وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

موسم الهجرة الى العريش - ولماذا لا تكون رفح duty free الحدود ؟؟

نشر بتاريخ: 14/09/2005 ( آخر تحديث: 14/09/2005 الساعة: 13:47 )
معا - تقرير اخباري - قالوا "ان من ير ليس كمن يسمع " وعلى هذه القاعدة انطلق مدير مكتب معا في قطاع غزة مع عدد من الزملاء الصحفيين نحو منطقة الحدود مع مصر وقد خطر في بال احدهم الفكرة لاستكشاف الطريق ورؤية ما يحدث على الجانب الاخر من الحدود بعد ان سمعوا عن تدفق الاف الفلسطينين الى مصر وتحديدا مدينة العريش على بعد خمسين كيلو متر تقريبا من الحدود .
الخيارات امام الصحفيين كانت عديدة فالطرق التي يمكن ان توصلهم الى مصر كانت كثيرة لكنهم اختاروا الذهاب من جهة حي البرازيل فوجدوا في طريقهم "سيولا " بشرية ترغب جميعها في العبور ولم يكن هناك أية عوائق سوى القدرة على تحمل مشاق المشي لعدة مئات من الامتار .
العابرون نحو مصر لم يكونوا من الرجال او الشباب فقط فعائلات فلسطينية كاملة من الطفل الرضيع والمراة وحتي العجائز وصولا الى المهربين لمختلف انواع البضائع من السجائر الى المخدرات والسلاح والاجبان .
وصلوا الى بوابة صلاح الدين وهناك كانت المفاجاة حيث الاف الشبان يبحثون عن سيارات لنقلهم الى مدينة العريش فاستقلوا شاحنات صغيرة كانت الواحدة منها في بعض الاحيان تقل خمسين شخصا فاصبح المشهد كانه رحيل جماعي نحو العريش التي ضاقت شوارعها بما رحبت وعجزت عن استقبال الضيوف فلا طعام ولا اماكن للمبيت ولا سيارات لنقل الزائرين الى البحر او أي مكان اخر .
صحافيو وكالة معا امضوا ساعتين في مصر فشعروا بانهم في غزة ، فكل عشرة امتار وجدوا من يصافحهم ويلقي عليهم التحية .
وحين فكروا بالعودة الى غزة توجهوا مباشرة دون ان يعترض طريقهم احد ، لكن المفاجاة غير المتوقعة ان نقاط العبور التي دخلوا منها كانت قد اغلقت في وجهم من قبل السلطة الفلسطينية فاضطروا للمشي سيرا على الاقدام وصولا الى ثغرة صغيرة وجدوا امامها مئات الراغبين في العودة مثلهم وكان حال الجميع يقول "ما اجمل العودة للبيت " وبالتأكيد لم يفوت المهربون الصغار الفرصة في نقل بعض السجائر وحتى جالونات الكاز ومثلها من البضائع ما تسبب في خفض سعر هذه البضائع مثل سعر علبة سجائر المالبورو والتي انخفضت الى سبعة شواقل بدلا من اربعة عشر شيكلا قبل فتح الحدود .
والحال في مدينة رفح يذكر بقرية الغجر الواقعة عند أسفل هضبة الجولان المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967. والتي اضطرت اسرائيل في النهاية الى ابقائها مقتوحة وان وجود نصفها في لبنان ونصفها تحت الحكم الاسرائيلي لم يمنع التواصل الديموغرافي بين اهلها .
وهنا ياتي السؤال :لماذا يجري اغلاق الحدود اصلا ؟؟؟ ولماذا وافقت القاهرة وتل ابيب على تعديل الاتفاقية الامنية المسجلة في كامب ديفيد عام 1978 ولم تسارع العاصمتان الى تعديل الظلم الانساني الذي وقع على سكان رفح المظلومة ؟؟
ففي رفح - بشقيها المصري والفلسطيني - تعيش نفس العائلات ويحق لهم لم الشمل واذا كان الامن الاسرائيلي ذريعة فها هي اسرائيل نفسها تسمح لسكان قرية الغجر بلم الشمل ومثلها لبنان ، واذا كانت الحدود التي رسمتها اتفاقيات سايكس بيكو مقدسة عند الحكومات فان الحياة الكريمة والشريفة اقدس منها بكثير ، اما اسرائيل فهي لم تحصل على الامن في سيناء ولا في رفح ولا في جنين ولا حتى في تل ابيب نفسها ، ولن تحصل ! لانها لا تزال قوة احتلال ظالمة ، وعلى السلطة الفلسطينية ومصر ان تفكران بنقل الحدود الى منطقة العريش وعدم اقحام قوات حرس الحدود او الشرطة لقطع الطريق على مئات الاف الفلسطيني طردتهم اتفاقية كامب ديفيد الى خارج قطاع غزة .

وقد اصبحت مشكلة رفح مثل مشكلة القرى السبع ، تعود مشكلة هذه القرى إلى العام ترسيم الحدود الذي جرى بتاريخ 7/3/ 1923 بين لبنان المنتدب عليه فرنسيا ، وفلسطين التاريخية . وقد ضمت هذه القرى في العام 1926 إلى فلسطين بعد أن تنازل عنها الانتداب الفرنسي لمكتب الوكالة اليهودية مقابل تجديد امتياز تجفيف مستنقعات الحولة لشركة فرنسية . وقد اعترفت عصبة الأمم بهذا الاتفاق في العام 1934 . وكانت الخارجية اللبنانية قد بدأت في العام 2003 ، بعيدا عن الأضواء ، بحثّ مواطني القرى السبع الذين غادروها منذ عشرات السنين تحضير وثائقهم الثبوتية المتعلقة بأملاكهم في تلك القرى ، وإبراز مستنداتهم أمام مكتب خاص تم إحداثه خصيصا لهذا الغرض في الخارجية اللبنانية .

أما القرى فهي : هونين ، صلحا ، قدس المالكية ، إبل القمح ، النبي يوشع ، طير بيخا . وهناك أوساط لبنانية مقربة من سورية تحاول أن تضيف إلى هذه القائمة كلا من : شوكة ، أقرت ، حانوتا ، دحيرجة ، كفر برعم ، صروح ، حردبا . وتقول هذه الأوساط بأن هذه القرى احتلت في العام 1949 عشية توقيع اتفاق رودس .
وان كان ولا بد من قول شئ فليكن ان على السياسيين الاعتراف بخصوصية هذه الاماكن وليعرفوا ان عواصم مثل لندن وبغداد والقدس ومدن مثل نيويورك والفلوجة لم تعد امنة واذا كانت دولة تعتقد ان امنها يعتمد على مساحة قرية حدودية وحرية اهلها في الحركة فبئس الامن وبئست الترسانات النووية .