وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رئيس الوزراء د. سلام فياض أمام المجلس المركزي الفلسطيني : حكومتي تعمل في اطار من العدالة والحكم الصالح

نشر بتاريخ: 15/01/2008 ( آخر تحديث: 15/01/2008 الساعة: 10:26 )
رام الله- معا- تنشر وكالة "معا" النص الكامل لكلمة د. سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني التي القاها أمام المجلس المركزي في دورته التي انعقدت تحت عنوان ( دورة الثوابت الوطنية) واختتمت مساء أمس.

الأخ الرئيس أبو مازن
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
رئيس السلطة الوطنية

الأخ أبو الأديب
رئيس المجلس الوطني الفلسطيني

الأخوات والإخوة رئاسة وأعضاء المجلس المركزي

الأخوات والإخوة الحضور جميعاً............
منذ أن تسلمت الحكومة لمسؤولياتها في حزيران من العام الماضي بتكليف من سيادة الأخ الرئيس أبو مازن، وفي إطار توجهات المجلس المركزي في دورتي حزيران وتموز تحددت أمامنا مسؤوليات أساسية تمثلت في حماية المشروع الوطني والشرعية الوطنية بقيادة م.ت.ف، وارتباط هذه الشرعية بالحقوق الوطنية، والتي كانت مهددة بالخطر الحقيقي بفعل الانقلاب ومحاولات تكريس الانفصال بين شطري الوطن، وأثر ذلك على مكانة القضية الوطنية دوليا وإقليميا من ناحية ، وثقة الشعب الفلسطيني بقدرته ومستقبله، وبالتالي صموده على أرضه، من ناحية ثانية.

وعلى ضوء ذلك وانطلاقاً من قرارات المجلس المركزي وتوجهات السيد الرئيس. عملت الحكومة ومنذ تسلمها لمهامها، وفق خطة عمل أساسها منع تكريس الانفصال، بل واستعادة وحدة الوطن من ناحية، ورعاية مصالح المواطنين في كافة أراضي السلطة الوطنية والعمل على توفير الخدمات الأساسية وتعزيز مقومات الصمود لهم، من ناحية أخرى.

إن الحشد الدولي الذي شهده مؤتمر انابوليس، لم يكن مجرد تظاهرة دولية لاحياء عملية السلام، بل شكل كذلك دعماً لحق شعبنا في الحرية والاستقلال. كما أكد على ضرورة المعالجة العاجلة لجوهر الصراع، بإنهاء الاحتلال الجاثم على شعبنا وأرضنا منذ عام 67، وضرورة أن تتوقف إسرائيل عن سياستها الاستيطانية، وعن كل ما من شانه أن يعرض المفاوضات والعملية السياسية للحظر، وضرورة ان تنفذ اسرائيل كافة الاستحقاقات الواجبة عليها وفقاً لخارطة الطريق في مرحلتها الأولى، وخاصة قضايا الاستيطان، وإعادة فتح مؤسسات القدس، ورفع الحواجز، وإزالة كافة العراقيل أمام قدرة الحكومة ومجمل مؤسسات السلطة من القيام بواجباتها والتأكيد كذلك على محورية قضية الأسرى وضرورية إطلاق سراحهم والتوقف عن التعامل معهم كرهائن.

إن استعادة وحشد الدعم الدولي لقضيتنا، ووضع المجتمع الدولي مجدداً أمام مسؤولياته من اجل توفير الإمكانيات المالية والاقتصادية لوقف تدهور الاقتصاد الفلسطيني. وتعزيز مقومات صمود شعبنا كشرط أساسي لتعزيز ثقته وقدرته على انجاز مشروعه الوطني إنما يظهر زيف كافة الادعاءات حول أثمان وهمية قدمتها القيادة السياسية لشعبنا. حيث ان ركائز إمكانية انجاز المشروع الوطني وتحقيق الأهداف الوطنية في الحرية والاستقلال، تتمثل أساسا وقبل كل شيء في توفير مقومات صمود شعبنا، وتعزيز قدرته على الثبات على أرضه والتي تشكل جوهر الصراع. كما وتتمثل أيضا في إعادة بناء مؤسسات السلطة القادرة على حماية حقوقه ورعاية مصالحه وتوفير الخدمات الأساسية والضرورية له. وبالفعل، وبما ينسجم مع هذه الأهداف، فقد تمكنت الحكومة من المساهمة في النجاح في كسر وإنهاء العزلة السياسية، كما نجحت في إبراز احتياجات السلطة الوطنية وشعبنا الفلسطيني في المحافل الدولية، والتي توجها مؤتمر باريس الاقتصادي، الذي مثل تجديدا لثقة المجتمع الدولي بالسلطة الوطنية وقدرتها على رعاية مصالح شعبنا، كما مثل إقرارا بمكانة القضية الفلسطينية، وضرورة توفير مقومات حلها، حلا عادلا يستند إلى حق شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة. وقد اعتمد المؤتمر باجماع غير مسبوق رؤيتنا لخطة الإصلاح والتنمية، وأهمية توفير الموارد اللازمة لها كي نتمكن من تنفيذها وبناءِ مؤسسات عصرية، وفاعلة وقوية، وقادرة لهذه الدولة العتيدة.

إن هذا الانجاز لم يكن ليتحقق لولا التوجهات الحكيمة التي إعتمدها مجلسكم، والجهود الكبيرة التي بذلها الأخ الرئيس في هذا الإطار، وجنبا إلى جنب مع الجهود الفعالة التي قامت بها الحكومة ومختلف مؤسسات السلطةِ الوطنية.


الأخوات والإخوة
إن التحدي الأكبر الذي واجهنا جميعاً، ومنذ تسلمنا لمهام الحكومة، تمثل في إعادة بناء السلطة القادرة على استعادة الأمن والنظام وتوفير الاستقرار، واسترجاع هيبة السلطة ومكانتها، بعد ما تعرضت له من هزة كبيرة إثر انقلاب حزيران في قطاع غزة، وما سبقه من تدمير وتخريب من قبل إسرائيل للعديد من مؤسسات السلطة الوطنية، والبنية التحتية الفلسطينية، وما نجم عن ذلك كله من تدهور اقتصادي وهشاشة في الوضع الأمني والداخلي في كافة محافظات الضفة.

لقد تمكنت حكومتكم أيها الإخوة من تحقيق نجاح على هذا الصعيد، وحققت انجازاً ملموساً لا يمكن السماح بأن يعود للوراء. إن ما تم تحقيقه في العديدمن المناطق ابتداءً من محافظة نابلس شكل نموذجاً بارزاً يجري تعميمه والاستفادة من دروسه.
و يعود الفضل في تحقيق هذا الإنجاز لكافة عناصر وضباط الأجهزة الأمنية، وقبل ذلك تعطش وحاجة المواطنين للأمن، والتفافهم حول خطة الحكومة لاستعادة الأمن والاستقرار، ومساندتهم لها وتوفير عناصر النجاح الضرورية لذلك ..........

لقد ثبت وبصورة ملموسة، أن توفر الإرادةِ السياسية والتصميم على متابعة تنفيذ القرار، شكل ولا يزال يشكل القاعدة الأساسية لمواصلة النجاح وتكريس هذا الانجاز.
واسمحوا لي في هذه المناسبة أن أوجه التحية إلى منتسبي الأجهزة الأمنية كافة والمواطنين والقوى السياسية التي وفرت كل أشكال التعاون، لتحقيق هذا النجاح وخلق النموذج، رغم العراقيل والمعيقات المستمرة من قبل إسرائيل والتي من شانها افشال جهود الحكومة. ولعل ابرز مثال على ذلك في الآونة الأخيرة الاجتياح غير المبرر والمدان على نابلس، في محاولة لخلط الأوراق واستدعاء الفوضى. إلا أن يقظة المواطنين وعناصر الأجهزة الأمنية، ومبادرة الحكومة في فضح هذه السياسة، وإعتمادها سلسلةً من الإجراءات لحماية هذه الانجازات وتكريسِها، ولتوفير الدعم ومقومات الصمود لأبناء المحافظة يجعلنا نقول وبكل ثقة، بأنه لا يمكن الانقلاب على ما تحقق من انجاز يتمسك به الشعب، وتصر السلطة الوطنية على مواصلته وتكريسه وتعميمه.

الأخوات والإخوة........
إن ما تحقق من انجاز على هذا الصعيد، لا يعني أننا وصلنا إلى نهاية الطريق، بل ما زلنا في بدايته من حيث ترسيخه وتوفير مقومات استمراره، وإعادة بناء قدرات وفعالية وجاهزية قوى الأمن وترسيخ عقيدتها باعتبارها الحاميةَ لأمن المواطن وللمشروع الوطني على حد سواء، وما يتطلبه ذلك من تطوير هياكلها وتحديد وظائفها، وتفعيل وسائل المراقبة والمحاسبة على أدائها، إضافة لتعزيز هيبتها كجزء أساسي من هيبة السلطة، وفي إطار أداء يعزز ثقة المواطنين بها وهذا هو الأساس، وهذا ما تعمل الحكومة على المثابرة في تحقيقه بثبات ووضوح رؤية ومتابعة حثيثة، وما زال أمامنا الكثير لانجازه على هذا الصعيد. ودائما باعتبار أن ذلك يمثل مصلحة وطنية عليا لشعبنا وسلطته الوطنية وللمشروع الوطني ومتطلبات انتصاره وتحقيقه، وبالتوازي مع هذا الأمر تسهر الحكومة على ترسيخ هيبة واستقلالية القضاء وتوفير كافة الإمكانيات المادية لتحقيق ذلك على صعيد التشريعات والموارد البشرية والبنية اللازمة باعتبار أن الأمن دون توفير وتطوير أسس العدالة يبقي توجهاتنا وانجازاتنا منقوصة.

الأخوات والإخوة
رغم الصعوبات الجمة وشح الموارد فقد تمكنت الحكومة من الإنتظام في الوفاء بالتزاماتها المالية ومن تسديد جزء أساسي من استحقاقات القطاعين العام والخاص، إضافة إلى تنفيذ بعض المشاريع الحيوية والهامة لخدمة المواطنين.وهذا ينطبق على شطري الوطن في قطاع غزة والضفة الغربية. ولعل حصيلة النفقات العامة للفترة من تموز 2007 وحتى 31/12/2007م تبرز هذه الحقيقة حيث: بلغت نسبة النفقات في قطاع غزة حوالي 58% من مجموع النفقات العامة. وجنبا إلى جنب مع الالتزام بالاستمرار في هذا الأمر، واصلت الحكومة إحداث إصلاحات جدية في مختلف مرافق عملها، وبما يضمن توفير أفضل الخدمات الممكنة للمواطنين وتعزيز صمودهم وفي هذا السياق مولت الحكومة العديد من مشاريع كهربة الريف، وضمان وصول الكهرباء والوقود لقطاع غزة. وذلك، إضافة لجدوله تحصيل ديون فواتير الخدمات وبما يساهم في تحسين وضع الخزينة العامة من ناحية ويطور القدرة على دعم مؤسسات الحكم المحلي، وتمويل مشاريعها من ناحية ثانية. ومع ذلك، تظل المعضلةُ الأساسية أمامنا متمثلة بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة والحواجزِ والعراقيل الإسرائيلية في الضفة.

وعلى هذا الصعيد فقد تمكنت السلطة الوطنية وبعد جهد كبير من الحصول على دعم معلن من قبل اللجنة الرباعية لمبادرة السلطة وخطتها لرفع الحصار، والتخفيف من آثاره عن أهلنا في قطاع غزة، حيث بلورت الحكومة خطة أعلنت بموجبها عن استعدادها الكامل لإدارة والمعابر، كوسيلة لضمان رفع الحصار، او التخفيف من وطأته وتداعيات الانهيار الاقتصادي الناجم عنه لمعظم مؤسساتنا الاقتصادية والمرافق العامة والبنية التحتية في قطاع غزة.

ورغم ردود الفعل المتسرعة والسلبية من قبل المسيطرين بقوة السلاح في قطاع غزة، إلا أن الحكومة ستواصل سعيها مع كافة الأطراف لضمان الحصول على موافقة إسرائيل على هذه المبادرة، إضافة لبدء العمل في توفير الأطر القانونية والأدوات التنفيذية القادرة على ذلك. حيث انه وبدون فتح معابر القطاع سيكون من المستحيل وقف ومعالجة التدهور الاقتصادي بصورة صحيحة، أو التنفيذُ الملموس لمشاريع البنية التحتية والاستثمارية التي تم إقرارها في إطار خطة الإصلاح والتنمية والتي تحتاج أولا وأخيرا إلى ضمان حرية الحركة للبضائع والأفراد.

الأخوات والإخوة
إن خطة الإصلاح والتنمية، وفي كافة محاورها الإدارية والمالية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقضائية وغيرها، نبعت من إدراكنا لواقع المصلحة الوطنية، وتم استنباطها من تلمس الحاجات الملحة لمعالجة هذا الواقع، وفتح إمكانيات الإصلاح الجدية في القدرة على توفير الخدمات الضرورية للمواطنين. والاهم أن هذه الخطة لم تحظ بثقة المجتمع الدولي فقط بل هي قرار وطني فلسطيني، خططت له وصاغته عقول فلسطينية مخلصة، ويعكس هذا القرار الوطني نفسه في الموازنة تعبيرا عن الالتزام الدقيق في تنفيذها، وفي هذا السياق فان الحكومة بحاجة إلى مساندتكم، لضمان ذلك، وبما يساعد أيضا في تحويل الالتزامات الدولية والعربية إلى واقع ملموس بما يمكننا من الإستمرار في الوفاء بالتزاماتنا، وتوفير مقومات صمود شعبنا سيما المواطنين الأكثر تضررا من أهالي الشهداء والأسرى، والمتضررين من سياسة الاستيطان والجدار وأبناء مدينة القدس ومؤسساتها، وأبناء قطاع غزة الصامد، ودعم كافة المبادرات والتحركات الشعبية للدفاع عن الأرض وحمايتها ومواجهة الاستيطان والجدار وآثاره المدمرة على واقعنا ومستقبل مشروعنا الوطني.

الأخوات والإخوة
نحن ندرك حجم المعاناة التي يواجهها شعبنا وخاصة في قطاع غزة، وآمل أن تدركوا معي حجم الصعوبات التي واجهتها وتواجهها المؤسسات الحكومية في سعيها لتقديم الخدمة وتوفير احتياجات المواطنين، سواء بسبب الحصار والعدوان الإسرائيلي من ناحية أو الاعتداءات التي تمارسها قوة الانقلاب على هذه المؤسسات من ناحية أخرى.

إلا أن واجبنا سيظل دائما الإصرارَ، على معالجة هذه العراقيل والعملَ بكل ما نملك من قوة من اجل استمرار الوفاء بالتزاماتنا تجاه شعبنا وأهلنا ومؤسساتنا في القطاع. ونحن على ثقة بان إرادة الحياة ستظل دائما أقوى من كل محاولات زرع الخوف والموت والظلام مهما تعددت أشكالها.

الأخوات والإخوة
إن طبيعة الصراع المعقد الذي يخوضه شعبنا في معركته لاستعادة حقوقه الوطنية، وضمان الانتصار في هذه المعركة، يقتضيان كأولوية عليا العمل على حماية قدرة شعبنا على التحمل والمثابرة وهذا يتمثل في توفير مقومات الصمود الفعلية للثبات على الأرض، ورعاية مصالحه بأمانة وإخلاص، وفي إطار من العدالة والحكم الصالح وما يتطلبه ذلك كله من بناء مؤسسات قادرة على متابعة وانجاز هذه المهمات الأساسية.

وهذا ما نعمل عليه. وان تضحيات شعبنا الكبيرة تستحق منا كل الإخلاص والوفاء لاحتياجاته، وهذا ما نحن مصممون على توفيره وثقتنا بشعبنا كبيرة تماما مثلما أن ثقتنا بالنجاح وانجاز حقوق شعبنا أكيدة بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله