وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الشهداء لا يرحلون..إنهم لا يرحلون

نشر بتاريخ: 28/02/2018 ( آخر تحديث: 28/02/2018 الساعة: 11:37 )
الشهداء لا يرحلون..إنهم لا يرحلون
الكاتب: أسامه منصور (أبو عرب)
هذه هي الحقيقة الجميلة التي تُريح البعض وتُزعج البعض ولا يكترث لها البعض.. أنّ الشهداء لا يرحلون.
تُحلّق هذه الأرواح في سماء الوطن.. لكنّها تظلّ تتمركز في المحيط الذي استشهدت فيه، وحيث دارت المعركة أو حيث استشهدوا أبرياء عُزّل إلّا من حجر أو كلمة أو مرور بالطريق.
تظل هذه الأرواح تلعن هذا الإحتلال البغيض، تظل تشير لهذا الظلم المجرم المُكرس عبر آلة الحرب النازية القاتلة التوّاقة لسفك الدماء مستلهمة أقصى أبعاد العنصرية المقيتة في كل مكوناتها مستوطنين وما يسمّى جيش وحثالات من بشر يستمرئون إراقة الدم الفلسطيني الطاهر.
وتظل هذه الأرواح تراقب ممارساتنا بشكل جمعي وبشكل منفرد، بشكل فصائلي أو حزبي وبشكل مستقل، وهذه الأرواح أعظم من الخطابات التي تُنْثَر لحظة مواراة الجثامين وأكبر بكثير من الأكاليل التي توضع على القبور بعد مواراة الجثامين، إنها تنظر وتنتظر وتراقب وتتفاعل مع كل حدث فتستطيع أن تحدّد من في صف الشهداء ومن ضدّهم، تستطيع أن تحلّل كل ممارسة لكل واحدة وواحد فينا، كما تستطيع وبكل يقين أن تقرأ دواخلنا وبواعثنا وسبب قيامنا بما نقوم به، لذا فإن هذه الأرواح العظيمة لا تنافِق ولن تنافق كما أنها لا تقبل القسمة على الأجندات والمبررات والمسوغات والترّهات والشخصنات، وتظل تحلّق عارفِة عالمة بالحكايات التي نصيغها من بعد رحيل الأجساد، لاعنة لعنة أبدية لكذبة كبيرة يعيشها البعض ولِ"خراريف حديدون" الغير موجودة، وتظل غاضبة ما لم نسافر جميعا صادقين محبين مخلصين للوطن المحتل.
على ضفاف هذا الوطن المحتل ومن أجله استبسل عشرات الآلاف واقتلعوا أرواحهم من أجسادهم ونثروها في جذع زيتون لا شرقي ولا غربي، لا شمالي ولا جنوبي، فتبرعم في جذوع الزيتون شقائق وانطلق بثقة يبحث عن الشمس والحرية، وتجذّرت جذوره أكثر حتى وصلت أقاصي الأرض تلتف حول الأعناق المنافقة فتخنقها وتداعب الأعناق الصادقة فتحتضنها وترويها وتلهمها الصبر والاستمرار.
هذه الأرواح التي تعرفنا تستحق منا قليل من الوفاء لها عبر حبنا واتحادنا من أجل الوطن كله.
المجد للشهداء ولعل شقائق النعمان تكبر فينا فتنير الظلمة المستأسدة على المشهد كله.