وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

محررون يروون التجربة- هل يعيد خوض الاضراب توجيه البوصلة؟

نشر بتاريخ: 19/05/2017 ( آخر تحديث: 19/05/2017 الساعة: 17:50 )
محررون يروون التجربة- هل يعيد خوض الاضراب توجيه البوصلة؟

القدس- معا - أكثر من يشعر بمعاناة الأسرى المضربين عن الطعام هذه الأيام هم الأسرى المحررون، الذين قضوا سنوات في الأسر، وخاضوا عدة إضرابات عن الطعام، من أجل تحسين ظروف الاعتقال أو كتضامن مع أسرى آخرين.

مع انتهاء الشهر الأول لإضراب الأسرى عن الطعام ، تحدث عدد من الأسرى المحررين عن تجربتهم الشخصية في الأسر وتجربة الإضراب عن الطعام، والمقارنة بين تلك الأيام والوقت الحالي.

الأسير الفلسطيني هو نخبة النخب..

ناصر أبو خضير أسير محرر أفرج عنه قبل حوالي 7 أشهر، مجموع ما قضاه في الأسر بلغ 15 عاما، عاصر معظم مراحل الحركة الاسيرة من أواسط السبيعات حتى العام الماضي. قال :"الحركة الأسيرة هي عامل متحكم في وجود ومسار حركة النضال الوطني الفلسطيني بغض النظر عن الظروف الخارجية، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن الأسير الفلسطيني هو نخبة النخب ولن يعتقل إلا المناضل وبالتالي النخبة هي مميزة وتصدرت النضال".


واشار الى "أن وجود هذه النخبة بين براثن العدو وبالتالي الاحتكاك المباشر واليومي مع عدو متغطرس جعلته في المقدمة".

وأضاف :"يهدف الاحتلال تحويل الإنسان المناضل الى كم إنساني مهمل وأن يستجيب للاملاءات اليومية التي يفرضها السجان، لكن استطاعت الحركة الأسيرة بدماء وشهداء وتضحيات وعلى رأسها معركة الأمعاء الخاوية ان تكون مدرسة نضالية تزيد الأسير إصرارا وتصلب".

وقال أن كل انتفاضات شعبنا قادها أسرى محررون، فيما مرت الحركة الاسيرة كظاهرة اجتماعية بمراحل مد وجزر ولا شك أن المرحلة الوطنية حاليا عكست نفسها على الحركة الوطنية وبالتالي تراجع فعل ونضال الحركة الأسيرة في السنوات الأخيرة ورغم ذلك أصر الأسير أن يعيد مسك المبادرة بيده.

وأضاف :"خلال الأربع سنوات الماضية ازدادت السلطات شراسة في ملاحقة الأسير الفلسطيني واقتناص ابسط تفاصيل حياته الإنسانية اليومية، وهذا الوضع أدى الى تراكم الغضب للحركة الأسيرة"، مشيرا الى ان هبة الأمعاء الخاوية تنتصر إذا توفر لها الدعم إضافة للصمود والإرادة، إضافة الى الدعم الشعبي والوطني كقوى والسلطة سياسيا ودبلوماسيا يجب ان يكون كل يوم، لأن الإضراب هو أشرس أنواع المعارك، وهو شكل نضالي يرتقي الى مستوى الشهادة، ووصول الأوضاع إلى درجة غير قابلة للتحمل من جانب الاسير يدفعه لاعلان هذه الخطوة، حيث يصارع حياته بعد يصل الى درجة من الصدام لا يمكن بعدها الا اتخاذ هذا الموقف.

وأشار أبو خضير الى أنه خاض 10 إضرابات عن الطعام..معظمها جماعية، وآخر الاضرابات التي خاضها عام 2011 لمدة 3أسابيع، وفي العام 2012 خاض إضرابا لمدة 28 يوما.. -واستطاعت الحركة الأسيرة أن تحقق انجازات أهمها اخراج المعزولين-، والاضراب مع الاسير بلال كايد العام الماضي، ، أما أشد الاضرابات تأثيرا فكان اضراب عسقلان عام 1985.

وأكد أنه خلال العامين الاخيرين زادت ادارة سجون الاحتلال من تعتنها خلال اضرابات الحركة الأسيرة، وقال:" أن الحركة الاسيرة ستحقق المزيد من الانجازات كل ما زادت فترة الاضراب، ، لأن الاضراب حرب وصراع إرادات مع سلطات الاحتلال، لكن الارداة الوطنية حتما ستنتصر."

سلاحهم الأمعاء وإرادتهم الصلبة

وقال الأسير المحرر عمر الشلبي:" أن الإضراب هو الخطوة الأخيرة والسلاح الأخير في يد الاسير الفلسطيني مقابل بطش إدارة السجون، فالراديو "الترازتور" والسرير الحديد وزيادة الفورة وتمديد مدة الزيارة جميعها مطالب انسانية عادلة للاسرى انتزعها وكان ثمنها شهداء من الحركة الأسيرة، وابسط الحقوق أتت بتضحيات الأسير الفلسطيني الذي ليس أمامه خيار أخر من خوض هذه المعركة القاسية وخاصة وأنه يتحدى بأغلى ما يملك "الجسد والروح"، مؤكدا أن سلاحهم الأمعاء وإرادتهم الصلبة وصوتهم الجماهير والالتفاف حولهم في الحراك الشعبي في تصاعد وتزايد.

وأضاف :"سنرى انتصارات لاسرانا..لأن من حقهم أن يعيشوا بكرامتهم ومعركة الامعاء الخاوية هي معركة كرامة لكل أبناء الشعب الفلسطيني".

وأوضح أنه شارك في اضرابات سابقة وقال :"قضيت بالسجون قرابة 5 سنوات منذ الانتفاضة الاولى وآخرها عام 2014..وخضت عدة أضرابات داخل السجون ، منها في "كفار يونا" 12 يوما ..كما أضربت عام 1992 -لم أكن أسيرا- لمدة 8 أيام وتعرضت لكسر في عمودي الفقري، خلال الفعاليات الاحتجاجية المساندة للأسرى، وفي 2012 خضت اضرابا عن الطعام مع مجموعة من الشبان لمدة 5 أيام كذلك لم أكن أسيرا، وقال :"تأتي هذه الاضرابات برمزيتها لنقول للأسرى أنكم لستم وحدكم وأن الجميع خلفكم".


الاضرابات الجماعية تحقق انجازات هامة

وأوضح الأسير المحرر محمد أبو الحمص أن الأسرى يضطرون لخوض هذه المعركة بعد عدة خطوات يقومون بها للمطالبة بحقوقهم، تبدأ بترجيع الوجبات ورفض الخروج الى الفورة والزيارات وصولا الى الاضراب المفتوح عن الطعام والذي يعتبر سلاحا ذو حدين للحركة الاسيرة، من جهة تحقيق جميع المطالب أو رفض ادارة السجون لذلك.

وقال :"نؤكد ان الاضرابات الجماعية تحقق انجازات هامة وتنزع حقوق إنسانية اساسية لهم، وهذا الاضراب هو نهوض بالحركة الاسيرة من خلال توحدها فيه في كافة السجون والفصائل، في ظل تفرد الاحتلال بالاسرى".

وقضى أبو الحمص في سجون الاحتلال حوالي 8 سنوات، وقال :"لقد خضت عدة اضرابات داخل سجون الاحتلال معظمها كانت إضرابات جزئية باستثناء اضراب عام 1992 الذي استمر 19 يوماً متواصلة ثم 3 أيام أخرى بعد توقفه ليوم، وفي هذا الإضراب تمكنت الحركة الأسيرة من تحقيق وانتزاع حقوقها الاساسية في سجون الاحتلال، وقد ارتقى في هذا الاضراب الاسير حسين عبيدات من مدينة القدس وهو مضرب عن الطعام، كما استشهد ابن عمه خلال مظاهرة شهدتها المدينة تضامنا مع الأسرى".

الإضراب يمنحك الصبر وقوة الإرادة

أما الأسير المحرر محمود جدة الذي قضى في سجون الاحتلال 17 عاما وتحرر في صفقة تبادل "أحمد جبريل" عام 1985، قال أن قرار الإضراب ليس بالقرار السهل فهو مرحلة "طفح الكيل"، فالأسير يضحي بنفسه لخوض ذلك.

وقال جدة :" الإضراب عن الطعام يمنح الأسير الصبر وقوة الإرادة، يشعر الاسرى بالغثيان والدوار والتعب وتزداد هذه الأعراض وغيرها كلما زادت مدة الاضراب، ولكن في كل مرة يصحو الاسير من دواره يزداد صلابة وقوة وانه لن ينهزم."


وقال :"بمقارنة ظروف الاعتقال اليوم بالسابق هناك فرق كبير جدا، فقد كانت الأمور الحياتية شبه معدومة، وأوضح أن العديد من الانجازات والحقوق التي تم انتزاعها من خلال الاضرابات خلال السنوات الماضية تم سحب السنوات الأخيرة، وقال:" بوحدة الحركة الأسيرة وبقرار موحد رغم اختلاف الفصائل تتمكن الحركة من استرجاع الحقوق.

وأضاف جدة:" السجن بداية لحبل المشنقة، والأسير يموت ثانية بثانية، لذلك فهو يضحى بكل شيء للحفاظ على كرامته".

ولفت جدة الى أن أطول الاضرابات الجماعية للحركة الاسيرة "اضراب عسقلان" عام 1976، حيث استمر لمدة 45 يوماً

وأشار جدة أن الحادي عشر من شهر ايار صادف ذكرى استشهاد الأسير عبد القادر أبو الفحم وهو أول شهداء "معارك الأمعاء الخاوية"، علما انه كان مصاب بأكثر من 30 رصاصة قبل اعتقاله في اشتباك مع قوات الاحتلال، وأصر على المشاركة في الاضراب رغم وضعه الصحي ورفض رفض الشهيد إعفاءه من المشاركة في الإضراب.

تقرير ميساء ابو غزالة