وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

قراءة في نشأة الكون

نشر بتاريخ: 23/06/2017 ( آخر تحديث: 23/06/2017 الساعة: 16:33 )
قراءة في نشأة الكون
د.احمد سلامة ابو زعيتر- فلسطين
إن الكائنات الحية بشكل عام، ونحن البشر بشكل خاص نعيش في كون واسع وكبير، نؤثر ونتأثر به بشكل مباشر وغير مباشر؛ لذلك فإنه يتوجب علينا فهم الكون والعالم الذي نعيش فيه فهماً وافياً ودقيقاً، ولذلك فإن الانسان منذ قدم الأزل سعى جاهداً لفهمه، وإن ذلك تجسد في عدة مراحل مختلفة ابتداءً من عصور الفلاسفة الفيزيوقراطيين الذين كانوا يبحثون عن أصل الطبيعة والكون، ومن جاء بعدهم من فلاسفة مثل سقراط، وصولاً لعصرنا الحالي، وما هو قادم من الاكتشافات في المستقبل، وإن الفيزياء لهو العلم الأساسي لفهم ودراسة الكون وما فيه من ظواهر وأحداث، ولقد قام الفيزيائيون بوضع المفاهيم والنظريات والقوانين التي روضت لتسهيل استيعابه، ومن أشهرهم اسحق نيوتن واضع قوانين الجاذبية، وماكس بلانك واضع نظرية ميكانيكا الكم، وألبرت اينشتاين الذي اوجد النظرية النسبية العامة والخاصة التي شكلت فارق كبير في فكر أوسع وإدراك أشمل للكون، والتي استبدلت نموذج نيوتن للجاذبية.
إن كلاً من نظرية ميكانيكا الكم، والنسبية حققت نجاحاً كبيراً ومدهشاً في تفسير الكون، حيث ان ميكانيكا الكم فسرت العديد من الظواهر الفيزيائية مثل تركيب الذرة، والنسبية فسرت حركة الكواكب والمجرات؛ ويتضح من خلال دراستهما بأن هناك تناقض ومواجهة بين هاتين النظريتين، حيث تستخدم كل واحد في تفسير ظواهر معينة تتوافق معها، وإن الفيزيائيين يسعون جاهدين لحل التناقض الموجود بينهما وتوحيدهما ودمجهما في شكل ونظرية واحدة تدعى نظرية الأوتار الفائقة لتكون المرجع الأول لتفسير الظواهر الكونية وشرح الطبيعة، حيث أنها تنص على أن الكون يتكون من أوتار لا سمك لها تهتز مكونة أجزاء الذرة البروتونات والالكترونات و النيترونات التي تكون المواد التي تعد الأساس في تكوين الكون، قد كانت عبارة عن كتلة كبيرة من المواد المختلفة وبدأت بالانضغاط بشكل لانهائي مولداً انفجاراً هائلاً وهذه هي النظرية التي و ضعها اينشتاين، وتسمى الانفجار العظيم، وقد وجد العلماء اشعاع الخلفية الكونية الميكروني، وهو عبارة عن اشعة كهرومغناطيسية له توزيع متساوٍ في الكون بأكمله و لقد سمي بالميكروني لأنه يتواجد في تردد أشعة المايكرويف، و يعد الدليل على أن الكون نشأ وفق نظرية الانفجار الكبير.
(يفسر نموذج الانفجار العظيم تلك الأشعة، فعندما كان الكون صغيراً جداً، وقبل تكون النجوم والمجرات كان شديد الحرارة جدا، وكان يملأه دخان ساخن جدا، موزعا توزيعا متساويا في جميع أنحائه، وكانت مكونات هذا الدخان من بلازما الهيدروجين، أي بروتونات وإلكترونات حرة من شدة الحرارة وعظم الطاقة التي تحملها، وبدأ الكون يتمدد ويتسع فبدأت بالتالي درجة حرارة البلازما في الانخفاض، إلى الحد الذي تستطيع فيه البروتونات الاتحاد مع الإلكترونات مكونين ذرات الهيدروجين، وخلال الفترة الزمنية بعد الانفجار العظيم من 100 إلى 300 ثانية كونت بنسب قليلة عن الهيدروجين أنوية عناصر تتلوه في الثقل، مثل الديوتيريوم والهيليوم)، من ثم تكون الكون وإن نظرية الانفجار العظيم تتوقع توزيعاً متساوٍ للحرارة في الكون، وقد قام بعض علماء الفيزياء باستخدام أحدث خريطة للإشعاع الكوني، وقام بتحويل الفروقات الحرارية في الخريطة إلى موجات صوتية تمثل صوت الانفجار الكبير.
وبدأت الاجرام السماوية بالابتعاد عنا مسبباً ظاهرة الانزياح نحو الأحمر حيث ان الضوء الصادر عن هذه الاجرام يبدأ بالابتعاد ويزداد طوله الموجي الى ان يصل الينا فينزاح لاتجاه اللون الأحمر لطيف الضوء المرئي، وأسباب الانزياح نحو الأحمر هي:
1. ظاهرة دوبلر.
2. اختلاف الجاذبية على الأرض عن الجاذبية في النجم وهذا يتبع النظرية النسبية لأينشتاين.
3. تمدد الكون المستمر مؤدياً لابتعاد الاجرام السماوية عنا.
استنادًا إلى نظرية الأوتار الفائقة، فإن كوننا ليس وحيدًا، وإنما هنالك أكوان عديدة متصلة ببعضها البعض، ويرى العلماء أن هذه الأكوان متداخلة ولكل كون قوانينه الخاصة به، بمعنى أن الحيز الواحد في العالم قد يكون مشغولاً بأكثر من جسم ولكن من عوالم مختلفة، وبحسب هذه النظرية فإن الكون ما هو إلا سيمفونية أوتار فائقة متذبذبة، فالكون عزف موسيقي ليس إلا، ومن الممكن معرفة الكون ومما يتكوّن من خلال معرفة الأوتار ونغماتها، فالكون يتصرف على نمط العزف على الأوتار، وهذا الكون الذي نعيش فيه ما هو إلا جسم واحد من عدة أجسام أخرى، وهناك نظرية تنص على وجود أكوان أخرى وهي نظرية الأكوان المتعددة حيث أنه هناك انفجارات سبقت وتلي انفجارنا مكونة أكوان أخرى .