وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحصار المالي يعصف بما تبقى من مؤسسات القدس: مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية مهدد بالاغلاق

نشر بتاريخ: 30/09/2005 ( آخر تحديث: 30/09/2005 الساعة: 20:01 )
القدس -معا - طالبت شخصيات اعتبارية سياسية ووطنية ودينية في مدينة القدس السلطة الفلسطينية, بتقديم الدعم المادي للمؤسسات المقدسية التي تقدم خدمات قانونية مجانية لالاف الأسر المقدسية, والتي باتت مهددة بالاغلاق بسبب الأزمة المالية الخانقة والحصار المالي المفروض على هذه المؤسسات.

وأشارت هذه الشخصيات الى ان مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية الذي قدم منذ تأسيسه حتى 1998 وحتى الآن مساعدات قانونية مجانية لنمو عشرة الآف أسرة مقدسية كان يتهددها الطرد والترحيل بسبب سياسات سحب الهوية, وهدم المنازل, والحملات الضريبية, يكاد يوشك على الاغلاق , بسبب ما يعانيه في هذه المرحلة من ضائقة مالية, وغياب للدعم العربي عنه, وعن مؤسسات كثيرة في القدس المحتلة.

وقال النائب المقدسي حاتم عبد القادر, ان مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية هو مؤسسة حيوية تقدم خدمات أساسية للمواطنين المقدسيين على الصعيد القانوني, ما مكن من دعم وصمود المواطنين في مواجهة اجراءات الطرد والترحيل. وبالتالي اغلاقها يعتبر كارثيآ في حين ان هناك ميزانيات تصرف, ولا تقدم خدمات للمواطنين. وأضاف:" إن المواطن الفلسطيني سيدفع ثمن اغلاق هذه المؤسسة, ما يدعونا الى توجيه نداء للسلطة الوطنية, وللأقطار العربية الشقيقة وعلى رأسها دولة الامارات العربية , وقطر الى رصد الميزانيات اللازمة لهذه المؤسسة, ولغيرها من مؤسسات القدس الفاعلة, كي تتمكن من القيام بدورها وأداء رسالتها....

واشار النائب عبد القادر, الى أنه كان لفت نظر المسؤولين في السلطة الوطنية الى أهمية دعم مركز القدس بالسرعة الممكنة, الا أنه لم يتم التجاوب مع طلباته المتكررة بهذا الشأن, لكنه وعد بمواصلة الضغط على جميع الجهات حتى يمنع اغلاق هذه المؤسسة الحيوية.

ودعا النائب عبد القادر السلطة الوطنية وم.ت.ف الى ايلاء هذه القضية اهتمامآ, لأن الحديث هنا يدور عن ارادة سياسية ووطنية, تستوجب هنا جميعآ ترجمتها بما يمنع اغلاق ما تبقى من مؤسساتنا, سواء تلك التي يهددها الاحتلال بالاغلاق.... أو المهددة بذلك لانعدام موارد الدعم.

من ناحيته, ندد سماحة المفتي العام للقدس والديار اللفسطينية د. الشيخ عكرمة صبري بالاجراءات الاسرائيلية التي تضرب الخناق على المؤسسات اللفسطينية غير الحكومية في القدس, والتي كان آخرها اغلاق جمعيتي" الرفادة" لرعاية المسجد الاقصى, "واقرأ" لرعاية الكتاب والسنة.

وقال "ان دعم مؤسسة كبرى مثل مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية, والذي يقدم خدماته القانونية لالآف الأسر المقدسية, واجب على كل عربي ومسلم,وهي أيضآ مسؤولية تقع على عاتق السلطة الوطنية, حتى تتمكن هذه المؤسسة من تقديم خدماتها الأنسانية لمواطني المدينة المقدسية. وأضاف :" نحن نثمن الخدمات الانسانية الكبيرة التي قدمها مركز القدس على مدى السنوات الماضية وهي خدمات ساهت في جمع شمل اعداد كبيرة من الأسر الفلسطينية, وأعادت أموالآ طائلة لمواطنين مقدسيين ؟ منهم دون وجه ؟... كما منعت خدماته هدم عدد كبير من منازل المواطنين, واسترجعت أسر كثيرة حقوقها في التأمين الصحي والاجتماعي بعد ان كانت سلبت منها .

وانضم الى حملة مؤازرة مركز القدس كذلك المحامي احمد الصياد- نقيب المحامين الفسطينيين, الذي اعتبر هذا المركز اهم المؤسسات الفلسطينية القائمة في القدس بعد اغلاق" بيت الشرق" والمؤسسات التابعة له. وقال:" إن أهمية هذه المؤسسة تكمن في طبيعة الخدمات التي تقدمها,والتي تتصل بمواضيع لها أبعاد قانونية تمس حياة المواطن المقدسي, مثل مصادرة بطاقات الهوية, وجمع الشمل, وهدم المنازل... وجميعها قضايا تبرز اشكالية العلاقة بين سلطات الاحتلال والمواطنين في القدس المحتلة.

واعتبر الصياد ان الأزمة الخانقة التي يعانيها مركزالقدس خاصة في السنوات الأخيرة, هي نتاج حصار مالي بدأت تقرضه أمريكا, ودول الاتحاد الاوروبع ي لى حميع المؤسسات بعد أحوال 11 ايلول, متذرعة بالحرب على "الارهاب" ما أدى الى البطش بمؤسسات المجتمع المدني التي تقدم المساعدات القانونية للمواطنين. وقال " إن هذا الواقع يفرض على السلطة الوطنية, وعلى الأشقاء العرب تقديم الموارد الكافية التي تعين هذه المؤسسات على البقاء والصمود".

أما المحامي حاتم عباس, الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب, فقال:" إن مركز القدس هو واحدة من مؤسسات المجتمع المدني التي ساهمت في تثبيت وجود المواطنين في القدس, من خلال متابعة لعدد كبير من القضايا التي تمس جوهر هذا الوجود, وبالتالي أتمنى على السلطة الوطنية أن تولي هذه المؤسسة اهتمامآ خاصآ, وأن تعمل على ايجاد التمويل اللازم لمؤسساتنا جميعآ في القدس المحتلة, سواء من قبلها أو من خلال جلب التمويل العربي لها".

من ناحيته كشف زياد الحموري, مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية, أن الحصار المالي الخانق الذي تعانيه مؤسسته بأن لا يحتمل, مشيرآ الى أن هناك عددآ كبيرا من قضايا المواطنين التي تتابعها الدائرة القانونية في المركز بحاجة الى مصاريف ونفقات طائلة.وقال" جميع هذه القضايا تمس الحياة اليومية للمواطنين, منها ما تعلق بقضايا جمع الشمل, ومصادرة حق الاقامة, ومنها ما تعلق بمخالفات البناء, وأوامر الهدم, اضافة الى قضايا تتعلق بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والصحية لالاف الأفراد المتضررين من سياسة التهويد الاسرائيلية المستمرة للقدس.

وقال الحموري, ان ادارة المؤسسة بذلت على مدى الأشهر الماضية جهودآ للتغلب على ضائقتها المالية ومحاولة جلب الدعم المادي بما يمكنها من مواصلة أنشطتها الى ان هذه الجهود باءت بالفشل, حتى فلسطينييآ وتساءل مدير مركز القدس عن دور المرجعيات الوطنية بما فيها لجنة القدس التي شكلت مؤخرآ بقرار رئاسي. وقال:" الجميع هنا المؤسسات, وكذلك المواطنين ولاحياة لمن تنادي" .

وأهاب الحموري بالدول العربية الشقيقة وحثها على ايلاء القدس ومؤسساتها دعمآ خاصآ, كالذي تقدمه دولة الامارات العربية المتحدة من خلال امتدادها في فلسطين جمعية الهلال الأحمرالامارتي الذي قدم مساعدات جليلة لشعبنا في الضفة الغربية وغزة, وساهم على نحو كبير في تخفيف معاناة كثير من الفلسطنيين التي عالج مركز القدس قضاياها . وقال" المطلوب دعم عربي واسلامي منتظم للقدس ولمؤسساتها ولمواطنيها. وبدون هذا الدعم فان مستقبل العرب في المدينة المقدسة يواجه بكثير من المخاطر, خاصة ان التهويد الاسرائيلي للقدس جار على قدم وسابق وبوتيرة عالية....

يذكر ان مركز القدس كان جمد مطلع هذا العام العمل في بعض دوائره, خاصة دائرتي الاعلام والابحاث والدراسات, كما تم تجميد عدد من المشاريع التطويرية التي كانت من المفترض تنفيذها في اطار خطة شاملة هدفت الى تقديم خدمات أكثر نجاعة للمواطنين المقدسيين, خاصة مع تزايد عدد الشكاوي المقدمة للمركز ضد دوائر اسرائيلية مثل البلدية, ووزارة الداخلية, ومؤسسة التأمين الوطني.

وفي حال تقرر أغلاق هذه المؤسسة بسبب ضائقتها الحالية, فانها ستنضم الى اكثر من ثلاثين مؤسسة اغلقتها سلطات الاحتلال الاسرائيلية منذ مطلع انتفاضة الاقصى التي أنهت أمس عامها الخامس.

ويرى كثير من المقدسيين ان مركز القدس الذي بدأ عمله فعليآ عام 1998 في مساعدة المتضررين من ضرائب " الأرنونا" من المواطنين والتجار, ثم وسع هذه المساعدات الى قضايا أخرى تمس حياة المواطنين اليومية, لعب دورآ هامآ ورئيسيآ في فترة ما بعد اغلاق المؤسسات المقدسية وعلى رأسها " بيت الشرق" مطلع "انتفاضة الأقصى" علمآ ان بعض دوائر "بيت الشرق" كانت تقوم بهذه المهمة.

ومع الاجراءات الاسرائيلية التي واكبت تصاعد الانتفاضة, نجح مركز القدس في استصدار قرارات من محاكم اسرائيلية اعتبرت سابقة قانونية من ابرزها الزام وزارة الداخلية معالجة الآف طلبات جمع الشمل التي كانت مقدمة اليها قبل العام 2002 , وهو العام الذي اتخذت فيه الحكومة الاسرائيلية قرارها الشهير بتجميد النظر في جميع طلبات جمع الشمل.

ومكن قرار المحكمة الاسرائيلية بهذا الشآن مئات الأسر المقدسية من الحصول على موافقة على طلبات جمع الشمل المقدمة من قبلها.

كما تمكن المركز من اسقاط مبالغ مالية طائلة كانت فرضت على مواطنين مقدسيين من خلال ضريبة " الأرنونا" وضريبة الدخل, واستعادة مئات الأسر حقوقها في التأمين الصحي والاجتماعي.