وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لا فـــرق بين الشهـــداء ...

نشر بتاريخ: 15/06/2015 ( آخر تحديث: 15/06/2015 الساعة: 11:11 )
لا فـــرق بين الشهـــداء ...
الكاتب: محمود التعمري

المـــــوت عنـــــد الغـــــروب
يتمدد الجسم او يتكور لا فرق هنا بينهما .. فوق رمل الشاطئ او بين ركام بيت قصفوه للتو ، او عند الحدود .. الموت هو لحظة بين البقاء حيّا وبين سفر يطول مداه .. ولكنه انتقال اجباري في كلا الحالتين .. على الوجوه ترسم الدماء خارطة الوطن ، من رأس الناقورة حتى أم الرشراش .. وبالدماء أيضا ترتسم حيفا ويافا والقدس والجليل ، وكل تخوم الوطن المحتل .. وقبل الغروب بقليل يتلون وجه الماء عند شاطئ البحر بلون الدم ، فتعلن الشمس قبل الغروب الحداد ، وتختبئ خلف بعثرة اجساد الاطفال ، بفعل قذيفة أطلقها الأعداء قبل ذلك الغروب .. ويسقط الليل ثقيلا ، ولا زالت بعض شظايا الأجساد ، مدفونة تبحث عن مأوى بين الركام .. وما زال وجه الله حزينا حين يتعلق الأمر بموت الأطفال ... !!!
                          
لا تغسلوا دماء الشهداء ..
لا تسكبوا الماء على جراحاتهم .. ولا تغيروا ملابسهم المنقوعة بالدم .. لا تغلقوا أعينهم أو تضعوا الأشرطة اللاصقة على أفواههم ..احملوهم كما هم وادفنوا ما تبقى من أجسادهم تحت التراب دون بكاء أو عويل ، فهناك من ينتظرهم بالماء والبرد الأبيض ويحتضن أجسادهم الجميلة ، وهناك من سيزفهم نحو العُلى. ويُعيد إليهم طفولتهم وإنسانيتهم ، فلا تغسلوا أجسادهم لان كل الطهر فيها ...

لا تقتلـــوا الشهـــداء مـــرتين
الحرب ليست نزهة على شاطىء بحر او نهر او ساقية .. وهي ليست حفلة شواء ورقص واغاني خلاعية .. وهي ليست لعبة أطفال لكرة قدم أو غماية .. إنها ببساطة قتل وذبح وتقطيع أوصال .. انها موت ودمار وحرائق ..


الشهداء يموتون مرة واحدة .. وهم لا يهربون من الموت .. الشهداء لا ينتحرون ، لأنهم يعرفون أن الانتحار هو من صفات الجبناء .. الشهداء أودعوا الأمانات وغادروا ، فلا تخونوا وصايا الشهداء .. لا تساوموا على الدم الا بالدم .. ولا تقتلوا الشهداء مرتين .. مرة من الأعداء ... ومرة من جبنكم وخوفكم ومساومتكم على دماء الشهداء .. لأنكم حينها ستقتلون الشهداء مرتين ...!!!

لا تزعجوا الشهداء بالعويل والبكاء ..
دعوهم يبحثون في التراب ، عن بقايا اجسادهم بسلام .. أو لعلهم يلتقون هناك في مناماتهم ، بمن اشتاقوا اليهم في الحياة .. أتركوا الركام والدمار والخراب ، مثلما جعلوه .. فقد سكنته الطفولة والرجولة والسلام .. وقد يكون شاهدا ذات يوم ، عند البحث عن عدالة الانسان