![]() |
قانون الضمان الاجتماعي
نشر بتاريخ: 26/01/2019 ( آخر تحديث: 26/01/2019 الساعة: 19:37 )
![]()
الكاتب: السفير حكمت عجوري
الاعتراض الشعبي على قانون الضمان الاجتماعي في فلسطين والذي نراه يكبر يوما بعد اخر كان من المفروض ان يكون مثيرا جدا للاستغراب خصوصا وانه اعتراض من قبل شعب ليس متعلم فقط وانما معلم وبكل ما تعنيه الكلمه من معنى وهذه حقيقة، خصوصا وان هذا القانون يعتبر ضمانة لحياة افضل كونه يحمل في ثناياه مضادات الجوع والفقر وامتهان الكرامة الانسانية في حالات العجز والمرض والاهم من كل ذلك ان هذا القانون له مذاق سيادي كلنا نتوق اليه وذلك من خلال المسؤولية التي يلقيها تطبيق القانون على كاهل اولي الامر على اعتبار انه حق انساني كما هو الحال في كل المجتمعات المتحضرة وهو الامر الذي جعلني اتردد في ان اكتب في غير صالح تطبيق القانون وذلك لثقتي العمياء في شعب الجبارين وقدرة هذا الشعب على الابداع.
ومن حيث ان الرفض يأتي من هذا الشعب الذي هو كما اسلفنا المعلم فعلى القائمين على امر هذا القانون ان يستمعوا ويصغوا لهذا الشعب، لا ان يكابروا ويعاندوا وبالتالي ان يفرضوا ما يعتقدون انه الافضل والاصلح من وجهة نظرهم، ربما غير مدركين ان هذا الشعب ما زال يتعامل يوميا وبنجاح مبهر مع شقاء وبؤس العوز بدليل انه ما زال حيا ومبدعا وخلاقا اضافة الى ان هذه المعاناة او هذا التعامل بكل ارهاصاته قد يبدو غير مألوف على من صاغ القانون. الامر الذي يجعل من وجهة نظر الشعب ممثلة فيما اصبح يطلق عليه الحراك هي التي يجب ان تُسمع في هذا السياق وفي هذا الوقت بالرغم من اي ادعاء لافتقار هذا الحراك للاجماع الشعبي ولكن يبدو انها الغالبية وهي في هذه الحالة لا بد وان تُحترم خصوصا وانها تشكل اساسا للمبدأ الديمقراطي الذي لو انهار فلن يكون هناك ضرورة لقيام الدولة التي تكتب دستورها وتطوره وتعدله في كل يوم بدماء وارواح هؤلاء الذين يرفضون قانون الضمان الاجتماعي بالرغم من ادراكهم ان هذا القانون مكون اساسي من مكونات العدالة الاجتماعية الفلسطينية التي تخصهم في المقام الاول. وربما للتذكير فقط نقول ان السبب الاساسي في عدم قيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة الى يومنا هذا بالرغم من الاجماع الدولي على قيامها كاستحقاق لشعب اجمع العالم ايضا على حقه في تقرير مصيره هو تغييب العدالة الدولية، وذلك بسبب اختفاء الشرعية الدولية والقانون الدولي، اللذان يشكلان حماة هذه العداله وسدنتها بسبب اختطافهما من قبل قراصنة العصر والى ان يتم تحريرهما من براثن هؤلاء لا يملك الشعب الفسطيني الا الاعتماد على ذاته مجسدة بقواه البشرية، وتماسكها الداخلي كأساس للصمود في وجه الاحتلال الصهيوني من اجل الوصول للانتصار الذي اصبح يقر بحتميته حتى هؤلاء القراصنه ولو في داخلهم وربما كانت توقعات المؤرخ الصهيوني بيني موريس لمستقبل دولة اسرائيل بعد خمسين سنه تدور في نفس الفلك. ومع ان مصطلح اختطاف للشرعيه الدوليه قد يبدو فيه مبالغه غير مستحبه الا ان ما جرى في عالمنا ومنذ وصول اراجوز معتوه لرئاسة اقوى دوله في العالم وتبعيته بشكل مباشر او غير مباشر لقوانين الحركه الصهيونيه وادواتها التي ساهمت والى حد كبير في وصوله للرئاسه وهو الامر الذي لا اجد بسببه في قاموس اللغه السياسيه الدوليه اي مصطلح اخر غير الاختطاف لوصف حالة العبث اللامعقول التي يعاني منها المسرح السياسي الدولي والتي تنعكس سلبا على كل زاويه من زوايا العالم وليس ادل على ذلك من تلك التهديدات العلنيه للمؤسسات الدوليه الحاضنه للسلم والامن الدوليين من قبل الادوات التنفيذيه لهذا الرئيس الاميركي والتي تجاوزت كل الخطوط الحمر كذلك عندما قامت بتهديد دول ذات سياده ان هي خرجت عن طوع اداره هذا الاراجوز. وعليه وفي نفس السياق كان الاولى في من يحاول فرض قانون الضمان الاجتماعي بالقوه والمكابره ان يبحث عن السبب الاساس في هذا الرفض الشعبي له وان يتعامل مع السبب او الاسباب وان يعالجها بسحر الثوره واخلاقها كونها ما زالت تشتعل في داخل كل فلسطيني اينما وجد كون ذلك هو قدره حتى قيام دولته وعاصمتها القدس ، عندها فقط يصبح كل هؤلاء الرافضين للقانون المذكور وغيره سندا وحماة لهذا القانون كما هم الان حماة للمشروع الوطني باكمله وذلك من خلال اختيارهم ديمقراطيا في من يثقون بهم لتولي امرهم حتى يجدفوا معهم طوعا دون توقف حتى الوصول الى بر الدوله. قبل معركة الكرامه في مارس 68 كان عدد حملة رايات وبنادق التحرير يعدون على الاصابع الا انه وعلى عكس ما يجري الان في ولادة حراك شعبي يعارض الضمان الاجتماعي ولد بعد الكرامه حراك شعبي موالي للثوره لدرجه انه لم يكن هناك امكانية لاولي الامر في حينه من استيعاب ذلك المد الجماهيري والسبب يكمن في الثقة التي تولدت على ارض المعركه بين الشعب وقيادته والتي هي على العكس مما يجري الان حيال قانون الضمان الاجتماعي علما بان الشعب ما زال هو نفسه ، شعب الجبارين، وان الفارق في الثمن المطلوب لكلا الحالتين ليس ملفتا فحسب وانما مبهرا، بحيث كان الثمن المطلوب من الشعب ابان المعركه وبعدها لم يكن مجرد 7% من مرتباتهم ووعود بان تعود لهم اضعاف مضاعفه بعد ذلك كما يفترض قانون الضمان الذي نحن بصدده وانما كان الثمن المطلوب هو ارواحهم التي قدموها رخيصه والسر في ذلك يعود وكما اسلفنا لثقة الشعب في قيادته التي كان الرئيس ابو مازن احد اعمدتها حيث كان يحكمهم جميعا دستور ثوره اساسه المساواة بين الشعب والقياده بما في ذلك الاستشهاد من اجل الوطن. |