وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز ابحاث الاراضي في الخليل يصدر تقريرا حول ممارسات الاحتلال في حي تل الرميدة

نشر بتاريخ: 16/09/2005 ( آخر تحديث: 16/09/2005 الساعة: 22:29 )
الخليل - معا - بتاريخ (11 ) شباط 2005، اصدر قائد قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، امرا عسكريا يحمل الرقم ( ت/17/05) يعلن وضع اليد والحيازة المطلقة على قطع من الاراضي المملوكة للفلسطينيين في تل الرميدة الواقع في الجزء الغربي من الخليل
القديمة على قمة الجبل المقابل للحرم الابراهيمي الشريف.

والهدف من اصدار هذا الامر العسكري الاحتلالي هو شق طريق جديد للمستوطنين ، و لربط مستوطنة ما يسمى " رمات يشاي " في تل الرميدة بالنقاط الاستيطانية الأخرى في الخليل وهي بيت هداسا (الدبويا) وبيت رومانو ( مدرسة اسامة بن المنقذ سابقا)
وابراهام ابينو ( سوق الخضار القديم المجاور للحرم الابراهيمي الشريف في قلب
المدينة).

والطريق المقترح يبدأ من وسط شارع الشهداء المغلق منذ بداية الانتفاضة الحالية
وبالتحديد من المقطع المقابل لمحطة الباصات القديمة ويسير عبر المقبرة الاسلامية
مرورا بعدد من البيوت وحقول الزيتون وعيون الماء والمقامات الاسلامية القديمة وصولا
الى مستعمرة رمات يشاي في تل الرميدة التي تسكن فيها ست عائلات اسرائيلية. وسيمر الشارع في منطق H2 وهو القسم الذي يخضع لمسؤولية السلطة الفلسطينية في الخليل بناء على بروتوكول الخليل الموقع في كانون الثاني 1997 والذي تعود فيه الصلاحيات في التخطيط والبناء لبلدية الخليل.

ولا بد هنا من الاشارة الى ان اتفاق الخليل يشمل بند فتح شارع الشهداء امام
الفلسطينيين لانه يربط بين جنوب الخليل وشمالها، ولكن هذا البند لم يتم تنفيذه او
الالتزام به اطلاقا حتى قبل انتفاضة الاقصى في مخالفة اسرائيلية واضحة لبنود هذا
الاتفاق. كما ان فكرة بناء هذا الطريق الجديد تعتبر مخالفة لبروتوكول الخليل الذي
وقع كجزء من اتفاقيات السلام التي تمت برعاية دولية دون ان تُنفذ على ارض الواقع من
قبل اسرائيل.

واذا ما تم شق هذا الشارع الجديد فان شارع الشهداء يكون قد اصبحت امكانية اعادته
الى الجانب الفلسطيني شبه مستحيلة في اية تسوية قادمة.

تعقيب وزير الامن الاسرائيلي موفاز :

حيث افاد مكتب شاؤول موفاز تعقيبا على هذا القرار بان " المقصود
طريق للجيش لا تحتاج اقامته الى اذن من وزير الدفاع". فحسب مكتب موفاز فانه لم يصدر
اذنا بشق الطريق وهو لا يعلم شيئا عنه. اما القرار كما افاد المكتب فهو للقائد
العسكري في المنطقة اللواء يأير نيفيه.

وفي الماضي كان كل حجر يتحرك في الخليل وكل مصادرة تتم بمصادقة وزير الدفاع. وهكذا،
مثلا، صادق بنيامين بن العيازر في بداية الانتفاضة الحالية على نقل مستوطني تل
الرميدة الى مبنى دائم اقيم على الموقع الاثري ضد رأي مسؤولي الدوائر الاثرية في
الجامعات الاربع الكبرى في اسرائيل.

والان يجري التخطيط للطريق الجديد بالذات في وقت " التهدئة الهشة" في المناطق
الفلسطينية والتي لا يزال فيها وقف النار يحبو.

وفتح هذا الطريق سيؤدي الى تدمير منازل قديمة ومقبرة اسلامية ما زالت مستخدمة وقبور
خاصة واقتلاع اشجار زيتون معمرة وهدم مقامات اسلامية قديمة في المكان.

دعوى قضائية

وتقدمت لجنة اعمار الخليل بدعوى قضائية ضد سلطات الاحتلال احتجاجا على الامر
العسكري الجديد. وكخطوة اولى تقدمت اللجنة، نيابة عن المتضررين الفلسطينيين وعددهم احدى عشرة عائلة بالاضافة الى الاوقاف الاسلامية، باعتراض الى لجنة الاعتراضات العسكرية في بيت ايل ضد هذا القرار، وتنوي التوجه الى المحكمة العليا الاسرائيليةبهذا الخصوص.

والاراضي التي ستُصادر بموجب الامر العسكري مملوكة لعدد من العائلات الفلسطينية،
ومنها عائلات ابو ساكور، ابو عيشة، بدر، سياج، دنديس، اقنيبي، ابو منشار، الصاحب،
ابو غليون، شاهين. وقد حُرمت هذه العائلات منذ اربع سنوات من الوصول اليها او
فلاحتها بسبب قربها من منازل المستوطنين. هذا بالاضافة الى ممتلكات الاوقاف
الاسلامية في الخليل ومنها المقبرة الاسلامية ومقام السقواتي والعين الجديدة.

وقال محامي لجنة الاعمار في شكواه ان " الحديث يدور عن دوافع سياسية وليس امنية
موجهة لخلق تواصل بين تل الرميدة وبين المركز التاريخي لمدينة الخليل واحياء
المستوطنين، وهي الخطوات التي ترمي الى تقييد استخدام وتصرف الفلسطينيين في
املاكهم. كما تقرر الاوامر العسكرية واقعا سياسيا دون ان تسمح للجمهور الاسرائيلي
بالحق بامكانية النظر في موقفه في مسألة تعزيز وتوسيع المستوطنات اليهودية في قلب
الخليل".

ومنذ بداية الانتفاضة طُرد تجار فلسطينيون وسكان حي القصبة واضطروا الى مغادرة
منازلهم. وحسب التقديرات فان نحو ثلث السكان في هذه المنطقة غادروها بسبب قيود
الحركة والتنكيل بايدي الجيش والمستوطنين الذين يبلغ عددهم حوالي الاربعمائة يحرسهم اكثر من الف جندي احتلالي يعيشون وسط اربعين الف فلسطيني في ذلك الجزء من المدينة.

وفيما يلي جدولا تفصيليا ببعض قطع الاراضي التي ستتاثر بالامر العسكري المذكور
اعلاه حسب رقم الحوض ورقم القطعة واسم المالك:
رقم الحوض رقم القطعة اسم المالك
34416 63 خليل اسماعيل ابو ساكور
34416 64 حسن محمود الصاحب
34416 65 محمود خميس الصاحب
34416 93 عبد المعطي خليل ابو منشار
34416 96 الاوقاف الاسلامية ( العين الجديدة)
34416 104 زغلول سليم ابو غليون
34416 109 وقف عائلة اقنيبي ( السيد محمد نوح سليم اقنيبي)
34022 29 الاوقاف الاسلامية ( المقبرة الاسلامية)
34022 26 ورثة حسن ابو عواد شاهين

المدافن المهددة بالهدم:

يوجد عدد من المدافن المهددة بالهدم والتي تعتبر مدافن جماعية لعدد من العائلات
تحتوي على عدد كبير من الجثث التي دفنت عبر التاريخ.

واكد اصحاب الاراضي والمنازل المهددة ان عملية شق الشارع في قلب المدينة ستسبب ضررا مضاعفا على مصلحة السكان الفلسطينيين.

وقال زياد بدر، احد اصحاب المنازل ان محاولة قوات الاحتلال شق هذا الشارع للمستعمرين سيُحدد ويخنق الحركة امامنا لان الشوارع ستكون لاستخدام المستعمرين اليهود فقط للتحرك بين البؤرة المسماة رمات يشاي لتسهيل تواصلهم مع البؤر الاخرى في المدينة وصولا الى مستعمرة كريات اربع المجاورة.

واضاف ان مسار الطريق المقترح مواز لمحور الوصول الحالي الى تل الرميدة - شارع الشهداء المغلق منذ ثماني سنوات امام الحركة الفلسطينية ويُستخدم للمستوطنين فقط.
وتساءل السيد بدر ان اليهود عندما تدنس قبورهم يتهمون الناس باللاسامية، فماذا يعتبرون نبش قبور الاجداد عربا ومسلمين؟! مؤكدا ان الديانة اليهودية تحرم نبش القبور ايا كان مستخدمها. ووصف السيد بدر ما سيحصل بانه مصيبة ستحل بنا وبقبور اجدادنا وآبائنا،
مناشدا كل من يهمه الامر التحرك لمنع تنفيذ هذا المخطط الاجرامي.

اشارة تاريخية لحي تل الرميدة :
بنيت مدينة الخليل اصلا فوق تل الرميدة. واظهرت نتائج الحفريات التي أُجريت على المكان من قبل العديد من البعثات ان تل الرميدة هو موقع اثري تاريخي شهد قيام
العديد من الحضارات بدءا بالعصر البرونزي ومن ثم الحديدي والروماني والبزنطي
والاسلامي.

وكان العرب الكنعانيون هم اول من اسسوا تل الرميدة قبل حوالي 5500 سنة وجعلوا منه
عاصمتهم السياسية ( العصر البرونزي). وكان نبع العين الجديدة في الطرف الشرقي من
الحي المصدر الرئيس للمياه لسكان تل الرميدة آنذاك، وبقي هكذا حتى فترة متأخرة.
واتخذ الخليليون من الوادي المجاور مصدرا رئيسيا للرزق بعد ان زرعوه واخذ يُعرف
بأسم ( وادي الخليل الخصيب).

وسُمي التل بتل الرميدة او الرميضة من ذلك اللون الرمادي الذي يضفي على تربة هذا
الجبل لكثرة الحضارات والاقوام الذين سكنوه على مر العصور، فاما ان يكون اسمه من
الرماد او الرمضاء التي تحيل التراب الى لون رمادي، واصبح هذا الاسم علما على هذا
الجبل الاشم.

ومن اولى البعثات التنقيبية التي جاءت الى المكان البعثة الامريكية خلال الفترة من
1963- 1966 تحت اشراف عالم الاثار فيليب هاموند. ثم جاءت بعثات اسرائيلية في
الاعوام 1982، 1985، 1986, 1999.

واكدت جميع عمليات الحفر والتنقيب على الاهمية التاريخية والاثرية لتل الرميدة
واثبتت ان الموقع شهد العديد من الحضارات.

كما يعتبر هذا التل موقعا اثريا منذ عام 1944 عندما ضمنته سلطات الانتداب البريطاني
في قائمة المواقع التاريخية في فلسطين. بعد ذلك، اكدت الحكومة الاردنية خلال حكمها
للضفة الغربية على هذه الاهمية.

بعد الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية اصدر جيش الاحتلال امرا عسكريا يعتبر تل
الرميدة موقعا اثريا يحظر اجراء اية اعمال بناء عليه يمكن ان تغير من طبيعته
التاريخية. ولكن، وفي اطار الاستراتيجية الاستيطانية الاسرائيلية، سمحت اسرائيل في
عام 1984 لمجموعة من المستوطنين بنصب مجموعة كرافانات ( بيوت متنقلة ) في المكان.

ثم اغمضت اسرائيل اعينها عن التوسعات الاستيطاينة في المكان والتي كان آخرها في عام 2000 عندما سمحت الحكومة الاسرائيلية للمستوطنين البدء في بناء عمارة سكنية من عدة طوابق على قمة التل الاثري في مخالفة واضحة لجميع المعايير التاريخية السالفة
الذكر.

يدعو مركز ابحاث الاراضي جميع الهيئات والشخصيات المحلية والاقليمية والدولية
الحكومية وغير الحكومية التحرك لمنع الحكومة الاسرائيلة وجيش الاحتلال من تنفيذ هذا
المشروع الخطير الذي يعتبر مخالفة واضحة لجميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في
مجال الحفاظ على التاريخ والتراث ومنها اتفاقيات اليونسكو ومعاهدة جنيف الرابعة.
فهذا هو تل الرميدة بآثاره الكنعانية العربية التي ما زالت ماثلة للعيان، فليس
للاستيطان فيه مكان ولا يوجد هناك مبرر ليمتلك الغرباء موقعا استيطانيا تُقذف منه
حمم اللهب على ابناء هذه المدينة الوادعة ويتُخذ من مرتفعه مكانا لقنص الابرياء
وهدم بيوتهم ونبش قبورهم.