وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

غزيون لا يأكلون القمح

نشر بتاريخ: 09/05/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:01 )
غزيون لا يأكلون القمح

غزة- تقرير معا- في غزة قرابة 700 فرد مصاب بمرض حساسية القمح وفق احصائية غير رسمية، قد يبدو الرقم للوهلة الاولى كبيرا إلا انه الرقم الوحيد المتوفر حول هذا المرض في ظل صعوبة تقدير النسبة الصحيحة لعدد المصابين وذلك يعود لسببين لا ينفصلان تشابه اعراض المرض مع امراض اخرى وبالتالي فقد لا يعرف المريض انه مصاب بحساسية القمح والسبب الاخر هو عدم وجود ابحاث تعني بالبحث في هذا المرض وآثاره على المصاب.

"حساسية جولتين القمح" او "الداء الزلاقي" او " السيلياك " مسميات عديدة لمرض واحد يصيب الجهاز الهضمي للافراد المهيئين وراثيا للإصابة به يصيب كل الفئات وليس هناك سن معين لظهوره والأمر يعتمد على ظهور الاعراض التي ليس لها وقت محدد لظهورها.

اما عن المواد الغذائية التي يجب تناولها فيقضى صاحب هذا المرض معظم وقته بالبحث عن كلمة"خالي من الجولتين" على المواد المخصصة له لتناولها وهي في غزة ان كانت غير متوفرة فهي ذات اسعار باهظة لا يقوى على شرائها إلا طبقة معينة بينما قد تتوفر في الاسواق دون علم البائع بأنها مخصصة لأفراد معينين وتباع للجميع.

ديانا واحدة من بين الذين تتردوا على مؤسسة ارض الانسان للحصول على دقيق الذرة وهي المؤسسة الوحيدة التي توفر هذا الدقيق لجميع الفئات المصابة بالداء الزلاقي،،،تغير نمط حياتها كليا بعد ان اكتشفت انها تعاني من حساسية القمح فباتت تصنع الخبز الخاص بها في المنزل الخالي من القمح بالإضافة الى البحث المستمر عن كل سلعة خالية من الجولتين.

تقول ديانا انها لم تكن تعرف شيئا عن هذا المرض الذي صعب تشخيصه من قبل الاطباء نظرا لتشابهه من امراض اخرى وفي حينها اضطرت للدراسة عن المرض عبر الانترنت وتبدأ رحلة المعرفة والتعرف على اسبابه وعوارضه وأهم نقطه ما يسمح لها او تمتنع عن تناوله من الطعام والشراب والمواد الغذائية عامة.
مرض حساسية جلوتين القمح

يبين الدكتور عدنان الوحيدي اخصائي صحة ونمو الاطفال والمدير التنفيذي لمؤسسة ارض الانسان ان مرض "حساسية جلوتين القمح" او "الداء الزلاقي"مرض مزمن يصيب الافراد المهيئين وراثيا لهذا المرض وهو لا ينتهي كالأمراض المنقولة ولا يشفى اذا ما شخص لكن يمكن ان يتعايش معه الانسان اذا التزم بالحمية الغذائية.


وبين الوحيدي ان الانسان المهيأ لهذا المرض لديه حساسية في خملات الامعاء الدقيقة والاثنى عشر نحو مادة الجلوتين الموجودة في القمح "مادة بروتينية مفيدة" وبالتالي اذا احتكت المادة مع المستقبلات الموجودة على الخملات يحدث تفاعل التهابي تتفاوت حدته ما بين خفيف ومتوسط وشديد وشديد جدا وفي هذه الاحوال تتحطم الخملات المسئولة عن الخملات ويفقد الجسم مساحات شاسعة من السطح الذي يمتص الغذاء وبالتالي لا يحدث الهضم مشيرا الى انه اذا نزلت المكونات غير المهضومة الى الامعاء الدقيقة لا تمتص بالقدر الكافي ويصاب الانسان بنقص مريع في العناصر الغذائية الدقيقة التي يتطلبها ليس فقط في حياته وإنما التي يتطلبها في النمو والمناعة بالنسبة للأطفال وغير الاطفال.

التكييف مع المرض

وبالعودة الى ديانا التي اضطرت للتكيف مع وجود هذا المرض في حياتها والبدء بحمية غذائية تمكنها من التغلب على اعراضه اكدت ان المرض غير معروف في قطاع غزة واغلب الناس لم تسمع عنه شيئا مبينا انها تواجه عدة صعوبات في شراء وتأمين هذه المواد الغذائية المحدودة وقد تضطر في بعض الاحيان الى الحصول على هذه المواد من الاردن حيث تقطن خالتها المصابة بذات المرض وهنا اكتشفت ديانا مدى الفروقات بين غزة وما تتيحه من مواد غذائية للمرضى وبين باقي البلدان وتضيف:"صحيح ان هناك تحسن بمعنى اصبحنا نجد اكثر من متجر تتوفر لديه بعض المواد الغذائية كالطحين والمعكرونة ونوع او نوعان من البسكويت مثلا إلا اننا لا نستطيع ان نخفي المعاناة التي نواجهها في البحث عن المواد خاصة اذا كان في المنزل طفل يحمل ذات المرض".

لا تقف معاناة ديانا عند هذا الحد بل ايضا تتعادها لتقنع طفلها ذات التسع سنوات المصاب ايضا بحساسية القمح باتباع حمية غذائية يتطلبها جسده المنهك حيث تظهر عليه علامات يتسبب بها هذا المرض وهي ان طوله اقل من الطول الطبيعي مقارنة بأصدقائه في المدرسة بالإضافة الى حالة النحول التي تظهر على جسده وتقول:" الان مرت اكثر من ستة شهور واعتاد ابني ايضا ان يقرأ مكونات ما يشتري قبل حتى يعرف ما هو مسموح وغير مسموح"

اعراض المرض:

يؤكد الدكتور الوحيدي ان هذا المرض لديه علامات متشابهة مع امراض اخرى ولكنها ليست حساسية قمح مشددا انه يتم الشك في حساسية القمح من خلال اعراض الطول حيث يصاب الاطفال بقصرر القامة نتيجة لين العظام وسوء التغذية المزمن ونقص الوزن وفقر الدم ونقص العناصر الغذائية الدقيقة وانتفاخ البطن وظهور البقع الجلدية المزمنة وضعف المناعة وضعف القدرة على المشي وعدم القدرة على التركيز الذهني وتراجع القدرات الذهنية والعقلية وحصار متميز في قدرات الجسم المناعية هذه الاعراض كلها بحسب الوحيدي يجب ان تقود الطبيب الى اجراء فحص لعينية من الدم اضافة لفحص خزعة من الامعاء الدقيقة او الاثنى عشر للتأكد من ان المرض حساسية قمح او مرض اخر ولكن مسالة عمل عينة من الامعاء مكلفة ومرهقة للأهل.

اصناف الاغذية المتاحة:
واصلت ديانا مشوارها في البحث عن سبل لتحسين جودة الخبز الذي يلزمها وطفلها الخالي من مادة جولتين القمح حيث يختلف طعمه عن الخبز العادي مبينة انها لم تكتفي بالحصول على الدقيق الخالي من الجلوتين وانما المتابعة مع طبيبة التغذيه التي بدورها تعطي الارشادات والنصائح وطرق الاغذية الخاصة بهم من خلال ورش عمليه يتم من خلاله مساعدة المرضى تعلم طرق عمل بعض الاغذية والمأكولات الخاصة بمواد خاليه من الجلوتين.

وفي هذا الصدد يبين الدكتور الوحيدي ان مؤسسة ارض الانسان هي الجهة الوحيدة التي تقدم للمرضى الدقيق الخالي من جلوتين القمح منذ 25 عاما والنصح والارشاد وكيفية اعداد الوجبات ولا يقتصر الامر على الخبز والطعام التقليدي ويشمل الحلويات والمعجنات وغيرها من الاصناف التي يشتهيها المريض لانه يحرم من المنظومة الحياتية اليومية ومساعدتهم في الحصول على كمية معقولة تتيح لهم اعداد الطعام حسب المواصفات التي يقتضيها المرض خاصة في ظل عدم توفر الاطعمة الخاصة بهم في الاسواق وان توفرت تكون باهظة الثمن.

العلاج:
يؤكد الدكتور الوحيدي ان الطريقة الوحيدة للتعايش مع المرض هي الحمية الغذائية من خلال اعطاء الطعام الخالي من مادة "جلوتين القمح" لتعود الخملات لتنمو من جديد مبينا انها كالأظافر يعود تكوينها ويمكن ان يشفى المريض من الاعراض خلال فترة من ثلاث الى ستة اشهر ولكن يبقى المرض فان عاد الانسان لتناول القمح ومشتقاته يعود.

نسبة الاصابة بحساسية القمح:

يؤكد الدكتور الوحيدي ان النسبة غير معروفة ولكن الاعداد تتزايد ويقول:"نتحدث عن عدد من المرضى لا يقل عن 700 مريض بكافة الاعمار مصابين في قطاع غزة يأتون لأرض الانسان باعتبارها الجهة الوحيدة التي تقوم على علاج هذا المرض".

ويشدد الدكتور الوحيدي انه للوقوف على الاعداد الحقيقة لنسبة للإصابة بالمرض في قطاع غزة يلزم اجراء بحث علمي دقيق مهني محايد من اجل معرفة العدد الحقيقي وبالتالي يمكن الحديث عن معدل انتشار.

ويقول:"لا يمكن القول انه منتشر او غير منتشر اذا لم يتوفر رقم حقيقي للأعداد من خلال ابحاث علمية ترتكز على وسائل تشخيص دقيقة لمرض حساسية القمح لان هناك حالات مرضية مشابهة في الاعراض ولكنها ليست حساسية قمح".

ليس بالخبز وحده يحيا الانسان:
مشكلة السيلياك ليست فقط الخبز العادي فالمنتجات الغذائية المتواجدة في المحلات 90% منها ان لم يكن اكثر لا يستطيعوا اكله حاملي هذا المرض وذلك يعود لوجود مكثفات ونشا قمح بها ، وكامثلة فقط " المعكرونة ، النودلز ، البسكويت ، علكة ، شيبس ، قسماط ، حلويات ، معجنات، العصائر الغير طبيعية،المشروبات الغازية، الألبان ومنتجاتها لمن عنده حساسية لاكتوز ، وهناك الكثير .

ابو محمد اسم مستعار لمواطن تعاني ابنته ذات الخمس سنوات من مرض السيلياك بين ان المريض وذويه يعانون معاناة كبيرة ليس من ناحية توفير الطحين او المنتجات او حتى اعدادها وانما زيادة الأعباء والمجهود الجسدي والنفسي عند الجميع مؤكدا على اهمية التوعية بمرض حساسية القمح لتغير الثقافة السائدة بشأنه والضغط مستقبلا على الحكومة بكل الوسائل لمساعدة مريض السيلياك وعائلته والمحاولة مع المؤسسات والجمعيات لتوفير المنتجات الخاصة بالأطفال لمساعدتهم نفسيا على التغلب على مرضهم.

بيع عشوائي وأسعار مرتفعة:
لم يكن يعرف ابو محمد جميع المنتجات الخالية من الجولتين فكان يمضي في السوبر ماركت اكث من ثلاث ساعات يبحث بين ثنائيا المواد الغذائية على كلمة "خالي من الجولتين" ويقول:"في البداية لمعرفتي بمرضها كنت ابحث في السوبرماركت عشوائياً عن اى شئ مكتوب عليه خالي من الجلوتين لمدة ساعتين او ثلاثة على الأفل فقط للحصول على اى شئ واحيانا اخرج بدون شئ ، وطبعاً كنت اتنقل من سوبرماركت الى اخر في اغلب قطاع غزة ، ولكن مع الوقت والفترة الزمنية تعرفت على المنتجات الخالية من الغلوتين".

يبين ابو محمد ان اغلب المنتجات التي قام بشرائها هو من اكتشف انها خالية من الجلوتين وليس البائع ، كما ان تواجدها داخل السوبر ماركت لا يكون في قسم او مكان يسهل للسيلياك معرفته ، اما بالنسبة للأسعار فان كثير من التجار يتراجعون عن توفير هذه المواد نظرا لأسعارها المرتفعة.
التوعية بالمرض:

يؤكد ابو محمد على ضرورة التوعية بمرض حساسية القمح مؤكدا انه يجب على جميع المؤسسات الوطنية ان تدعم باتجها انتاج منتجات خالية من الجلوتين والتسجيل على المنتج انه خالي من هذه المادة.

تقرير هدية الغول