وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سأعلّقُ ابتسامته على حائطِ غُرفتي

نشر بتاريخ: 25/02/2015 ( آخر تحديث: 25/02/2015 الساعة: 11:14 )
سأعلّقُ ابتسامته على حائطِ غُرفتي
الكاتب: عطا الله شاهين
لم أره يقف هذه المرّة كعادته محملاً بحُزمِ الجرائد في ساعاتِ الصّباح الباكر في مكانه المُحبّب .. أقفُ مكانه وانتظره لدقائقٍ معدودات.. أتمتمُ في ذاتي لعلّه حصل شيء ما معه .. فهو ليس من عادته أن يتأخّر .. انظرُ إلى آخرِ الشّارع الغاصّ بالمارّة ، لكنّني لمْ ألحظه بين المواطنين المُسرعين لأعمالهم .. فأقولُ يبدو أنه لنْ يأتيَ اليوم .. اسألُ عنه أحدَ الباعة في الجهةِ المقابلة .. فيردّ عليّ أعطاكَ عُمره .. أحزنُ لكلامه وأذهبُ إلى وجهتي وأقرّرُ في تلك اللحظة أنْ لا اشتري جريدة ..

أذهبُ إلى عملي والكرْبُ يملأ عينيّ .. أجلسُ على مكتبي وأتذكّر ابتسامته التي كانَ يُقابلني بها كل صباحٍ .. كان يراني من بعيدٍ ويناولني الجريدة ويقول: أنا أبيع أخبارا بائتة .. كنت أشتري الجريدة منه لا لشيء ، فقط لأنه كان يمنحني ابتسامة صادقة مِنْ محيّاه.. وحينما كنتُ انظرُ في عينيّه لثوانٍ كُنتُ أعلم مآسي الدُّنيا .. كان يقولُ لي دائما حينما يناولني الجريدة أصدقُ صفحة في الجريدة هي صفحة الأموات .. 

أعود إلى بيتي حزينا لموته .. تسألني امرأتي ما بكَ فتبدو أنكَ تحملُ اليوم هُموم الدُّنيا في عينيكّ.. أردُّ عليها بصوتٍ حزين لقدْ مات بائع الجرائد .. أجلسُ على كنبتي المخلّعة وأبكي.. تقتربُ امرأتي منّي وأحكي لها عن بائع الجرائد الطّيّب .. أحكي لها عن انسانيته ، وعن تواضعه القاتل .. لقد مضتْ عقودٌ وهو يبيع الجرائد.. هل سننساه ؟ بالطّبع لا .. أذهبُ إلى فراشي والحزْن يلتحفني وأتمتمُ آه ومات بائع الجرائد .. لن أشتريَ جريدةً غدا .. سأعلّقُ صورته حينما أحصل عليها على جدارِ غُرفتي لكيْ لا أفتقدُ لابتسامته..