وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

قرار المحكمة ليس لحل التشريعي بقدر ما هو لحل الأزمة المستعصية

نشر بتاريخ: 23/12/2018 ( آخر تحديث: 23/12/2018 الساعة: 16:56 )
قرار المحكمة ليس لحل التشريعي بقدر ما هو لحل الأزمة المستعصية
الكاتب: خضر خليل شعت
ربما يغضب البعض من قرار المحكمة الدستورية بحل التشريعي، لكن بعد فترة سيدركون أن الأمر جاء لحل أزمة الانقسام وليس افتعال لأزمة كما يتراشق البعض، وسيكون عاملاً مسرعاً في الذهاب لمصالحة بنمط جديد أو بتطبيق ما تم الاتفاق عليه بالقاهرة، لأن قرار المحكمة هو قرار أعلى هيئة قانونية، ولم يصدر من رئيس ولا هيئة سياسية أو حزبية ما، حتى يقال عنه تجاوز صلاحيات ولا تعدي سلطات، وأنصح باستحضار المنطق الواقعي والعملي لواقعنا المرير، واستبعاد لغة التأجيج الانقسامي والجدل الفقهي بأن حل المجلس التشريعي هو تعدٍ على احدى مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني، أصلاً المجلس التشريعي فقد جوهر أهليته كمؤسسة دستورية أيضاً، حيث فقد سيادته على نفسه وغابت وحدته ومضمونه ودوره المجتمعي والسياسي والتشريعي، فأصبح هيئة تآكلت شرعيتها بانتهاء فترته، وأيضا بتعطيل عمله بحكم الانقسام، وأيضا فقد أهليته كمؤسسة وحدوية بسلوك نوابه وكتله البرلمانية التي كانت جزء من الأزمة، وبالتالي تعالت أصوات كل المواطنين والمثقفين وأصحاب الرأي والأحزاب عن غياب التشريعي وفقدان دوره، وأي تنشيط وتفعيل لدورة في هذه المرحلة سيحمل بذور الانقسام في كل قراراته القادمة.
لهذا أرجو النظر بايجابية لمضمون قرار المحكمة وفحواه أكثر من النظر للشكل السياسي للقرار وردات الفعل السريعة، وهنا أذكّر المحللين وأصحاب الرأي أن قرار المحكمة يتضمن شقين مترابطين، الأول حل المجلس التشريعي بحكم أنه فاقد الدور والفعالية أصلاً، فلا مجال للتباكي عليه، فتجديده أصبح مطلب شعبي،
والشق الآخر لقرار المحكمة هو إجراء انتخابات قريبة للمجلس التشريعي، يعني جزئية حل المجلس التشريعي لم تهدف لإحداث فراغ مؤسسي؛ بل لتجديد شرعية النظام السياسي وتجديد أشخاصه وخارطته وخطابه ورؤيته وتقويته، وتجديد ما ينتج عنه من تشكيل حكومة وقرارات قانونية وخطوات وطنية واجراءات وظيفية ومجتمعية، وبالتالي تقوية النظام السياسي في ظل المؤامرات التي تستهدف مشروع التحرر وبناء الدولة ونظامها السياسي.
وأيضا قرار المحكمة نبع من نبض المواطن والشعب سيد السلطات، حيث يعطي الكلمة الفصل للمواطنين المغلوبين على أمرهم من الانقسام والظلم والقهر بعدما فشل السياسيين والنواب بالتصالح واجراء الانتخابات، يعني قرار المحكمة حتى لو اعتبرناه خلق أزمة مؤقتة بحل المجلس التشريعي، لكنه وضع حل سريع لها وهي وضع جدول زمني للانتخابات، وذلك سيدفع لحل كل الأزمات المختلف عليها بين الأحزاب وبعضها وبين الحكومة والأحزاب وبين المواطن والحكومة وغيرها، وحول قرارات الرئيس التي تنتظر المصادقة عليها، والتصدي للقضايا الوطنية والحياتية للمواطنين، وبالتالي ستظهر ايجابيات قرار المحكمة بعد انفضاض موجة السخط والانتقادات المعهودة،
وهنا أذكر؛ أليس حماس في ورقتها الأخيرة لمصر طالبت بانتخابات؟ ألم يطالب السيد اسماعيل هنية خلال كلمته في انطلاقة حماس بالانتخابات؟ ألم تنص اتفاقات المصالحة جميعها على الذهاب للانتخابات لتجديد الشرعيات؟ ألم تؤجل المحكمة الدستورية النظر في هذا الشأن مسبقاً وأعطت فرصة للمجلس التشريعي والحكومة والأحزاب بإنهاء الأزمة الحالية بشأن إعاقة الانتخابات السياسية والمحلية وتعطل المؤسسات التشريعية لكنهم فشلوا وخيبوا ظن المواطن؟
وبالتالي جاء قرار المحكمة قانونياً عميقاً ووطنياً واعياً وسياسياً هادفاً لحل كل الأزمات، وهذا ما يستدعي من السياسيين والمثقفين والمواطنين فهم قرار المحكمة وجوانبه القانونية والسياسية والاجتماعية العميقة، الستة شهور هي فترة قصيرة يفترض من المعترضين عدم إضاعتها كما ضيعوا 12 عاماً مؤلمة، وأنصحهم بالذهاب لمصالحة سريعة وخلق أجواء توافقية لانجاز الانتخابات، واستعادة لغة التنافس الشريف وثقافة الديمقراطية والتعددية والشراكة الوطنية.