وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هكذا يمكن وقف الانتفاضة الحالية من وجهة نظر اسرائيل

نشر بتاريخ: 08/02/2016 ( آخر تحديث: 09/02/2016 الساعة: 13:12 )
هكذا يمكن وقف الانتفاضة الحالية من وجهة نظر اسرائيل

بيت لحم- معا- يجب أن تشكل عملية باب العامود التي وقعت الاربعاء الماضي انذارا واضحا لانها والى جانب عمليات اخرى شهدت استخداما للأسلحة النارية تبشر وتشير الى انتقال طبيعي للانتفاضة الثالثة من مرحلة " الطعن التي ينفذها أفراد الى مرحلة الخلايا المسلحة المحلية"، وهذه مرحلة اكثر خطورة واشد قتلا لانها عملية انتقال طبيعية وفقا للتجربة التاريخية التي عملتنا ان هذا المسار يعتبر تحصل حاصل طالما احتفظ الجانب الذي سار على سكة العنف والإرهاب بدافع قوي سيواصل البحث عن طرق ووسائل اكثر نجاعة تلحق بالطرف الثاني الالم اكبر وضرر افدح دون ان يلتفت للثمن الشخصي الذي قد يدفعه المنفذ حتى يحقق اهدافه وفقا لتعبير "روني بن يشاي" المحلل العسكري لصحيفة " يديعوت احرونوت " في مقاتله المنشورة "الاحد " .

وفي الحالة الراهنة حيث شكل التحريض الديني الدفاع المركزي الذي دفع بالمنفعلين من الشبان الفلسطينيين لتنفيذ العمليات بداية الموجة الحالية تعزز التحريض الديني الان بدافعيين ذات تأثير قوي جدا الاول يتمثل بالانتقام "لضحايا عمليات الاعدام كما يسميها الفلسطينيون " والثاني يتمثل بالرغبة في المحاكاة والتقليد للنيل ذات الاهتمام والارتقاء مثلهم لمرتبة الشهداء .

يدور الحديث عن انتفاضة من نوع جديد تتولى مواقع الاتصال والتواصل الاجتماعي تزويدها بالأبعاد الايديولوجيه والتنظيميه واللوجيستيه والاهم من ذلك ان هذه الانتفاضة تغذي وتشعل نفسها بنفسها ويمكن الافتراض على سبيل المثال ان الطفلتين البالغتين 13 من عمرهما اللواتي طعن الخمس الماضي حارسا امنيا في الرملة قد حاولن محاكاة منفذي العملية الذين قدموا من بلدة قباطيه الى القدس وقتلوا مجندة حرس الحدود لان مواقع التواصل الاجتماعي وبكل بساطة ازالت الفوارق والفواصل بين الطفلتين وهن من عائلة عربية اسرائيلية وبين الشبان الفلسطينيين من سكان المناطق حسب تعبير "بن يشاي ".

بكل بساطة يبدو ان الشابان الفلسطينيين توصلوا مؤخرا الى قناعة ان موجة "الارهاب" الحالية لا تحقق أي هدف تعبوي او نفسي او مادي يدعم تطلعاتهم ويدفعها الى الامام ويبدو ان هذه القناعة عبارة عن "حكمة " جمهور شباب "انتفاضة جيل الفيسبوك " الذين وصلوا الى ذات القناعة منفردين لكن في وقت واحد تقريبا .

لاحظ الشبان الفلسطينيون ان الجمهور الاسرائيلي قد اعتاد تقريبا على ما يجري وبات طيلة الاشهر الاربعة الماضية غير مبال وان وتيرة تنفيذ عمليتين او ثلاث عمليات طعن ودهس يوميا لا يؤثر على الاسرائيليين خاصة وان غالبية العمليات انتهت بمقتل المنفذ الذي دفع لوحده الثمن .

شعر الشبان الفلسطينيون بالإحباط كون المنفذ المنفرد بقي وحيدا ولم يدخل لجمهور الفلسطيني "البالغ والواعي " دائرة الاحداث وحتى انه يمتنع عن تقديم المساعدة لمنفذي العمليات وعلى العكس تماما ففي بعض الحالات سارعت عائلات المنفذين منعهم خشية العقاب الاسرائيلي او خشية فقدان ابنائها بالموت اضافة لذلك من كان يتطلع الى شد انتباه العالم قد خاب امله لان انتباه العالم والعرب موجه منذ فترة طويلة الى مكان اخر وهي لا تملك الوقت لتجند لدعم الفلسطينيين.

يمكننا القول ان حدس الشابان واندفاعهم يقودهم نحو تجريب مسار جديد وتنفيذ عمليات اشد قوة تنقذ الانتفاضة من حالة المراوحة الدموية وذلك الى جانب مسار عمليات الطعن والدهس .

عناصر المسار الجديد واضحة ومعروفة وهي استخدام الاسلحة النارية سواء كان سلاحا محلي الصنع او سلاح " نظامي" وهو موجود بكثرة في مناطق السلطة وإسرائيل على حد السواء اضافة للعبوات الناسفة محلية الصنع خاصة الانبوبية " كواع" التي تستخدمها المجموعات المحلية بدل من القنابل اليدوية التي لا يمكنهم شراؤها او سرقتها لكن العنصر الاساسي هو العمل كمجموعات وليس كأفراد بما يسمح لهم بتقسيم انفسهم لعدة مجموعات وتوزيع المهام والعمل بينهم اثناء التنفيذ ما يزيد نجاعتهم ويمكنهم من تجاوز الاخطاء وإطالة امد العمليات وزيادة تأثيرها و عن طريق ايقاع القتلى وهذا بالضبط ما وقع في منطقة باب العامود بالقدس .

وهذا النوع من العمليات لا يحتاج الى جمع المعلومات الاستخبارية او تخطيطا معقدا ومحكما بل يكفي ان يتفدق عدد من" المخربين" على العمل مع بعضهم البعض حتى يحققوا نتائج قاتلة تفوق ما تحققه عملية فردية او عمليتين .

العمل عبر الانترنت :

الانتفاضة الثالثة ليس فقط لا تسير على طريق النهاية والخبو كما المح مؤخرا عدد من قادة المؤسسة الامنية الاسرائيلية مستندين على ارقام احصائية تشير الى انخفاض عدد العمليات واعمال " الاخلال بالنظام" التي تشهدها الضفة الغربية بل يجب علينا ان ننتظر مستويات اخرى من التصعيد ويمكننا الافتراض ان المرحلة القادمة ستشمل انضمام "التنظيم" الذي يشكل المليشيات المسلحة لحركة فتح للانتفاضة " جيل الفيسبوك " التي قد تشهد اتساعا ومزيدا من الاشتعال الجماهيري بشكل عام بما يشبه ما شهدناه خلال الانتفاضة الثانية ولا نحتاج لاكثر من شرارة حتى نجد انفسنا في مواجهة قاتلة ودموية مع الفلسطينيين تنتهي بعد ان يدفع الطرفان مئات القتلى وآلاف الجرحى حينها فقط يبدأ العد التنازلي للانتفاضة الرابعة.

هناك وسيلة واحدة يمكنها ربما كسر الدائرة لسحرية هذه وهي شن حرب لا هوادة فيها ضد العمليات ومنفذيها عبر مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وهذا النوع من العمليات لم تجربها اسرائيل حتى الان .

نعلم تماما الان ان جزءا كبيرا من الشبان الذين نفذوا عمليات كانوا على علاقة عائلية او علاقة صداقة بمنفذين سبقوهم وقتلوا وظهر جزء كبير على مدى الاعوام الماضية من هذه الابعاد من خلال مواقع فيسبوك ومن المفهوم مسبقا باستحالة التعامل مع كل شخص من هؤلاء او اعتقالهم جميعا لكن من الممكن الشروع بمراقبة وتتبع " البوستات" التي ينشرها اشخاص مقربون من "المخربين " منفذي العمليات خلال الموجة الحالية او خلال الايام القليلة الماضية .

تعرف قوات الامن كيف تصل بسرعة كبيرة لكل من يثير الشك او يطلق اشارات مشبوه تشير الى قرب وقوع عملية اعتقاله والتحقيق معه وان تستدعي بعد عدة ايام والديه وان تطلق سراحه بكفالة مالية وهذه الخطوة ستعرقل وتعيق من كان مستعدا من الناحية النفسية لتنفيذ عملية وبكل تاكيد ستردع الشبان الفلسطينيين الاخرين عن التحريض عبر موقع " فيسبوك" او " تويتر" او الاعلان عن رغبتهم في نيل الشهادة ويكفي اعتقال عدد من هؤلاء المحرضين في كل قرية ومدينة حتى تصل الرسالة للمرشحين لتنفيذ عمليات وستنتقل هذه الرسالة عبر الاحاديث وهناك في المؤسسة الامنية الاسرائيلية اشخاص قادرون على القيام بهذه المهمة في حال تلقوا الامر المناسب .

الحل كامن في قلب الحوار :

كما هو معروف من المحظور اهمال الوسائل العسكرية – الاستخبارية التقليدية التي اثبتت نفسها في مواجهة " الارهاب" فالاتجاه الاول يتمثل في الكثير من الاعتقالات والمعتقلين في صفوف المعروفين كمحرضين وذلك استنادا للمعلومات الاستخبارية التي تتوفر لدى جهاز الشاباك والتحقيق معهم بما يتيح اكتشاف الخلايا والمجموعات التي يعرفون افرادها وذلك الى جانب وسيلة اخرى تتمثل في فرض نظام منع التجول والإغلاق على البلدات والقرى التي يتوفر انذارا حقيقيا بقرب خروج عملية من نطاقها او بهدف معاقبتها بعد تنفيذ بعض سكانها لعملية ما كما في بلدة قباطية التي خرج منها منفذي عملية القدس الثلاثة .

ووفقا للمحلل العسكري "روني بن يشاي" تشكل عمليات هدم المنازل بشكل فوري عنصر ردع والفكرة الاساسية هي انه في حال قرروا تطبيق عقوبات جماعية عليهم ان يقوموا بذلك بقوة وتصميم وثبات ومثابرة وإذا لم نقم بذلك فأننا "سنأكل السمكة الفاسدة ونطرد من المدينة " كما يقول المثل .


يجب علينا الاعتراف بالحقيقة القائلة بان الانتفاضة "المميزة " هذه قد وصلت الى مرحلة لم تعد المبادرات والعمليات العسكرية – الاستخبارية وكذلك عمليات " السايبر" قادرة على اعطاء حل ناجع وفي وقت قصير لذلك بات من الضروري ربما الطرح مبادرة " مدنية – سياسية ".

من الصعب علينا قبل ذلك لكن الفلسطينيين وبخاصة الشباب منهم لن يتقبلوا ويسلموا بوجودنا هنا على المدى القصير كما لا يمكنهم قوبلنا كمحتلين وصحيح ان غالبية سكان "دولة" اسرائيل لا يعتقدون ان فكرة الدولة ثنائية القومية هي فكرة مناسبة وجيدة ولكن وفي المقابل تبقى يدهم اقصر من تنقذ الموقف كما انهم يفتقرون للأدوات السياسية القادرة على مواجهة والتأثير على النواة الايديولوجية الصعبة للوبي المستوطنين في الضفة الغربية ومؤيديهم في الحكومة والكنيست الذين جعلونا وأبنائنا وبناتنا عالقين في حالة من الجمود الدامي بانتظار الجولة الدموية القادمة .

صحيح انه لا يجد حاليا شريك سياسي فلسطيني لكن يمكن لحكومة اسرائيل ان تنفذ في الميدان عدة خطوات احادية الجانب من شانها ان تخفف من القبضة الامنية والعسكرية وتنعش امال الفلسطينيين مثل نقل الضواحي الهامشية من القدس للسيطرة الفلسطينية الكاملة وهذا لا يعني ان الجيش والشاباك لن يتمكنا من دخول ابو ديس او قلنديا على سبيل المثال لكن بكل تأكيد لن يحمل سكان هذه المناطق الهوية الاسرائيلية " الزرقاء " ولن يقدموا المساعدة وينقلوا المخربين الى باب العامود .

خطوة او حل اخر يتمثل في نقل السيطرة على مناطق C للسيطرة الفلسطينية وتقديم تراخيص بناء وتشجيع اقامة مشاريع تخلق فرصا للعمل .


واختتم " بن يشاي " تحليله بالقول "يمكن التلميح للفلسطينيين بانه وفي حال هدأت المنطقة ستقوم اسرائيل بإعادة دراسة البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبرى واطلاق سراح بعض الاسرى .

يمكن لكل خطوة سياسية من هذا القبيل ان تؤدي الى تغيير الاجواء وان تعطي الفلسطينيين اشارات حول امكانية احداث تغيير في اوضاعهم ما قد يؤثر ايضا على الاولاد المنفعلين وبكل تأكيد منح الاباء سببا وجيها كي يضبطوا ابنائهم وأحفادهم .