائيلي من عرب اسرائيل هذا هو الوضع الطبيعي فقبل كل سفرية، مع اضراب او بدونه، يتعين عليهم الدخول في مسار المعاناة هذا، الذي يشكون منه الان في كل البرامج التلفزيونية.

في مجتمع دخل منذ سنوات سباتا مرضيا ، الاصوليون والمستوطنون وحدهم فيه مستعدون للكفاح في سبيل قضية عامة، فان تصوير "المعاناة" للمسافرين الى خارج البلاد هي ظاهرة باعثة على اليأس. ليس لطيفا تفويت رحلة طيران، واصعب من ذلك خسارة بطاقة سفر، ولكن كيف يمكن لنا أن نقود هنا في أي وقت كان كفاحا اجتماعا او سياسيا، مهما كان عادلا، اذا كان الاستعداد لدفع الثمن الشخصي لقاء هدف جماعي يتوقف في مطار بن غوريون