وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الانتحار أصبح مسخرة

نشر بتاريخ: 13/02/2016 ( آخر تحديث: 13/02/2016 الساعة: 10:08 )
الانتحار أصبح مسخرة
الكاتب: مصطفى ابراهيم
تعلمنا في المدارس ان نسب الانتحار في أوروبا عالية نتيجة غياب الوازع الديني والاخلاقي والإحباط والاكتئاب والفراغ والملل والزهق وطبيعة الطقس وغياب الشمس فترات طويلة يؤثر في الحالة النفسية للأوروبيين، بالرغم من الرفاهية العالية، ولا نسب لدي حول حالات الانتحار، لكن بعض الدراسات اثبتت ان للبطالة دور كبير في الانتحار خاصة بريطانيا، كما لا نسب لدي لعدد حالات الانتحار الناجحة والفاشلة التي وقعت في قطاع غزة وهي كثيرة منها معلوم ومنها غير معلوم وفاشل ويخجل عدد من الناس الاعلان عنها.

في غزة الجدل والنقاش لا يتوقفان، وباستمرار توجد قضايا وازمات جدلية مستفحلة وبحاجة إلى حلول حقيقية وليس نقاش وصمت وتبرير حكومي، منذ أيام قليلة يدور جدل ونقاش لا يزالان مستمران حول العثور على جثتين لشابين شنقا نفسيهما، إحدى الجثث لشاب شنق نفسه أو وجد مقتولاً حسب إدعاء عائلته، بينما قالت الشرطة انه شنق نفسه.

انتصرت رواية الشرطة التي تمنت من البداية ان يكون الشاب مات انتحارا، وليس قتلا على أيدي آخرين وبالفعل تحققت أمنيتها، مع ان الفعلين جريمة، الانتحار جريمة والقتل بفعل الغير جريمة، جريمة الإنتحار يتحمل مسؤوليتها المنتحر، وستنجو الشرطة من توجيه الاتهام لها بالتقصير. اما جريمة القتل على أيدي الغير فالناس سيحملون الشرطة المسؤولية وستتهم الشرطة بالتقصير وعدم القيام بواجبها الوقائي لمنع الجريمة وتكرارها، وستكلف الشرطة البحث والتحري ومعرفة الجاني وتقديمه للعدالة بسرعة. 

وليس هذا فقط فمن يتحمل مسؤولية الإنتحار في جانب منه الحكومة التي هي مسؤولة عن الشرطة، والحكومة مطالبة الإيفاء بمسؤولياتها والقيام بواجبها والتزاماتها القانونية، وتوفير فرص عمل والمساواة بين الناس، فالحق في العمل حق وواجب السلطة الحاكمة تطبيقه والعمل على توفيره، والحد من البطالة والفقر ونسبهما العالية، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم وتحقيق الضمان الاجتماعي لمواطنيها.

ولا يعني الناس ان الاحتلال وعقوباته الجماعية والحصار المفروض هو السبب، إنما الحكومة هي التي تتحمل المسؤولية طالما ارتضت ان تكون حاكمة بأمرها وتقود الناس وتسوسهم. 
 
الحكومة المقصودة هنا هي حكومة حماس في قطاع غزة التي تبحث في النتيجة، ولا تبحث في الأسباب، فالانتحار أصبح ظاهرة والمحاولات الفاشلة أكثر من المحاولات الناجحة، والتي كانت اول حالاتها العلنية الشاب إيهاب من مخيم الشاطئ في العام 2012. وتتحمل الحكومة المسؤولية في جانب كبير من حالات الانتحار التي وقعت خلال السنوات الماضية لتقصيرها، وتهربها من الاستحقاقات المطلوبة منها وعدم قدرتها على اقناع الناس بقدرتها على الحكم وبان الوضع الكارثي ليست هي سببه، كيف وهي تجبي الضرائب وتمارس حكمها على كفاف الناس وعوزهم.

ويتذرع المسؤولون ان الانتحار حرام وغياب للوازع الديني، والناس أتخذوا منه فكاهة للتندر والسخرية والمزايدة، وفقدوا الثقة بهم وفتاويهم ووعودهم لهم بالصمود والصبر، ولم يدركوا ان الإيمان نسبي وقدرة الناس على الاحتمال نسبية ومختلفة من فرد لفرد وقدرته على مواجهة الوضع الكارثي والفقر وقلة الحيلة والضغط العصبي والنفسي الواقع عليهم من شدة الفقر.

دم المنتحرين في رقابهم جميعا، حكومة حماس وسلطة وفصائل عاجزة، وصمت وانحطاط في منظومة القيم والتكافل الجمعي أصبح من الماضي الجميل، وحركة حماس وحكومتها العاجزة تتحمل المسؤولية الاخلاقية والقانونية فهي من تدير شؤون الناس، ومسؤوليتها حماية الحق في الحياة وتوفير الحد الادنى من الحياة الكريمة وصون كرامة الناس في العيش الكريم.