وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"متلازمة اوسلو"

نشر بتاريخ: 29/06/2017 ( آخر تحديث: 29/06/2017 الساعة: 16:06 )
"متلازمة اوسلو"
معاريف – اوري سفير
(المضمون: حكومة نتنياهو هي بالاساس نقيض الشيء؛ تبحث عن الخصام والنزاع، مفعمة بالكراهية والعنصرية. هذه حكومة استيطان وضم. وهي تعرض للخطر هوية اسرائيل اليهودية والديمقراطية وتعزلها في العالم. واستمرار هذه السياسة سيؤدي بنا الى تراجيديا يونانية).
داني دايان، رئيس مجلس "يشع" سابقا والذي يتولى اليوم منصب القنصل الاسرائيلي العام في نيويورك، بشرني مؤخرا ان ممثل مسرح برودوي شهير يدعى ميخائيل ارونوف، الذي يؤدي دور شخصيتي في مسرحية عن محادثات اوسلو والتي تعرض منذ بضعة اشهر في لينكولين سنتر في نيويورك، فاز هذا الشهر بجائزة طوني الاعتبارية. المسرحية نفسها "اوسلو" التي قام بانتاجها واخراجها جي تي روجرز، فازت بجائزة طوني للعرض المسرحي الافضل في العام 2017. وكان الالهام للعرض هما الزوجان النرويجيان تريه لارسون ومونا يول، اللذين بادرا الى مسار المحادثات السرية في اوسلو في العام 1993. ويتبين ان للنرويجيين، وهم اهل السلام، ليس فقط كفاءة دبلوماسية ابداعية، بل وايضا احساس فني ابداعي. فالمسرحية هي صيغة قصة توتر للمحادثات مع الكثير من الملودراما الامريكية في شبه لما حصل حقا. المهم في هذا الحدث هو ليس طبيعة المسرحية ولا جائزة طوني، بل نجاحها العظيم امام جماهير عديدة في نيويورك، قريبا في لندن، وهناك من يعملون منذ الان على صيغة سينمائية لاوسلو؛ منتجو افلام حاصلون على اوسكار يبدون اهتماما لانتاج الفيلم.
سبب ذلك واضح في العالم، ولكن ليس بالضرورة في مطارحنا. فاتفاقات اوسلو تشكل أملا بحل لاحد النزاعات الاشد التي تهم العالم كله. وخرج النقد الادبي في الولايات المتحدة عن طوره في تحديد أهمية المسرحية بالذات في الوقت الحالي. ففي عالم من العنف، النزاعات والقيادات المناهضة للديمقراطية بقيادة ترامب وبوتين، هناك اهتمام بحلول دبلوماسية بطرق سلمية. وبالفعل كانت هذه هي اوسلو.
على خلفية اليأس في العالم، في اعقاب النزاعات في الشرق الاوسط، صعود ترامب الى الحكم ومحاولاته هدم الديمقراطية الامريكية، تعد سياسة ترامب الخارجية عدوانية وخطيرة. وعليه فان العالم الغربي الليبرالي يبحث عن سبيل للتعلق بحلول دبلوماسية، مثلما عمل اوباما مع ايران وكوبا. اوسلو تعد نجاحا للجرأة الدبلوماسية، ولا سيما من جانب رابين، بيرس وعرفات. وهي تعتبر في العالم نموذجا لمزايا يبحث عنها في الزعماء ولطبيعة الحلول الدبلوماسية المرغوب فيها. من اوسلو يمكن ان نتبنى الشجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة والقيام بمساومات تاريخية؛ محاولة صنع السلام بين الكارهين؛ القدرة على الوصول الى حل عن طريق المساواة بين الطرفين، في ظل تقديس قيم حقوق الانسان وقبول الاخر، والرغبة في رؤية وقف العنف، الاحتلال والارهاب.
وعليه، تأتي الحماسة الكبرى من اوسلو في برودوي. واذا كان فريق المسرحية الذي حظى على جائزة طوني يرغب في العرض في البلاد، فان الوزيرة ميري ريغف على ما يبدو ستستخدم الفيتو على ذلك. سلام وفلسطينيين في نفس الوقت – هذا لن يكون وطنيا في نظرها. حكومة نتنياهو هي بالاساس نقيض الشيء؛ تبحث عن الخصام والنزاع، مفعمة بالكراهية والعنصرية. هذه حكومة استيطان وضم. وهي تعرض للخطر هوية اسرائيل اليهودية والديمقراطية وتعزلها في العالم. واستمرار هذه السياسة سيؤدي بنا الى تراجيديا يونانية.