وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

قصائد جديدة لم تنشرها فدوى طوقان

نشر بتاريخ: 19/03/2017 ( آخر تحديث: 19/03/2017 الساعة: 16:53 )
قصائد جديدة لم تنشرها فدوى طوقان
الكاتب: المتوكل طه
ننشر هذه القصائد ، التي كتبتها فدوى طوقان، لمناسبة مرور مئة عام على ولادتها 17-3-1917. وهذه القصائد الجديدة لم تنشرها فدوى في أيّ مجموعة أو ديوان ، ولا توجد ضمن أعمالها الشعرية، وقد عهدت لي بهذه القصائد لأنشرها بعد رحيلها.
***

هذا الكوكب الأرضيّ

لو بِيَدي
لو أنّي أقدرُ أن أقلِبَهُ هذا الكوكب
أن أُفرغَهُ من كلّ شُرورِ الأرض
أن أقتلعَ جذورَ البُغض
لو أنّي أقدرُ، لو بِيَدي
أن أقصي قابيلَ الثّعلب
أقصيهِ إلى أبعدِ كوكب
أن أغسلَ بالماءِ الصّافي
إخوةَ يوسف
وأُطهّرَ أعماقَ الإخوة
من دَنسِ الشّر .
لو بِيَدي
أن أمسحَ عن هذا الكوكب
بَصماتِ الفَقر
لو أنّي أقدرُ لو بِيَدي
أن أجتثَّ جذورَ الظّلم
وأُجفّفه هذا الكوكب
من أنهارِ الدّم
لو أني أملكُ لو بِيَدي
أن أرفعَ للإنسانِ المُتعب
في دربِ الحيرةِ والأحزانْ
قنديلَ رخاءٍ واطمئنانْ
أن أمنحَهُ العيشَ الآمن
لو أنّي أقدرُ لو بِيَدي
لكن ما بِيَدي شيءٌ إلاّ لكن
لو أنّي أملكُ أن أملأهُ هذا الكوكب
بِبذُورِ الحُبْ
فتعرّشُ في كلّ الدّنيا
أشجارُ الحُبْ
ويصيرُ الحبُّ هو الدّنيا
ويصيرُ الحبُّ منارَ الدَّربْ.
لو بِيَدي أن أحميَهُ هذا الكوكب
من شرّ خيارٍ صَعبْ
لو بِيَدي
أن أرفعَ عن هذا الكوكبِ
كابوسَ الحَربْ !
جدليّة الحبّ والبغض
"كنتَ صديقاً راعَني سحُرهُ
وكنتَ في وهميَ زينَ الرّجال
واليومَ، ما أنتَ ؟ لقد بِنْتَ لي
حقيقةً أُفرِغَ منها الجمال !"
يومَ انفصلَ النّهرُ بعيداً عنَ مَجراه
وانداحتْ في الأرضِ الأمواه
وقفَ الزّمنُ كسيحَ القدمين
يا حبّي كيف أراكَ ؟ وأين ؟
يا أحلى حبٍّ سلّطهُ القدرُ الغيبِيُّ عليّ
لو ترُجعكَ الأيامُ إليّ
يا حبّي لو تَطْرُقُ بابي
يَرجِعُ لي فرحي المفقودُ
ويَرجِعُ لي زَهْوُ شبابي
كَمْذا أشتاقُ إليك
وأحنّ إلى لمساتِ يديك
كَمْذا أشتاقُ إلى عينيكِ الواسعتين
عيناكَ بحيرةُ إلهامي
أتفيّأُ شاطئها وأنامُ على موسيقى كونيّة
يتجلّى فيها وجهُ الله على أحلامٍ ورديّة
ليتكَ تأتي حتّى لو
طيفُ خيالٍ تحملُه أرضُ الأحلام
لو تأتي تحضنكَ جُفوني
أسدلُ فوقكَ أهدابي
وأصونكَ من شرّ الأشرار
أرقيكَ بسورةِ يوسف وبأسماءِ الله الحسنى
وأحيطكَ بالحبّ وبالإيثار.
***
ما لي تَنفضني وتمزّقُ أُذني
صرخةُ صوتْ
منكرةٌ تحملُ طعمَ الموتْ
دمّرتِ الحبَّ، أحالتْ جوهرَهُ القدسيَّ إلى بَغضاءْ
أفقدتِ الكونَ توازنَهُ أرضاً وسماءْ
بَعثرتِ الأنجمَ، عاثتْ في كلّ الأشياءْ
شحنتني بِسُمومِ البُغض
البغضُ يحاصرني من كلّ جهاتِ الأرض
يا هذا أبغضكَ كثيراً
مازالَ صُراخكَ سكّيناً
تَهوي وتقطّع في قلبي شريانَ القلبْ
تستنـزفُ منهُ دماءَ الحُبْ
أكرهكَ وأكرهُ اسمك
أمسحهُ حرفاً حرفاً عن ذاكرةِ القلبْ
مزّقتُ الرَّسمَ، خَلتْ من رسمكَ أدراجي
ورفوفُ الكتبِ، خَلتْ منهُ جُدران البيتْ
كابوسُ حياتي أصبحتْ
أكرهكَ كثيراً جداً
امضِ إلى أقصى أركانِ الأرضْ
لو ترجعُ أصفق بابي
لا رجعةَ لي أبداً أبداً عن هذا الرَّفضْ
مَن يحملُ لي البشرى بزوالكَ يا هذا
عن وجهِ الأرضْ
الحزنُ يلفُّ نسيجَ وجودي
من أيّ كهوفٍ مظلمةٍ يأتيني الحزنْ
دمعٌ وضبابٌ وسوادٌ يكتسحُ فضاءَ الكونْ
شيءٌ يتململُ مكسوراً في عتمةِ هذا الصّدرْ
أتخبّطُ بين المدِّ وبين الجزرْ
أتساءلُ في بحرِ ضياعي
هل أنا في حالةِ حبٍّ أم أنا في حالةِ حربْ ؟!
لا أدري لا أدري والله.
***
ما بين الضّوءِ وبين الظّلمةِ في الأعماقْ
ترميني الحيرةُ فوق الرّيشةِ والأوراقْ
أكتبُ، أكتبُ أشعاري
أهربُ فيها منكَ إليك
وأعوذُ بربّي منك .
***
يا نقطةَ ضَعفي أنتْ
يا أكبرَ أخطائي وذنوبي عند الله
أسألُ ربّي أن يغفرَ لي ربّي حُبَّك
أنا لستُ أصدّقُ، كيف أصدّقُ أنكَ أنتْ
صاحبُ ذاكَ الوجهِ الآخر
الباعثِ في أغوارِ كياني كلّ البُغضِ وكلّ المَقتْ
يا آخر أبياتِ قصيدي
شوّهتَ كياني يا هذا، شوّهتَ وجودي
شوّهني البُغضُ وصَيّرني نبتةَ حنظل
تتجذّرُ في روحي وتعرّش
في كل زوايا القلبْ
تخنقُ فيهِ عروقَ الحُبْ
أَرجِعْ لي نفسي الأُولى
هل أنا مَن كنتُ أنا بالأمسْ ؟
هل حقاً أحملُ ذاتَ النّفسْ ؟
انكرْ هذي النّفسَ الحنظلْ
إِرجِعْ لي نفسي الأنقى والأصفى
إِرجِعْ لي نفسي الأجملْ !.

أقنوم الشّر


كيف أحببتكَ يا أقنومَ شَرْ
غلطةٌ في عمري لا تُغتفَرْ
غلطةٌ سطّرها فوق جبيني
قدرٌ في حُجبِ الغيبِ استَترْ
هل مفرٌّ من قَدرْ ؟
لا مفرٌّ .. لا مفرٌّ .. لا مفرْ .


اعتذار الزّمان


أساءَ الزّمانُ إليّ كثيراً
إذِ اقتادهُ في مسارِ حياتي وحشاً كبيرْ
وشرّاً خَطيرْ
وجئتَ فكنتَ اعتذارَ الزّمانِ إليّ
وكنتَ الأمانَ وكنتَ السّلام
وكنتَ الصّديقَ الأميرَ الأميرْ !


ومضــة


ومضةٌ وانطفأتْ في أفقِ العمرِ ولم تَتركْ أَثَرْ
عَبرتْ لمحَ البَصرْ
وتلاشتْ في تلافيفِ الزَّمنْ.
ومضةٌ وانطفأتْ
أصبحتْ في أفقِ العُمرِ فراغاً
زمناً ميتاً ولم تتركْ أثرْ
ليتها أبقتْ على بعضِ أثرْ
زفرةً أو لوعةً أو بعضَ دمعةْ
خيطَ حزنٍ، غصّةً، ظلَّ شجنْ.
صَمَتَ الشّعرُ فلا رَجْعُ صَدى
ليتها حينَ خَبَتْ
فَتحتْ في القلبِ جُرحاً
يَرتوي من دَمهِ الشّعرُ فيهتزّ ويَربو ويُضيءْ
ويردّ الوهجَ الباهرَ للعمرِ وللمعنى النّكهة
والمعنى؛ قد يستيقظ إحساسٌ واعلمْ
أنني ما زلتُ أحيا خارجَ الموتِ البطيءْ.


تـوأم الثّـور

أتُرى تَحسِبني هِمتُ وأحببتُكَ يوماً
ألفُ هيهاتٍ وهيهاتٍ وكلاّ
لم يكن حبّاً ولكن
كان كشفاً واكتشافْ
لامرئٍ غيّر ردّي
سيّءِ الطّبعِ غويّ
هو مهزوزُ الهويةْ
وهو شرٌّ وبليّةْ
ضلّ واستفحلَ فيه الانحرافْ
أنتَ فظٌ، شرسٌ
اعترفْ يا مُنحرفْ
اعترفْ فالاعترافْ
توبةٌ مقبولةٌ وهو فَضيلةْ.
ربّما تمحُو الرّذيلةْ
أنتَ يا توأمَ ثورٍ
يابسِ الرّأسِ عنيدٍ ومُكابرْ
امضِ عنّي إِنّ مرآكَ مقيتٌ .. إنّهُ
لعنةٌ تَعمي البَصائرْ.


حصَــاد

تُرجعني أحياناً ذكراكْ
لزمانٍ فيه كنتُ أراكْ
شيئاً من صُنع الوهمِ فكانْ
جبلاً عالي الرأس أَشَمْ
يتوهّجُ في قمّتهِ نَجمْ
وعلى ضوءِ المعرفةِ الآن
الألقُ الذهبيُّ تلاشى
وانقشعَ الوهمْ
لأرى ولأسمعَ أغربَ ما
يُروى عن حُلمٍ مكسورٍ
وحصادٍ مُرّْلنهايةِ عُمرْ .

دعـيّ الشّعـر

يا دعيَّ الشّعرِ ما أنتَ بشاعرْ
سمةُ الشّاعرِ حسٌّ مرهفٌ، ذوقٌ رفيعٌ
دفقُ فيضٍ من مشاعرْ
أنتَ ما أنتَ ؟ أتدري ؟
أنتَ وحشٌ أزرقُ الأنيابِ كاسرْ
من سماءِ الشّعرِ مطرودٌ فهاجرْ
لمكان ُمقفرٍ ما طارَ يوماً فيه طائرْ
غيرُ بُومٍ ناعقٍ ينعقُ ما بين المقابرْ
أنتَ يا أثقلَ أهلِ الأرضِ ظِلاّ
أتُرى تَحسبني أصبو إلى لقياكَ ؟ كلاّ ألف كلاّ
أن مَن بانتْ له أنيابكُ الزّرقاءُ وانقشعتْ
لِعَينيهِ خباياكَ سَيَبقى
أبدَ الدّهرِ بعيداً عنكَ بُعدَ الشّمسِ رهناً
لنفورٍ ولبغضٍ ونَدمْ
ما له حدٌّ ولا لِمَداهُ آخِرْ
أيها المأفونُ هلاّ عُدتَ للعقلِ وأدركتَ بأنّي كنتُ أَملا
بكَ أوقات فراغي، كنتُ ألهُو، أتسلّى
ليسَ إِلاّ ! ...


هَــواء


وحينَ سألتُ مَن عرفوكَ قالوا
هواءٌ أنتَ يا هذا هواءُ

ولكنْ لم أُصدّقهم فلمّا

حَككتُ القشرةَ انكشفَ الغِطاءُ

سوى اللاشيءِ لم أرَ فيكَ شيئاً

وينفخكَ الغُرورُ والادّعاءُ

رويدكَ وانكمشْ بعضَ انكماشٍ

فإنّ تضخّمَ الذّاتِ ابتلاءُ

ومخزونُ البخارِ إذا تعالى

وجاوزَ حَدَّهُ انفجرَ الوِعاءُ



دهشةٌ وغبطة


إذا أنتَ حيّيتَهُ باحترامٍ

عَراهُ شعورٌ من الغبطة

وراح احترامُكَ يبعثُ فيه

معاني الغرابةِ والدّهشة



اليوم قبل غـدٍ


يا ماجداً بالرّضى والنّورِ صبّحني

أَرحتني اليومَ من ضِيقي ومن تَعبي

من حيث تَدري ولا تَدري أعنتَ على

تصحيحِ وضعٍ سخيفٍ ظلّ يَعصفُ بي

هذا الصّباحُ أتى بالخيرِ وانقشعتْ

غمامةٌ أُسدلتْ يوماً على هُدبي

سئمتُ منها سخافاتٍ مُمسرحةً

وعِفتُ تكرارَها في الجدّ واللّعبِ

يا ماجدَ الخيرِ بلّغْهُ تحيتَنا

وَقُل لمَن عقلهُ المهزوزُ عقلُ صبي

أحسنتَ لمّا رحلتَ اليومَ قبل غدٍ

وكان هذا لعمري مُنتهى طَلبي

إن كنتَ تحسبُ أنّي فيكَ باخعةٌ

نفسي، فأيّ غريرٍ أنتَ، أيّ غبي

ظللتَ عبئاً على كتفي أنوءُ به

كيف احتملتكَ هذا الدّهرَ واعجبي!


أينهــم


شمعةً كنتُ في البدايةِ لمّا

النّورُ أعطى عنوانَه للضّياءِ

صُعقوا وانثنوا يشيدونَ عاليَ

الأسوارِ حولي مُستعجلين انطفائي

ما لهم يَخنقون نبضَ طُموحي

وهو طيرٌ مرفرفٌ في الفضاءِ

إنّما الشّعرُ شمسُ عمري، هَوائي

وفضائي، والشّعرُ جذرُ بقائي

يا أمانيّ أنتِ جوهرُ ذاتي

يا أمانيّ فيكِ كلُّ رجائي

يا أمانيّ من قبل أن تفجعيني

شيّعيني إلى مقرّ فنائي

جرّعوني كأسَ الهوانِ وسدّوا

الدّربَ دوني وأمعنوا في امتهاني

كم تمنّوا سحقي ومحقي ولكن

ظلّ ربي معي يُعظّمُ شاني

قال : مُوتوا بِغَيظكمْ، ومَحَاهم

مثلَ محوِ المياهِ للأدرانِ

طفلةً كنتُ في بَراءةِ طيرٍ

مُقعدٍ عاجزٍ عن الطَّيرانِ

طفلةً كنتُ دون حولٍ ولا

طولٍ أُعاني من بطشِهم ما أُعاني

أنا كَمْذا لقيتُ من قلقٍ

مُضنٍ ورعبٍ وقلّةِ اطمئنانِ

كم تلهّفتُ كم تلفّتُ حولي

أبتغي رشفَ قطرةٍ من حنانِ

ظلّ أقصى مُناهمو هدم روحي

وتَداعي ما قامَ من بُنياني

أينهم ؟ إنهم هباءٌ تلاشى

في فراغِ اللاّشيءِ واللامكانِ

العيون الحقودة انزاح عني

ظلُّها الجَهمُ، ظلّها الثُّعباني

ها أنا حاضرٌ وجودي بشعري

وانتشاري في أربَعِ الأركانِ

فليموتوا بغيظهم، ها هو اسمي

نغمٌ عالقٌ بكلَّ لسانِ

هو ربّي سبحانه شاء ما

شاءَ وأَعلى من مَوقعي ومكاني

ها أنا منـزلي بأعلى مقام

وهمو يَنـزوون في القيعانِ

ربّ عفواً، إني تجاوزتُ حدّي

ربّ فاشمِلْ ما قلتُ بالغفرانِ

ليس ما قلتُ بالشّماتةِ لكن

هو حزني المقيمُ ممّا دهاني

من أذىً جارحٍ ومن طُغيانِ

يا لَظلم الطّغاةِ، يا جبروتاً

كم تمادى في البَغي والعُدوانِ

إنهم عصبةٌ تبرّأتُ منها

وسأبقى على مَدى الأزمانِ

لا أنا منهمو ولا همُ منّي

رغمَ كوني أُعزى إلى "فُعلانِ"

طبعهم فاسدٌ خبيثُ النّوايا

مستفادٌ من عنصرِ الشّيطانِ


أينهم ؟ أينهم إلى حيث ألقتْ ...

وليظلّوا وليمةَ الدّيدانِ

تتغذّى بهم لحوماً وشحماً

وجبةً تُستفاد بالمجّانِ



تَحيَّـة صباحيّة

يا نائيَ الدّار
تُوحِشُ قلبي ضحكةُ وجهِك
إذ تلقاني عبرَ الدّرب
وهتافكَ : أهلاً .. أهلاً
يا ألف صَباحِ الخيرْ
وهنا يتواثبُ خلفَ الصَّدرْ
ويُزقزق طيرْ
أخفِضُ رأسي
وأُخبِّئُ فرحةَ لهفةِ نفسي
وأُغمغم : يا ألف هلا وهلا
صبّحكَ الله بكلّ الخيرْ!

مِـلْءُ قلبـي


مِلْءُ قلبي هواكَ ما عادَ في

القلبِ مكانٌ لكي يُحبّكَ أكثرْ

يا حبيبي الجميل خَفّفْ عن

القلب هواهُ أخافُ أن يتفجّرْ

أو فَهبني قلباً يظلّ كحبّي

لكَ ينمُو في كلّ يومٍ ويكبرْ



مُتعجـرف


أيهذا المُتعالي المُتعجرفْ
أيها المقرفُ يا ليتكَ تَعرفْ
كيف تبدو لعيونِ النّاسِ لكن كيف تَعرفْ
وغرورُ النّفسِ يغشاكَ قوياً ومُكثّفْ
وغرورُ النّفسِ داءٌ أيّ داءْ
أعجزَ العِلمَ فما منهُ شفاءْ.



نفضتُ منكَ اليدين


كما رغبتَ إليّ
أبعدتُ تلك الصّورة
ألقيتُ بالأوراق
في موقدِ النّيرانْ
كتمتُ أنفاسَها في حفرةِ النّسيانْ
نفضتُ منكَ اليدينْ
ما أنتَ بالطَّيبْ
قد كنتَ قرّةَ عينْ
عشواءَ ضلّتْ فتاهتْ
عن الطّريقِ السويّ .
العينُ عادتْ بصيرةْ
سليمةً من عَشاها
أبعدتُ تلك الصّورةْ
كما رغبتَ إليّ
لم يبق شيءٌ لديّ
لا حبَّ لا بغضَ حتّى
لا وخزةً من ألمْ
لم يبقَ لي منكَ إلا مذاقُ طَعمِ النَّدمْ
على قصائدِ شعرٍ غنّيتها لِصَنمْ
سئمتُ هذي الحكايةْ
وطالَ طالَ كثيراً
تطلّعي للنّهايةْ
اذهبْ إلى حيثُ تبغي
حرَّاً ، فلا إكراه
نفضت منكَ يديّْ
لم يبقَ شيءٌ لديّ
اذهبْ بحفظِ الله .




آخـرُ الكلام


(1)
كان ما كان وشبّتْ بيننا حربُ الكلامْ
وتراشقنا بعشرينَ سِهامْ
قال لي في غَضبةٍ عارمة :
أنا أهوى امرأةً أخرى
إنّها حبّي الكبيرْ .

(2)
أيها الغاضبُ مهلاً ليس يعنيني هَواك
وليكنْ حباً كبيراً أو صغيرْ
كلّ ما أمّلتهُ منكَ اعتبارْ
لشُعوري وقَصيدي
غيرَ أنّي ما تلقّيتُ سوى
لذعاتٍ من عُقوقٍ وجُحودْ
وصُراخٍ وشِجارْ.

(3)
هتفَ الصَّوتُ ونادى من بَعيدْ
سامحيني .. سامحيني .. أنا مجنونٌ عنيدْ.

(4)
أيهذا المستفزُّ المستثارْ
دَعْكَ منّي وامضِ عنّي
أنا حسبي ما سَلفْ
من عُقوقٍ وجُحودٍ وصَلَفْ
أسفي للبئرِ تُعطي الحُبَّ والشّعرَ ولا
تتلقّى غير رجمٍ بالحجارةْ
وصُراخٍ وشِجارْ.