وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بيت لحم تحتضن مهرجان الزيتون السابع عشر

نشر بتاريخ: 28/10/2017 ( آخر تحديث: 28/10/2017 الساعة: 22:21 )
بيت لحم تحتضن مهرجان الزيتون السابع عشر
بيت لحم- معا- نظم مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة ومركز السلام ببيت لحم، فعاليات مهرجان قطف الزيتون السابع عشر.
واحتضنت ساحة المهد فعاليات المهرجان، الذي انطلق تحت رعاية رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله وبمشاركة رسمية وشعبية وأهلية واسعة، بالشراكة مع معهد الأبحاث التطبيقية (أريج)، وغرفة تجارة وصناعة بيت لحم، وجامعة بيت لحم، وبالتعاون مع مديرية الزارعة.

ورحب نائب رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا بجميع الحاضرين والمشاركين في فعاليات مهرجان الزيتون السنوي التقليدي في بيت لحم، وأكد على أهمية هذه الشجرة ورمزيتها بالنسبة للفلسطينيين جميعاً، باعتبارها رمزُ صمودنا على هذه الأرض، ورمزٌ متجذّر في هويتنا الفلسطينية التي نفخَرُ بها أينما حللنا.

وقال: اهتمّ أجدادنا منذ آلاف السنين بشجرة الزيتون، وأضحَت مع مرور الوقت رمزاً للوجود الفلسطيني على أرضنا الفلسطينية، فكما هي جذور هذه الشجرة ثابتة في الأرض فنحن كفلسطينيين أيضاً نعلنها على الدوام أننا ثابتون في أرضنا، وجذورنا فيها ترجع إلى آلاف السنين، إلى ماضي أجدادنا وآبائنا، وسنورثها أيضاً لأبنائنا من بعدنا.

وأضاف: تعتبر الشجرة رمزاً للسلام على أرض السلام، حَمَلَ أغصانَها القائد الراحل ياسر عرفات أمام الأمم جميعها داعياً إلى السلام؛ وذات الغصن حمله فخامة الرئيس محمود عباس معه أيضاً وكررها مرةً أخرى أمام العالم أجمع داعياً إلى السلام على هذه الأرض المقدسة، السلام الحقيقي القائم على العدل والمساواة، لذلك في رحلة عبورنا نحو تجسيد دولتنا الفلسطينية ترافقنا دوماً هذه الشجرة بخضارها وجذورها القوية، منها نستمد قوتنا وصمودنا أيضاً؛ وندعو جميع الشعوب الحرة في العالم، أن تكون إلى جانب غصن الزيتون رمز السلام، أن تَقِف إلى جانب فلسطين وشعبها، ليتحقق ما نصبو إليه ونعيش بحرية وسلامٍ وأمن في ظلّ دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكد حنانيا أن شجرة الزيتون تعتبر أحد أهم أعمدة الاقتصاد الفلسطيني، فثمار الزيتون والزيت الناتج عنها تعتبر من أجود أنواع الزيوت في العالم من حيث الرائحة والنكهة الخاصة بها، كما أنّ خشبها يُستخدَم في واحدة من أهم الصناعات في المحافظة، ولكن لَم تَسلَم هذه الشجرة من ممارسات الاحتلال البشعة، إذ نشاهد يومياً قطعان المستوطنين وهم يقتلعون ويحرقون آلافاً من هذه الأشجار؛ وقد قام الاحتلال الإسرائيلي عند بناء الجدار الفاصل شمال مدينة بيت لحم بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي المواطنين والكنائس والمؤسسات في المدينة، مانعاً أصحاب الأراضي من الوصول إليها؛ إلا أنه بإصرار المواطنين على الوصول لأراضيهم وبجهود بلدية بيت لحم والارتباط المدني الفلسطيني والصليب الأحمر الدولي استطاع المواطنون قبل يومين من الوصول لأراضيهم، فوجدوها بعد أكثر من ستة عشر عاماً من غيابهم عنها قصراً بحاجة لعناية فائقة، وأشجار الزيتون لا تُعطي الثمار، ولكن ما يُهمنا من هذه الزيارة أنها تُثبت أننا موجودون، فإذا اعتبرنا الاحتلال بقوانينه غائبين، نؤكد للعالم أجمع أننا هنا، موجودون على أرضنا الفلسطينية، ولن نتوقف عن المطالبةِ بحقوقنا.

بدوره، أشار طارق أبو لبن مدير التسويق الزراعي في وزارة الزراعة في كلمته بالنيابة عن وزير الزراعة د.سفيان سلطان إلى أن للزيتون أهمية خاصة في حياتنا منذ القدم، وما زال يشكل احد أهم ركائز الاقتصاد الزراعي، فالسنة وفيرة الزيت ترتفع فيها مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي، وكلما زادت صادراتنا من زيت الزيتون ظهر ذلك جليا في المؤشرات الاقتصادية الكلية في فلسطين، وقد أظهرت الحكومة اهتماما خاصا لهذا القطاع وعملت بمفردها أحيانا ومع شركائها في أحيان أخرى للارتقاء بمستويات جودة زيت الزيتون وزيادة ربحية العاملين فيه، والتوسع العمودي والأفقي في إنتاجه، واختراق الأسواق العالمية كونه السفير الدائم للزراعة والثقافة الفلسطينية في العالم، فقادت الجهود لإنتاج أول إستراتيجية فرعية منبثقة عن إستراتيجية القطاع الزراعي والتي كانت الإستراتيجية الوطنية لقطاع الزيتون.

وبيّن أن هذه الجهود تأتي، في ظل الهجمة البشعة التي يتعرض لها القطاع الزراعي عامة، وأشجار الزيتون بشكل خاص، لإجراءات احتلالية من مصادرة أراض، وتوسع وتجريف أراض، وإحراق لحقول الزيتون ومنع أصحابها من الوصول إليها، إضافة إلى ما يقوم به قطعان المستوطنين من اعتداءات على مزارعي الزيتون وسرقة محصولهم، كل ذلك يهدف الى تدمير الزراعة الفلسطينية واقتصادنا الوطني ورمزية شجرة الزيتون في تراثنا الثقافي.

واضح أبو لبن أهمية المحافظة على إقامة مهرجان الزيتون في بيت لحم كتقليد سنوي في إطار تعزيز علاقة الأجيال الجديدة بزيت الزيتون ومنجاته، ما يتطلب الحفاظ على هذا التقليد الهام وتوسيع قاعدة الشراكة بين جميع المؤسسات وصولا إلى الشكل الذي يليق بعراقة هذه المدينة وزيتونها. وأكد دعم وزارة الزراعة لمثل هذه الأنشطة التي تروج لمنتجاتنا الزراعية وتعزز من قدراتها التنافسية.

واعتبرت رانيا ملكي البندك مديرة مركز السلام احد المشاركين الرئيسين في فعاليات المهرجان، أن المركز يحرص في كل عام على تنظيم هذا المهرجان لأهميته في توفير الدعم لمزارعي الزيتون وتعزيز صمودهم في مواجهة الإجراءات الاحتلالية ،كما أن مهرجان قطف الزيتون السنوي يشكل فرصة هامة لخلق سوق مركزي، وهام لتسويق المحاصيل الزراعية المتعلقة بالزيتون ودعم المزارعين والصناعات والحرف المختلفة.

فيما قالت جوان عيّاد في كلمة ألقتها نيابة عن المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض: نلتقي في بيت لحم، مهد السيد المسيح، والشاهدة والشهيدة على الصمود والإرادة رغم جدار الفصل العنصري، وأنياب الجرافات التي تقتلع زيتوننا. ونقص شريط مهرجان الزيتون السابع عشر، وننحني لشجرة الآباء والأجداد، وعلامة وجودنا الفارقة.

وتابعت: عملنا هذا العام كفرقة عزف لإخراج مهرجان قطف الزيتون السابع عشر بأبهى حلة، ولنفخر بهذا الحدث، الذي صار واحدًا من عناوين الأرض والبقاء ومنح سيدة الأشجار ما يليق بها.

وأضافت عياد: انطلق مهرجاننا زيتوننا في ظروف صعبة، تزامنت مع عدوان احتلال غاشم، وتصاعد مجنون لوتيرة الاستيطان، وتبعه تمدد جدار الفصل العنصري كسرطان في جسم غض، لكنه أصر على مقاومة عدوه الغازي وتسلح بالأمل، فكان فرصة لتكريم حراس الأرض وسواعدها، والوقف بجوارهم في حصاد أرادوا له أن يكون مراً.

وأوضحت أن باكورة فعاليات مهرجان هذا العام استهلت باليوم الوطني لقطف الزيتون لمساعدة المزارعين في قطف ثمار الزيتون في حقول تعاني الاستيطان والتهويد. وانتشرت في مناطق تحاول سلطات الاحتلال السيطرة عليها، تخللتها أنشطة عديدة للطلبة.

وشكرت عياد رئيس الوزراء د.رامي الحمد الله، والسواعد التي وقفت بجوار الفلاحين، وتطوعت في حصاد موسم الخير والعطاء، والمؤسسات الداعمة والرعاة.

وقالت: إن شجرة باسقة في التاريخ لم تواجه حربًا شرسًة وعداءً مستحكماً كما تواجهه شجرة الزيتون على أرض فلسطين بفعل الاحتلال، فهي منذ القدم من ركائز الاقتصاد الوطني، ودخلت في جوهر الصراع مع الاحتلال الذي عمد إلى محاربتها واقتلاعها، ورغم ذلك هي الاحتياط الأغلى لكل بيت وأسرة، وهي العماد في الاقتصاد الزراعي، وهي النفط بالنسبة لفلسطين، و"الذهب الأخضر" ورمز صمود ومقاومة، ومناسبة اجتماعية واقتصادية في موسمها.

وأوضحت عياد: تغطي أشجار الزيتون ما يقارب 45% من مساحة الأراضي الزراعية، وتعتبر الأكثر انتشاراً بنحو80% من مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار المُثمرة. وتمتد أشجارها على 938 ألف دونم، فيما تحتضن حقول فلسطين وجبالها ومساحاتها نحو 11 مليون شجرة منها، ويصل معدل إنتاج الواحدة بين 1,8 كغم- 2,5 كغم. أما الدونم في الحقول القديمة فينتج 20 كغم بالمعدل، وفي الجديدة 28,5 كغم. ويصل عدد المعاصر إلى 294، ويبلغ عدد العاملين في معاصر الزيتون عام 2010 نحو 1522. ومتوسط إنتاج السنة الماسية من زيت الزيتون إلى 33 ألف طن، تتراجع في السنة الشلتونية ( الرديئة الإنتاج) لتتراوح 4-7 آلاف طن. وتصل مساهمة الزيتون في السنوات الجيدة إلى حوالي 13%من قيمة الإنتاج الزراعي السنوي.

وزادت: بالرغم من كل هذه الأرقام ودلالاتها الهامة ورمزية الزيتون، إلا أن سيدة الأشجار على الأرض تتعرض لهجرة وإهمال وسوء إدارة، كعدم العناية بالشجرة والحقول المزروعة إلا وقت القطاف، والاستخدام الُمفرط للكيماويات في التخلص من الأعشاب، والكف عن التقليم، وإشعال النيران في الأشواك الجافة داخل الحقول، واستعمال العصي في جني المحصول على نطاق واسع، والتبكير في القطاف، وسوء تخزين الثمار قبل استخراج الزيت، والتعامل غير السليم مع مخلفات المعاصر، وسوء إدارة المعاصر، واستخدام العبوات البلاستيكية في تخزين المحصول، وبعضها يعود لعبوات مواد كيماوية وأسمده، والجهل بتشبيب الأشجار القديمة، والرعي الجائر، والقطع لأغراض التدفئة، واستهداف الأشجار المعمرة لتنفيذ مشاريع تمدد عمراني، والتخلص من النفايات الصلبة والجيف ومخلفات المصانع والكسارات في الحقول.

وأنهت عياد بالدعوة لإحياء مبادرة سيمون عوض المدير التنفيذي لـ"التعليم البيئي" (شجرة لكل طالب)، كما حثت على تنفيذ حملات لغرس الزيتون في حدائق المدارس، والأهم ري الأشجار في أشهر الجفاف.

مشاركون وفعاليات

وحضر المهرجان أمين عام مجلس الوزراء صلاح عليان، ومستشار السيد الرئيس زياد البندك، ورئيس غرفة تجارة وصناعة بيت لحم سمير حزيون، ونائب رئيس جامعة بيت لحم بيتر براي، ومدير عام الحكم المحلي في بيت لحم شكري ردايدة.

وقدم طلبة مدارس: دار الكلمة، وبطريركية الروم الكاثوليك، ولوثرية بيت ساحور، وماريوسف، وبنات بيت جالا الثانوية، والراعي الصالح، والحلبي، وبنات بيت ساحور الثانوية، والمستقبل (رام الله)، والجرمق، والكلية الأهلية (رام الله)، ومركز إحياء إرطاس للتراث الشعبي، ومسرح عناد فقرات فنية، وأغانٍ تراثية، ودبكة، ومسرحيات ذكرت كلها بأهمية الشجرة المباركة، ودعت للارتباط بالأرض.

فيما أحيا الفنان قاسم النجار أمسية غنائية حاشدة، تواصلت حتى ساعات المساء، في وقت قدمت أجنحة المهرجان منتجات زيت وزيتون، مصنوعات تراثية ومطرزات، وخشب زيتون. وأقيم المهرجان بدعم ورعاية من عدة مؤسسات وطنية وأجنبية.